أبدى رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس استياءه وقلقه مما آلت إليه الأمور في موضوع سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام، مثنياً على اقتراح الرئيس فؤاد السنيورة زيادة الضريبة على القيمة المضافة 1 في المئة كنسبة موحّدة على الإستهلاك.
وعزا شماس في حديث لـ”المركزية”، تخوّفه من تطورات ملف السلسلة، إلى أسباب عدة:
– أولاً: موضوع السلسلة ليس تربوياً وليس سياسياً بل مالي بامتياز، لكن يتم تحريفه عن مساره الحقيقي، خصوصاً في ظل أخذ عشرات آلاف التلاميذ وذويهم رهينة والتلويح بتعليق تصحيح الإمتحانات الرسمية، ويجب علينا كلبنانيين عدم الخضوع إلى هذا الإبتزاز، ولنمضِ هذا العام في النتائج الأكاديمية لامتحانات الطلاب في مدارسهم. كما أطالب بإلغاء الإمتحانات الرسمية في لبنان، إذ على سبيل المثال أثمرت الدورتان الأولى والثانية من الإمتحانات في فرنسا، نجاح 88 في المئة من الطلاب الذين خضعوا لامتحانات البكالوريا الرسمية، وهي تدرس الآن إمكان إلغائها.
– ثانياً: ألقي العتب واللوم على عدد من النواب الذين سبق ووعدوا بإقرار السلسلة، ولم يستطيعوا حتى اليوم الإيفاء بوعدهم. كما ألوم هيئة التنسيق النقابية التي أوقعت أعضاءها في هذه الورطة، والذين لو لم يزايدوا في الموضوع لما دخلنا في هذه الدوامة التي ستقضي على الإقتصاد.
– ثالثاً: من الناحية النظرية، كانت الإيرادات في حدود الـ1350 مليار ليرة، أما الكلفة ففي حدود الـ2000 مليار. ومن ضمن الـ1350 ملياراً هناك أبواب ضريبية كثيرة ذات حساسية مفرطة في ما يتعلق بالنمو الإقتصادي، وبالتالي هناك ترابط عضوي بين الإيرادات المنتظرة من جهة والنمو الإقتصادي من جهة أخرى. هناك ضرائب مرتبطة بالإستثمار كما في موضوع التحسين العقاري الذي سيكون أدنى من التقديرات.
وتابع شماس: “أما بالنسبة إلى الإستهلاك، فكلما تراجع الأخير بنسبة 1 في المئة، يتراجع النشاط الإقتصادي بنسبة 0،8 في المئة. ونشهد اليوم انزلاقاً خطيراً في موضوع الاستهلاك في كل القطاعات التجارية، ما ينعكس على المالية العامة بمجموعة من الضرائب، منها: الرسوم الجمركية، الضريبة على القيمة المضافة TVA، وما يسمى بضريبة الإستهلاك الداخلي. وإذا استمر النمو الإقتصادي مكبوتاً على هذا النحو، فهناك نحو 1000 مليار ليرة من إيرادات الخزينة مهدّدة بسبب الوضع الإقتصادي.”
واستنتج أن “من ضمن السلة الجديدة البالغة 1350 ملياراً، يتأمّن عملياً ما يغطي غلاء المعيشة بقيمة 850 ملياراً التي يتقاضاها موظفو القطاع العام منذ 1- 2- 2012، أما ما تبقى من هذه السلة فهو غير مؤمَّن، موضحاً “لنتمكن من ردم هذه الهوة، أولاً يتم التداول في موضوع زيادة التعرفة الكهربائية والتي أصبحت حتمية، إنما لن نستخدم هذه الزيادة لتمويل السلسلة، إنما ليستفيد منها جميع اللبنانيين، من أجل تحسين أداء مؤسسة كهرباء لبنان وتحديداً بهدف زيادة ساعات التغذية. نعم لزيادة التعرفة، إنما هذه الأموال ستخصّص لرفع ساعات التغذية بالتيار الكهربائي، وليس لتمويل السلسلة.”
وأكد شماس أن من المستحيل القبول بنسبة الـ15 في المئة، لأنها ستؤدي إلى تعطيل قطاعات التي ليس لها من الكماليات إلا الإسم، فهل السيارة المستعملة هي من الكماليات!؟ كما أنه عند رفع الضريبة ستخسر الخزينة العامة من مصادر أخرى.
واعتبر “من هنا، الباب الوحيد والأكيد هو زيادة 1 في المئة على الـTVA كنسبة موحّدة على كل أنواع الإستهلاك. وكل 1 في المئة إضافية تؤمّن 300 مليار ليرة، مع التذكير بأن الإيجارات والصحة والتعليم معفاة من الـTVA. ومن الأفضل السير بنسبة الـ1 في المئة مع القاعدة الضريبية الواسعة.
وتابع: المطلوب في هذا السياق، تجزئة السلسلة، إذ أن الدولة تسدد اليوم 850 ملياراً كغلاء المعيشة، وما تبقى من الكلفة أي 900 مليار، يجب تقسيطها 300 مليار سنوياً ما بين 2014 و2016. ومبلغ الـ300 مليار يتم تحصيله من الضريبة على القيمة المضافة، لأن القطاعات الإنتاجية منكوبة أصلاً، كالتجارة حيث لم تتحرّك الأسواق في فترة عيد الفطر، والصناعة بفعل تراجع معدل صادراتها، والسياحة “حدّث ولا حرج”. كما أن مشروع موازنة 2014 يعاني من عجز في حدود الـ7000 مليار، وبدأت “العورات” المالية تظهر من كل صوب، أولاً في ما يتعلق بمؤسسة الإسكان التي لا تملك الأموال الكافية لتسديد الفوائد المستحقة للمصارف، ثانياً الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الذي لا يحصل أيضاً على مستحقاته حيث مترتبات الدولة له هي في حدود الـ1000 مليار، وبالتالي يعجز الضمان عن تسديد مستحقات المستشفيات التي بدورها تعاني من متأخرات مزمنة تفوق الـ120 ملياراً. ولفت إلى أن “فداحة المشكلة المالية نراها حالياً قبل إقرارالسلسلة، وبالتالي نحن أبعد ما نكون عن التوازن المطلوب في المعادلة المالية للسلسلة”.
وختم شماس: “ما يوحّد الآراء حول ملف السلسلة، هو الوقائع الإقتصادية بعيداً من السياسة والإعتبارات التربوية، والتركيز على الشق المالي، ووزارة المال هي أول المطلعين على الصعوبات المالية القائمة. وإذا دخلنا في مغامرة غير محسوبة النتائج فمن الممكن أن يفلت موضوع الدين والعجز، ما ينعكس ارتفاعاً في معدل الفوائد، ما يؤثر على الدين العام وندخل في دوامة ضرائب مرتفعة باضطراد، والوصول إلى التضخم “المشتعل”. فليستعن النواب بالهيئات الإقتصادية وهيئة التنسيق النقابية، لنصل بموضوعية اقتصادية، إلى الحلول التي توصل إلى المخارج المتوخاة التي تحمي الإقتصاد والخزينة في آن.”