Site icon IMLebanon

النزوح السوري يرفع نسبة البطالة والفقر في لبنان

Joumhouriya-Leb

طوني رزق

في كل عام وعقب زيارة فريق من صندوق النقد الدولي لبنان لمناقشة الملفات المالية والاقتصادية مع الاطلاع على احدث التطورات والاوضاع العامة، وبعد عودته الى المركز الرئيسي للصندوق، يعدّ هذا الفريق تقريراً لمناقشته مع المجلس التنفيذي.

وفي نهاية شهر تموز الماضي عقد المجلس التنفيذي المذكور مؤتمراً صحافياً عرض فيه خلاصة هذا التقرير عن لبنان 2014 والذي كان أنجز في 26 حزيران الماضي.

فشدد التقرير على انّ لبنان يواجه تحديات صعبة عديدة، فاقتصاده يعاني التدهور الاقليمي وتراجع النمو الاقتصادي فيه من 2,5 في المئة في العام 2012 الى 1,5 في المئة في العام 2013. وجاء ذلك مع تأثر أقوى النشاطات الاقتصادية فيه بحالة عدم الاستقرار المتزايدة وبتدهور الوضع الامني، أي القطاع العقاري والسياحة. وعلى رغم انّ لبنان تمكن من السيطرة على نسبة التضخم، فقد سجلت ضغوط متواصلة على الاسعار في القطاع الاسكاني.

ويبقى تأثير النزوح السوري دراماتيكياً على لبنان مع بلوغ عدد النازحين ربع سكان لبنان تقريباً. ويؤدي هذا الى ارتفاع نسبة البطالة والفقر والضغط على المجتمع اللبناني وعلى الجمعيات العامة. وأشار التقرير الى غموض الافق السياسي في لبنان والفراغ في كرسي رئاسة الجمهورية والذي يشكّل ايضاً العمل التشريعي ومعه إقرار زيادة الاجور في القطاع العام. ويزيد الوضع غموضاً اقتراب موعد الانتخابات النيابية في تشرين المقبل بعد التمديد للمجلس الحالي في حزيران 2013.

امّا الارقام المالية في لبنان فجاءت من الاسوأ في العالم فبلغت نسبة الدين العام الى الناتج القومي العام 141 في المئة في 2013 مع توقّع ارتفاعها الى 145 في المئة في 2014 والى 148 في المئة في 2015.

ولحظ التقرير استمرار مصرف لبنان المركزي في تمويل الدولة ودعم الودائع المصرفية بالعملات الاجنبية، ورفع هذا حجم الاحتياطي من العملات الاجنبية الى 35 مليار دولار في نهاية شهر نيسان الماضي. كما دعم مصرف لبنان عمليات الإقراض الى القطاع الخاص بالمساعدة في اعتماد اسعار فائدة منخفضة مع تمويله المصارف بكلفة متدنية دعماً لبعض القطاعات الاقتصادية المحددة.

امّا الاسواق المالية اللبنانية فأبدَت صلابة، غير انّ الظروف العامة والمحيطة ما زالت ترفع حدة التحديات، فقد تراجعت مربحية المصارف وزاد انكشافها على مستوى المخاطر السيادية للبنان. ورغم بقاء الديون المشكوك بتحصيلها محدودة عموماً الّا انّ هناك بعض التراجع في تكوين المؤونات بالمقابل. وسجّل ايضاً اتساع استعمال التسهيلات المصرفية في باب كشف الحسابات الجارية.

امّا من الناحية الايجابية، فقد استمر نمو الودائع المصرفية بما بين 6 و7 في المئة سنوياً. كما انّ نسب السيولة ما زالت قوية. ومن جهة سوق السندات الحكومية فقد تحركت تماشياً مع الاسواق العربية ولم تسجل ايّ تغيّر يذكر عن أدائها في العام 2011.

ويتوقع التقرير انه ومع غياب الحلّ للازمة السورية فإنّ الاداء الاقتصادي في لبنان سوف يبقى ضعيفاً مع احتمالات تراجعه بشكل اضافي بسبب تدهور وضع المالية العامة وغياب الاصلاحات. فالنمو قد يتراوح حول مستوى 2 في المئة في العام 2014 الى ان يعود تدريجياً في السنوات المقبلة الى 4 في المئة. وقد ترتفع نسبة التضخم بقوّة اذا ما أقرّت الزيادات في أجور القطاع العام، وسوف تبقى الحاجة للتمويل كبيرة.

رأي المجلس التنفيذي لصندوق النقد

وبناء على ما سجله التقرير، فقد رأى المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي انّ لبنان بحاجة لمزيد من الدعم الدولي لمواجهة تداعيات النزوح السوري الذي يزيد الضغوط على الاقتصاد اللبناني، مع ما يؤدي الى رفع خطير في نسبة البطالة والفقر بين اللبنانيين. ودعا الصندوق المسؤولين اللبنانيين الى الاهتمام الجدي في تصحيح الاستراتيجية المالية للحد من المزيد من التدهور المالي.

وشدّد على اتخاذ قرارات رفع الاجور في القطاع العام بحذر ودراسة، وخصوصاً في توسيع مروحة الضرائب وتحسين الجباية. كما طالب بإصلاح وضع الكهرباء والالتزام بالموازنات العامة مع اعتماد موازنة متوسطة الاجل.

ومن الامور اللافتة في توصيات المجلس التنفيذي التشجيع على الاستمرار بالسياسات النقدية اللبنانية، والتي تعتمد على رفع حجم الاحتياطي من العملات الاجنبية وثبات سعر صرف الليرة اللبنانية وربطها بسعر صرف الدولار الاميركي في إطار الالتزام العام بسياسات الاستقرار المالي والنقدي.

لكنه أوصى ايضاً بالحد من الاعتماد على مصرف لبنان في تمويل الدولة والعمل على تدعيم ميزانية هذا المصرف المركزي. امّا بالنسبة للقطاع المصرفي فرأى المجلس التنفيذي للصندوق انّ هذا القطاع بقيَ صلباً، غير انه أوصى بدعم اضافي للاموال الخاصة وتحسين تركيبة القروض ودعم اضافي لمواجهة عمليات تبييض الاموال وتمويل الارهاب.

وشدّد المجلس على ضرورة اقرار الاصلاحات للإفراج عن انطلاق النمو الاقتصادي في لبنان وتحسّنه وتحسين الاوضاع الاجتماعية. ودعا الى تدابير لخفض كلفة القيام بالاعمال في لبنان وتحسين الخدمات العامة. وذكر قطاعات عدة، بدءاً من الكهرباء. وطالب بدعم سوق الوظائف وخلق وظائف جديدة مع تقوية شبكات الأمان الاجتماعي. كما طالب أخيراً بتحسين نظام الاحصاءات.