Site icon IMLebanon

50 مليار ليرة مستحقات المصارف على “الإسكان”… آثار العجز المالي تنال من القروض السكنية الجديدة؟

Safir

عدنان الحاج

تتسع المفاعيل للتقصير المالي للدولة من فترة على أخرى، فتتنقل من عجز الكهرباء الذي يفوق الملياري دولار سنوياً، إلى الخلافات على تشريع النفقات الذي يهدد رواتب موظفي القطاع العام نتيجة الخلافات على الجلسات النيابية التشريعية، ناهيك عن خلافات «سلسلة الرتب والرواتب» القائمة حول الكلفة وتأمين الإيرادات الحقيقية لتغطية النفقات الجديدة.
آخر مظاهر تقصير الدولة ظهر من خلال عجز «المؤسسة العامة للإسكان» عن تسديد مستحقات القروض السكنية بما قيمته حوالي 50 مليار ليرة، وهي عبارة عن فوائد مترتبة على القروض السكنية المدعومة الفوائد لأصحاب الدخل المحدود، ما يهدد بوقف القروض الجديدة عبر مؤسسة الإسكان التي كانت تقدمها المصارف بناء لاتفاقية بين المصارف والدولة. المبلغ ليس كبيراً قياساً على قروض قيمتها المصارف والمؤسسة بـ3 مليارات دولار لحوالي 49 ألفاً و300 مقترض من مؤسسة الاسكان. هذه الفئة لا مخاطر عليها نتيجة طلب «جمعية المصارف» التريث بإعطاء القروض الجديدة للسكن حتى تحصيل المتوجبات بانتظار معالجة تسديد المبالغ المترتبة للمصارف على مؤسسة الإسكان، وبالتالي على الدولة التي كانت تخصص هذه المبالغ سنويا بموجب القانون الخاص لدعم فوائد قروض ذوي الدخل المحدود.
وعلمت «السفير» أن وزير المال سيخصص مبلغ 10 مليارات ليرة لتسديد بعض المتوجبات، لكنها لن تكون كافية على ما يبدو لمعالجة المشكلة، خصوصاً أن المبلغ المطلوب لإعادة تحريك القروض ليس كبيراً مقارنة مع مشكلة تحريك القروض السكنية للشباب الذين ينتظرون دعم الدولة لشراء مساكن بالتقسيط. إشارة هنا إلى أن رواتب الموظفين في المؤسسة العامة متوقفة منذ أشهر نتيجة عجز المؤسسة عن تسديد المستحقات، وهذا يعود لعدم لحظ الاعتمادات الخاصة للمؤسسة في الموازنة العامة، ولعدم وجود توازن بين نفقات المؤسسة وعائداتها.

اتفاقية بين 29 مصرفاً والمؤسسة

في التفاصيل حول هذه المشكلة الجديدة، أن هناك اتفاقية بين «المؤسسة العامة للإسكان» و29 مصرفاً تمت بناء لبروتوكول مع «جمعية المصارف» وقعت في العام 1999 (أي منذ حوالي 14.5 سنة). تقضي هذه الاتفاقية بإعطاء قروض سكنية لذوي الدخل المحدود لمدة 30 سنة تقسم إلى قسمين:
– يدفع المقترض في الـ15 سنة الأولى القسط للمصرف الذي حصل على القرض منه، وتتولى «المؤسسة العامة للإسكان» إقفال الفوائد عنه في هذه المدة أي الـ15 سنة الأولى.
– القسم الثاني يقضي بأن يسدد المقترض الفوائد وفائدة الفوائد للمؤسسة العامة للإسكان على الـ15 سنة الثانية.
وهذه الآلية معتمدة بموجب البروتوكول وتنفذ منذ 14 سنة تقريباً.
ما حصل حالياً أنه منذ بداية العام 2014 لم تستطع «المؤسسة العامة للإسكان» أن تسدد الفوائد المترتبة عليها عن المستفيدين من القروض خلال الـ15 سنة نظراً لتقصير المبالغ الداخلة على المؤسسة مقارنة مع المتوجبات عليها. وهذه المتوجبات المتراكمة على المؤسسة عن العامين 2013 و2014 تقدر حالياً بحوالي 50 مليار ليرة.

غياب الموازنة وعدم إعطاء سلفات

أما السبب في تقصير المؤسسة مالياً فيعود لوقف لحظ اعتمادات القروض السكنية المدعومة من قبل الدولة نتيجة غياب الموازنة، وعدم إعطاء المؤسسة سلفات خزينة لتغطية متوجباتها في غياب الموازنة العامة التي كانت تلحظ سنويا هذه العباء لدعم القروض السكنية لذوي الدخل المحدود على اعتبار أن مرتفعي الدخل يستفيدون من قروض مصرف الإسكان وليس المؤسسة التي تكون فوائدها أقل نتيجة دعم الدولة.
نتيجة تخلف مؤسسة الإسكان عن الدفع اجتمع مجلس إدارة «جمعية المصارف» ليدرس الموضوع فقرر إحالته إلى لجنة الشروط المصرفية التي تضم حوالي 12 مصرفاً ويرأسها سليم حبيب رئيس مجلس إدارة «انتركونتننتال بنك». درست هذه اللجنة الملف مع «المؤسسة العامة للإسكان»، وطلبت التريث في إعطاء القروض الجديدة، بمعنى وقف القروض السكنية الجديدة حالياً لإيجاد حل في قضية دفع الفوائد المترتبة على المؤسسة.
وعلمت «السفير» أن جمعية المصارف ستجري لقاءات مع وزير الشؤون الاجتماعية كونه وزيراً للوصاية ومع بعض المسؤولين بعد الأعياد لمعالجة الموضوع، خصوصاً أن مبلغ 50 مليار ليرة لا يعتبر كبيراً من أجل وقف القروض السكنية لفئات الدخل المحدود، بما يعني أن الأمر أصبح بين الدولة ومخصصات مؤسسة الإسكان التي توقفت مع توقف الموازنات العامة، خصوصاً أن القانون الخاص بالمؤسسة العامة للإسكان والتعديلات التي طرأت بموجب القانون 719/98 الخاص بالمؤسسة ينص على أن «يُلحظ سنوياً في الموازنة العامة اعتماد للمؤسسة العامـة للإسكـان يغطي التزاماتها مع مصادر التمويل»، وهـذا يعني تغـطية المتوجبـات، هذا أمر لم يلحظ منذ سبع سنوات. لقد بات الأمر عند الدولة التي يفترض أن تدعم فوائد القروض السكنية للمداخيل الصغيرة بموجب منطوق القانون، وليس عند المصارف ومؤسسة الإسكان.
تبقى إشارة إلى أن غياب الموازنـات العامة كـانت تغطى بسلف خزينة من الدولة عند وجود مستحقات معينة، لكن غياب الموازنات مع قلة عائدات المؤسسة العامة للإسكان أدى إلى هذا العجز في تغطية المستحقات.