أشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى إبحار أول ناقلة نفط أمريكية للتصدير إلى كوريا الجنوبية مساء أمس الأربعاء متفادية منع تصدير النفط الأمريكي والمفروض منذ 40 عاما عقب ازدهار عمليات الحفر آباء النفط الأمريكية التي يمكن أن تولد طفرة في النفط الخفيف جدا.
وتعد الناقلة التي تحمل علم سنغافورة وهي ب دبليو زامبيزي أولى السفن التي ستنقل النفط الأمريكي للتصدير إلى الخارج بموجب قراءة جديدة للقانون الاتحادي الأمريكي الذي يحظر تصدير النفط للخارج، حيث تضخ بثر من حقل نفطي واحد فقط ما يصل إلى 800 ألف برميل من النفط الخفيف. تعد هذه الشحنة المصدرة لكوريا الجنوبية مقدمة لرفع الحظر المفروض على صادرات النفط الخام الأمريكية بالكامل بعد قرار وزارة التجارة الأمريكية بالسماح لشركتين بتصدير مكثفات نفطية معالجة بصورة طفيفة “أو ما تعرف بالمكثفات المركزة” من جنوب تكساس.
ويشير الدكتور نعمت أبو الصوف في صحيفة الاقتصادية السعودية بالقول إن سماح وزارة التجارة الأمريكية، من خلال مكتب الصناعة والحماية لشركتين بتصدير كميات من المكثفات المركزة من حقل الصخر الزيتي النسر فورد Eagle Ford في تكساس. عملية التركيز تتضمن إزالة المركبات الهيدروكاربونية الأكثر تطايرا “الخفيفة جدا” خصوصا الميثان والإيثان لجعل السوائل أسهل في التخزين والنقل. إن عملية تركيز المكثفات تعتبر أقل تعقيدا من عملية التكرير التي تتم في مصفى المكثفات النفطية Condensate Splitter، حيث إن هذه الأخيرة تقوم بفصل المكثفات بصورة تامة إلى جميع مكوناتها، بما في ذلك سوائل الغاز الطبيعي المتطايرة، النفثا، وقود الطائرات والديزل.
في هذا الجانب تصر وزارة التجارة الأمريكية على أن الموفقات التي منحت لا تمثل أي تغيير في سياسة الحظر على تصدير النفط الخام، على ما يبدو أن صناع القرار ما زالوا غير متأكدين من تبعات رفع الحظر على الأسواق المحلية خصوصا أسعار الجازولين. لكن هذا القرار سيشجع شركات أمريكية أخرى على تقديم طلباتهم إلى مكتب الصناعة والحماية للحصول على موافقات على عمليات تركيز المكثفات الخاصة بهم، ما قد يسمح بتصدير المزيد من السوائل الخفيفة. من الصعب جدا الحصول على أرقام دقيقة لكميات المكثفات المنتجة، لأسباب ليس أقلها تعريف ما هي المكثفات الذي غاليا ما ينطوي على متطلبات عشوائية لكثافة المقطرات الناتجة.
تشير أحدث البيانات لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن إنتاج المكثفات النفطية بلغ 750 ألف برميل في اليوم في عام 2012. تضع بعض دور المعرفة الإنتاج الحالي عند 1.2 مليون برميل في اليوم، وتتوقع أن يصل إلى 1.8 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2018. الأسواق المحتملة لمكثفات الولايات المتحدة هي آسيا – المحيط الهادي، حيث إن العقوبات المفروضة على إيران قد أثرت سلبا على كميات المكثفات النفطية المتجهة شرق قناة السويس. إن نقص إمدادات المكثفات شرق قناة السويس سيتفاقم مع بدء تشغيل مصافي المكثفات النفطية الجديدة في كل من سنغافورة وكوريا الجنوبية بطاقة 380 ألف برميل في اليوم في الفترة من شهر حزيران (يونيو) وحتى نهاية هذا العام. في الوقت الحاضر يتم تداول المكثفات القطرية بعلاوة ثلاثة دولارات للبرميل فوق النفط القياسي لمنطقة الشرق الأوسط والخليج – دبي، مقارنة بخصومات أربعة دولارات للبرميل قبل عامين.
في حين يتم تداول المكثفات النفطية في الولايات المتحدة حاليا بنحو 20 دولارا للبرميل تحت أسعار خام غرب تكساس الوسيط، معظم هذه المكثفات هي من موارد الصخر الزيتي مثل النسر فورد في تكساس وهذا الفرق يؤثر بدوره على أسعار بعض الخامات. لذلك السماح بتصدير بعض المكثفات النفطية سيعزز من موقف الشركات عن طريق تضييق هذه الفجوة، وبصورة عامة سيقلل من فائض السوائل الخفيفة جدا في الأسواق الأمريكية.
بالطبع ليس الجميع سيكونون سعداء بالسماح لشركات النفط بتصدير المكثفات المركزة، حتما سيكون هناك خاسرون أيضا. حيث إن الجدوى الاقتصادية للعديد من مشاريع مصافي المكثفات الجديدةCondensate Splitter أصبحت فجأة موضع شك. حاليا يوجد نحو 450 ألف برميل في اليوم طاقات جديدة من هذه المشاريع طور التخطيط أو في مرحلة التنفيذ على ساحل الخليج وفي الوسط الأمريكي.
لكن ارتفاع إنتاج النفط الخام الخفيف جدا، خصوصا من النسر فورد، يثير مشاكل كبيرة لشركات تكرير النفط على ساحل الخليج الأمريكي التي استثمرت بكثافة في تحديث وحدات المعالجة لمصافيها لتكون جاهزة للتعامل مع النفوط الأثقل والأكثر حامضية القادمة من أمريكا اللاتينية، كندا ودول الخليج العربي. مع زيادة كميات النفط المحلي الخفيف جدا القادم للأسواق، حتما ستواجه مصافي النفط المعقدة محددات تشغيلية، ما قد يخلق اختناقات في وحدات المعالجة الثانوية. في حين أن تصدير المكثفات سيساعد على تقليل كميات النفط الخفيف جدا في الأسواق المحلية.