IMLebanon

آخر ما قاله المقدم الشهيد نور: الوضع سيء جداً… نُقصف بأسلحة متطورة

nour-el-din-el-jamal

كتبت ديانا سكيني

في حي الطمليس البيروتي الشهير، اصطف المعزون ورُفعت صور نور الدين الجمل، قائد كتيبة تلة 83 الذي استشهد مع عدد من رفاقه أمس في عرسال، لدى محاولة أعداد كبيرة من المسلحين السيطرة على الثكنة وإستهدافها بصواريخ حديثة.

في وسط الحي، تُصادفك صورة كبيرة جمعت بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري وابنه الرئيس سعد الحريري، وعلى جدران المحال والأبنية المتواضعة، لُصقت صور لنور الذي يتمتع بشعبية كبيرة في الشارع ومنطقة طريق الجديدة عموماً منذ كان لاعباً معروفاً في نادي الانصار ومنتخب لبنان لكرة القدم. كما ان للعائلة حظوة كبيرة لدى العديد من ابناء المنطقة نظراً لانتساب افرادها الى المؤسسة العسكرية وقوى الامن الداخلي، وانخراطهم في مجال الخدمة العامة.

الحزن على الخسارة الكبيرة لا يُغيّب النقاشات السياسية حول المعركة الدائرة بين الجيش والمسلحين في عرسال. حال الذهول من الخسائر البشرية الكبيرة، والتخوف من ازدياد اعداد الشهداء، يبدوان جامعاً مشتركاً بين عدد من المعزين وأفراد العائلة الذين تحدثت اليهم “النهار”. الجميع يريد للجيش أن يثأر لشهدائه وفق خطط عسكرية محكمة، لكن البعض لا يخفي أسئلته حول كيفية إنطلاق المعركة وخلفياتها ولا تخوفه من إستنزاف المؤسسة العسكرية في معركة طويلة الأمد.

“كان يُشَوّط بالشمال وحبيب الشباب كلن”

أصرّت أم محمود على الذهاب الى المستشفى لرؤية جثة ابنها الذي أصيب برصاصات قاتلة في الصدر بعينيها لتصدق أنها لن تراه بعد اليوم، وأنها باتت أماً لستة شباب وابنتين بعد رحيل من ملأ حياتها بحيوته وحبه للحياة وكثرة أصدقائه ومعارفه الذين كان منزل العائلة في حي الطمليس يضج بهم منذ الصغر.

شاحبة أم محمود مُقلّة بالكلام، والهدوء الذي تتصف به معالم هذه السيدة البيروتية الطيبة يكاد لبرهة لا يُفهم. تجلسُ يُحيط بها المعزّون الكثر في منزل العائلة الذي يصفه الجيران بـ”البيت المحب المفتوح”.

أول ما يتبادر إلى ذهن الوالدة المفجوعة عند سؤالها عن ابنها الشهيد، أنه كان “يُشَوّط بالشمال وحبيب الشباب كلن”، في إشارة الى شهرة نور بالتسديدات القوية من القدم اليسرى.

كان نور موظفاً في أحد المصارف قبل قراره الانضمام الى المؤسسة العسكرية، وسبَق له ان شارك في معارك عسكرية قاسية، كمعركة سوق الغرب، ومعركة عبرا حيث استشهد عددٌ من أفراد كتيبته.

وقد طُلب منه الانتقال الى عرسال منذ أيام، وواجه صعوبة بالغة في الالتحاق بالثكنة بسبب عمليات القصف والقنص، كما يقول شقيقه.

وتروي أم محمود لـ”النهار” أنها يوم الأحد تواصلت مع ابنها هاتفياً وطلبت منه العودة الى بيروت، فأجابها: “كيف أعود يا أمي، أترضين أن يُقال أني هربت من المواجهة والتضحية وتركتُ رفاقي”. وختم حديثه قائلاً لها: “الله الحامي”.

توالت أخبار سقوط الشهداء عبر نشرات الأخبار، وفُقد الاتصال مع نور ورفاقه حيث تعرضت ثكنة التلة 83 لكثافة نارية من المسلحين الذين تمكنوا من اقتحامها والسيطرة عليها لبعض الوقت، قبل أن يستعيدها الجيش.

في آخر اتصال لنور مع شقيقه أحمد، أخبره أن “الوضع سيء جداً، وان 1500 مسلح يحاصرون الثكنة، وموازين القوى تبدو غير متكافئة”، مردداً ان “المسلحين يطلقون على الثكنة صواريخ حديثة…”.

يقول أحمد انه اندفع لايجاد الطرق للوصول الى نور ورفاقه، “كانت لحظات عصيبة أردنا جميعاً الذهاب لمساعدتهم ومناصرتهم …كانوا بحاجة للمساعدة ولم نستطع ان نفعل شيئاً…لم يستطع أحد فعل شيء”.

مع الحسم؟

هل تؤيد العائلة حسماً عسكرياً في عرسال أم حلاً للأزمة عبر المفاوضات؟

صهر العائلة المهندس فؤاد الخولي يجد أنه من “الضروري أن يكمل الجيش المعركة حتى النهاية، لكن يجب أن تكون الأمور محسوبة بدقة وفق خطط عسكرية تقلل من خسائر الجيش، والأهم أن يتم تزويد الجيش بالأسلحة المناسبة”. وفي السياق عينه، يسأل نبيل، شقيق الشهيد بغضب: “هل يعقل ان يترك عناصر الجيش بلا أسلحة مناسبة في معركة شرسة مماثلة؟”.

شائعات

توزع المعزون على غرف داخل المنزل. في إحدى غرف النوم، كانت شابات تبكين بحرقة عمهم الوسيم المحب للحياة.

أرادت دينا ابنة شقيقه نبيل أن توصل رسالة بعد مطالعتها عدداً من الرسائل “المشبوهة” عبر مواقع التواصل الاجتماعي و”الواتس اب”. تقول دينا: “لا علاقة لعمي بالأحزاب وبالسياسة كما يرد في الاشاعات المغرضة”. وتتذكر آخر لقاء جمعهما في عيد الفطر الذي كان نور يخطط بعده لأخذ إجازة: “كانت الحياة تليق بعمي صاحب الروح المرحة والنكتة الحاضرة…سنفتقده كثيراً”.

أما صهره فؤاد، فيتذكر آخر هدف للشهيد ختم به حياته الكروية، حين سجل هدفاً في مرمى نادي النجمة الرياضي.