جيمس ماكينتوش
هناك جراج بمساحة تبلغ 9 أقدام في 18 قدماً في لندن للبيع بسعر نصف مليون جنيه. مشتر مجهول للتو، دفع 2.5 مليون جنيه مقابل سرير. في الوقت نفسه، ارتفعت أسهم التكنولوجيا الحيوية بنسبة 15 في المائة سنوياً من المستوى المنخفض لها في 2002، لتصل ذورتها في 2008، وبنسبة 25 في المائة سنوياً من المستوى المنخفض لعام 2009 حتى بداية العام الماضي، وبمعدل سنوي يبلغ 50 في المائة منذ ذلك الحين.
يقول المؤرخ المالي راسل نابير: “إن الجميع يترقبون وقت الفقاعة. علينا جميعاً أن نترقب وقت الفقاعة، لأن المصارف المركزية تترقب وقت الفقاعة”.
لقد كانت فقاعة الإسكان حديث كل حفلة عشاء في لندن لبضعة أعوام، لكن خلال العام الماضي أصبح من الصعب الحصول على نقاش بشأن تقييم الأسهم، أو السندات الخطرة، أو الفنون أو سندات الأسواق الناشئة، دون التساؤل عما إذا كانت الأسعار مفرطة في التضخم.
في الصحافة المالية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، كان هناك حديث عن فقاعات السوق في الشهور الـ 18 الماضية، أكثر من أي وقت مضى، عنها.
بيد أن السؤال هو: ما هي الفقاعة؟ خبراء الاقتصاد لا يتفقون على ذلك، لدرجة أن البعض – بقيادة يوجين فاما، مؤسس فرضية الأسواق الفعّالة – يرفض وجود أي شيء من هذا القبيل. الأمر الوحيد الذي يتفق عليه الباقون، هو أن أي فقاعة لا بد أن تنتهي بانخفاض الأسعار.
خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، تم استخدام كلمة “فقاعة” لوصف الاحتيال، وهو ما تبين أنه يصف شركة بحر الجنوب.
هوس المضاربة غالباً ما ينطوي على الكثير من الاحتيال – كما لا يزال يتبين لنا من غرامات المصارف لفترة ما بعد الطفرة – لكن خبراء الاقتصاد هذه الأيام يميلون للتركيز على المضاربة، وليس الخداع.
أحد التعريفات المستخدمة جيداً هو أن الأسعار تكون أعلى بكثير مما يمكن تبريره من خلال توقّع معقول للأرباح في المستقبل. للأسف، لا أحد يتفق على ما يعتبر معقولاً. تشير أسهم وسائل الإعلام الاجتماعية والتكنولوجيا الحيوية إلى أن أي توقّع عقلاني لأحد المستثمرين، هو فقاعة مستثمر آخر.
جيرمي جرانثام، كبير خبراء استراتيجية الاستثمار في GMO لإدارة الصناديق، يعتمد وجهة نظر رياضية، فهو يُعرّف أي فقاعة بأنها عندما ترتفع الأسعار بقدر اثنين من الانحرافات المعيارية أعلى من القاعدة – وهو ما قد يحدث مرة واحدة كل 44 عاماً، في حال تصرفت السوق كما قد يرغب الإحصائيون.
بطبيعة الحال، الأسواق ليست مرتبة جداً، وقد وجد جرانثام فقاعات كبيرة كل 31 عاماً، لكن مع الكثير من الفقاعات الصغيرة. من بين الـ 330 فقاعة التي حددها، هناك 30 منها لم تنفجر، على الأقل حتى الآن، وجميعها كانت في أصول غامضة.
هناك تعريفات أخرى تعتبر أكثر تقييداً، وهي تتطلب زيادة واضحة في المضاربة أو خطر الضرر الكبير على الاقتصاد. لذلك فإن الكثير من “الفقاعات” الصغيرة لا تصلح لأن تندرج تحت هذا التعريف، لأنها لا تؤذي سوى عدد قليل من المستثمرين عندما تنفجر، بما في ذلك فترات الطفرة والانهيار في أسهم شركات الطباعة ثلاثية الأبعاد أو شركات مناجم المعادن النادرة.
كليف أسنيس، مؤسس صندوق التحوّط AQR، يحاول أن يجعل الحديث عن الفقاعات يقتصر على التقييمات المتطرفة، كما في فقاعة الدوت كوم، ويستثني منها الحالات حيث الأسهم مُكلفة ببساطة (كما هي الآن).
اكتشاف الفقاعات الأمر السائد حالياً. إدوارد تشانسلر، وهو مدير صندوق سابق ومؤلف كتاب تاريخ عن المضاربات، يقول إنه بفضل سياسات الأموال السهلة للمصارف المركزية: “نملك الظروف المالية لحدوث فقاعة”.
يغلب على الفقاعات التضخم في نوعين من الأصول: تلك التي من الصعب بيعها في وقت مبكر، أو المراهنة ضدها؛ وتلك التي تجلب القليل من الأرباح أو العوائد لتوفير أساس للتقييم. الإسكان يندرج تحت الفئتين معاً، مع الميزة الإضافية التي تتمثل بكونه سهل الانتفاخ.
شركات الدوت كوم في عام 1999، وأسهم السكك الحديدية في الأربعينيات من القرن التاسع عشر، وهوس شق القنوات في التسعينيات من القرن الثامن عشر، أضافت إلى الأمام تكنولوجيا جديدة، مع الوعد بقلب مقاييس التقييم التقليدية.
بعد أن يقرر المستثمرون ما هي الفقاعة، سيواجهون سؤالين: هل بالإمكان اكتشاف الفقاعة؟ وإذا كان الأمر كذلك، كيف سيجنون الأموال منها؟
يقترح تشانسلر أربعة قواعد بسيطة لاكتشاف الفقاعة: يجب أن يكون السعر، بشكل واضح، لا يتلاءم مع الوضع الطبيعي. كما أن التوقعات، يجب أن تبدو غير واقعية بشكل واضح. كما ينبغي أن يكون هناك دليل واسع النطاق على الاحتيال أو المضاربة. وأخيراً، الأموال نفسها، ينبغي أن تكون سهلة، بفضل إما المصارف المركزية أو الابتكارات المالية.
أما فيما يتعلق بتحقيق الربح، يقول جيم تشانوس، مؤسس صندوق تحوّط كينيكوس في نيويورك، إن الحيلة هي بالتركيز على “الطفرات التي تُخفق” حتى نتمكن من إدراك متى ستنفجر الفقاعة.
هذا يعني البحث عن طفرات حيث يتم استخدام الديون لتمويل الأصول التي لا تنتج ما يكفي من النقود لخدمة القروض.
يقول: “إن الفتيل يميل ليكون أقصر من ذلك بكثير في هذه الحالات. في فقاعات تقييم الأسهم، يمكن أن يستمر التقييم بالارتفاع إلى أجل غير مسمى”.
خلال طفرة الدوت كوم، ذلك كان يعني البيع على المكشوف لشركات المعدات وكوابل الإنترنت التي تستدين مبالغ كبيرة بالرفع المالي، وليس شركات الدوت كوم نفسها. أما اليوم، فذلك يعني المراهنة ضد الصين.
كايل باس، مؤسس هايمان كابيتال مانيجمينت، وهو صندوق تحوّط في دالاس، يقول: “إن الجزء الصعب ليس تحديد الفقاعة؛ الجزء الصعب هو تحديد توقيت الفقاعة”.
الذين لم يؤمنوا بالدوت كوم فقدوا وظائفهم أو شهدوا انسحاب عملائهم. أما أولئك الذين كشفوا مبكراً عن فقاعة القروض العقارية، فقد خاضوا وقتاً صعباً لإبقاء الزبائن على الجانب أيضاً. كان توقيت بام لفقاعة القروض العقارية جيداً، وتبعها بالمراهنة ضد اليونان.
الآن يتم تداول على المكشوف بالنسبة لليابان، عبر سوق الخيارات. لقد كان أقل حظاً هنا، بعد أن احتفظ بالتعامل لمدة أربعة أعوام. ويضيف أن سوء التسعير “الكبير” يعني أن المراهنة ضد السندات اليابانية، رخيص جداً بحيث يمكن أن تخسر المال لمدة ثمانية أعوام، وتظل في وضع جيد.
النقاش لا يزال بخصوص الأسهم. يقول جرانثام إن مؤشر ستاندرد آند بورز يحتاج إلى أن يصل إلى ,2250 نقطة (من 1988 اعتباراً من إقفال يوم الخميس) ليتم وصفه بالفقاعة، لكنه يتوقع أن يبلغ ذلك الرقم.
ويضيف: “نحن في أيدي “الاحتياطي الفيدرالي”، وطالما كان “الاحتياطي الفيدرالي” ينوي مواصلة هذه اللعبة – ومن الواضح أنه ينوي ذلك – فإن الاحتمال هو أن السوق ستذهب من كونها فوق أسعارها الحقيقية، إلى المزيد من الأرقام فوق الأسعار الحقيقية”.
يواجه المستثمر الحصيف معضلة. من الأفضل أن يتم تجنب الفقاعات، بالنظر إلى صعوبة تحديد الموعد الدقيق للخروج منها، لكن حيث إن “الاحتياطي الفيدرالي” هو الذي يضخ الهواء في الفقاعة، ففي أي مكان آخر يستطيع أن يضع أمواله؟