IMLebanon

قانون الإيجارات: حرب مستمرة بين المالكين والمستأجرين …هل يحلّ «الدستوري» النزاع ؟

Liwa2

يخوض طرفا النزاع (نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة، ولجان المستأجرين) حول قانون الإيجارات الجديد حرب بيانات ومواقف مستمرة منذ صدور القانون عن المجلس النيابي بتاريخ 1/4/2014.
والطرفان اليوم بانتظار قرار المجلس الدستوري المتوقع صدوره في النصف الأوّل من شهر آب الجاري، أي في 11 منه، بعد النظر بمراجعة الطعن بالقانون التي وقعها 10 نواب امام المجلس يوم الجمعة 11 تموز الماضي. وأمام المجلس ثلاثة خيارات: إما ابطال القانون بشكل كلي أو بشكل جزئي أو ردّ الطعن المقدّم من النواب.
القانون الجديد
لقد وضع قانون الإيجارات الذي اقرته الهيئة النيابية العامة في مادة وحيدة بعد سنوات من الجدل، المستأجر والمالك امام تحديات جديدة.
القانون يشمل عقود إيجار العقارات المبنية السكنية المعقودة قبل 23 تموز 1992، وعددا من البنود أبرزها المادة 15 التي جاء فيها انه تمدد لغاية 9 سنوات عقود الايجار على أن يدفع المستأجر قيمة بدل المثل تدريجياً، مضافة إلى قيمة الايجار.
وينص القانون على انه وبعد إعادة تقييم المأجور بالاستعانة بخبير، يضاف 15٪ من القيمة الجديدة على البدل القديم وذلك عن كل سنة من السنوات التمديدية الاربعة الأولى، و20٪ على السنتين الخامسة والسادسة، على ان يكون بدل إيجار السنوات السابعة والثامنة والتاسعة مساوياً للبدل الذي تم تحديده رضاء أو قضاء على أن يصبح الايجار حراً بدءاً من السنة التاسعة.
الإخلاء والاعتراض
هذه المادة هي العقدة الأساسية في القانون، فالبعض يرى فيها تهديداً للمستأجرين باخلاء بيوتهم والعودة مثلاً إلى قراهم إذا كانوا يملكون سكناً فيها، أو المبيت في الشوارع هم واولادهم لمن لا يملك مسكناً آخر غير الذي يسكنه منذ عشرات السنين.
والاعتراض على المادة 15 من القانون لم يأت من عبث بل اعتبر أصحاب الاعتراض انه إذا تمّ تخمين المنزل المراد استرداده بـ24 ألف دولار كايجار سنوي مثلاً بعد الزيادات المقترحة يدفع المستأجر 4000 دولار كل سنة ايجاراً لمدة ست سنوات (24 ألف دولار)، فيصبح الايجار بعد هذه السنوات هو نفسه 24 ألف دولار سنوياً. فاذا عجز المستأجر عن سداد المبلغ، يتم اخلاؤه بقوة القانون وهذا الأمر يهدّد 175 ألف أسرة لبنانية في المدن الرئيسية والضواحي بالإخلاء.
إن القانون الجديد – بحسب رأي المهتمين – لم يلحظ حداً أقصى للزيادة، وسألوا عن كيفية اجراء التخمين في فترة قصيرة؟ ومن هي الجهة التي تخمّن؟ وكيف تنجز لجان التخمين أعمالها (بعد ثمانية اشهر) وهي تحتاج إلى سنوات لإنجاز عملها؟
التعديلات المقترحة
والتعديلات المقترح إدخالها على القانون تلحظ إعطاء زيادات معقولة تعتمد البرنامج التالي:
على المستأجر قبل عام 1950 أن يدفع 24 ضعفاً زيادة عن البدل الحالي. والمستأجر بين عامي 1950 – 1960 يدفع 20 ضعفاً. والمستأجر بين عامي 1960 – 1970 يدفع زيادة 18 ضعفاً، والمستأجر من عام 1975 حتى نهاية 2010 يدفع زيادة 16 ضعفاً ايجاراً سنوياً.
وتناول التعديل المقترح موضوع التخمين مشيراً إلى اعتماد قانون البيع والشراء… بحيث يدفع المستأجر 60٪ من قيمة ثمن العقار إذا أراد الشراء بعد تخمينه. ويقبض 40٪ من ثمنه إذا أراد تركه وايضاً بعد التخمين.
حنقير
غير أن المحامي أحمد حنقير، وباسم المالكين للأبنية المؤجرة، رفض أن يقال أن القانون الجديد يهجّر المستأجرين مؤكداً أن القانون يحافظ على حقوق المستأجر، وتركه في المأجور لمدة 12 سنة، وان الزيادة الجديدة تدفعها الدولة. وأن القانون يسمح للمستأجر بالتملك في اي منطقة يريدها والدولة تدفع عنه ما بين 50 و60٪ من قيمة المنزل، وهو بالتالي يسهل الحصول على قرض مالي معفى من الفوائد والرسوم والضرائب ومقسط لمدة طويلة.
زخور
ورأى المحامي أديب زخور وهو يمثل وجهة نظر المستأجرين بأن الحق في السكن ومنع تهجير اللبنانيين والتوطين هي حقوق دستورية ودولية ومخالفتها هي مخالفة دستورية. جاءت مقدمة الدستور لتشدد على حق السكن وتقول: إن لكل لبناني الحق في الإقامة على اي جزء من الأراضي اللبنانية والتمتع بها في ظل سيادة القانون (مقدمة الدستور فقرة ط)، وبالتالي ضمن الدستور حق السكن والاقامة ضمن ظروف اجتماعية قائمة على العدالة الاجتماعية (مقدمة الدستور فقرة ج)، وعدم فرض أي زيادات على الإيجارات القديمة لا تتناسب مع قدرة المواطن العادي على سدادها، والتي استمر المشترع بربطها بالزيادة الطارئة على اجور العمال والحد الأدنى للأجور. وبالتالي، وإن مجرد فك الارتباط مع هذه الزيادة القانونية المستمرة منذ زمن بعيد، كما هي الحال في القانون الرقم 160/92، وفرض زيادات تفوق قدرة المواطن على سدادها وربطها بالمضاربات العقارية وببدل المثل الرائج لبدلات الايجار حالياً، كما هو منصوص عليها في المادتين 15 و20 من قانون الإيجارات الجديد، يجعل فئة كبيرة من المستأجرين الذين يبلغ عددهم ما يقارب المليون مواطن، عُرضة للتهجير والهجرة وفرض عليهم اعباء اجتماعية غير عادلة وانتحارية للوطن ولعائلاته الاساسية ودفعهم الى الموت واليأس.
وقال: «لقد جاءت مقدمة الدستور اللبناني لتتبنى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتلتزم بمواثيق الأمم المتحدة والجامعة العربية، والتي أصبحت مع الحقوق الأساسية بما فيها الحق في السكن ومفهوم الأجر والزيادة على بدلات الايجار جزءاً لا يتجزأ من الدستور، ويتوجب على الدولة عند التفكير بفرض أي تشريع جديد يتعلق ببدل الايجار، ان تحتسب وتقدر قدرة المواطن والأجير على الدفع ضمن مفهوم الحد الأدنى للأجور، كما هو متبع منذ سنوات بعيدة في قانون الإيجارات، ولا سيما القانون الأخير المعمول به الرقم 160/92، في مادتيه 6 و13، وربطت الزيادة على بدلات الايجار بكل زيادة تطرأ على الحد الأدنى لأجور العمال والمستخدمين، وان اي طرح يتجاوز هذه المبادئ العالمية والدستورية وتتخطى قدرة المواطن على دفعها، تخالف الدستور والنظام العام والأمن الاجتماعي، ومن المعروف دولياً ان بدلات الايجار يجب أن لا تتخطى في حدها الأقصى 30٪ من الحد الأدنى للأجور، وهي من الحقوق غير القابلة لا للمساومة عليها ولا للمتاجرة بها، وإلا عرضت القوانين للبطلان.
زغيب
اما رئيس نقابة مالكي العقارات والابنية المؤجرة، فيؤكد بأن المشكلة ليست بين المالك والمستأجر، بل بين المالك والدولة المسؤولة عمّا وصلنا إليه اليوم، وبعدما استفاد شخص من هذه التشريعات على حساب شخص آخر.
واعتبر زغيب أن المستأجر استفاد 70 عاماً على ظهر المالك الذي تراجعت قيمة ملكه بعدما استهلك.
وقال: نحن نطالب بتحرير املاكنا فوراً والقانون الجديد يظلمنا عندما يجعلنا ننتظر لمدة تسع سنوات. ونحن نضع انفسنا دائماً تحت القانون.
دعاوى الإخلاء
وأمام هذا الواقع، ولأن القضية لم تعد تحتمل الانتظار، من وجهة نظر نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة، فقد أقدمت على إطلاق حملة التقدم بدعاوى اخلاء المأجور امام محاكم الأمور المستعجلة بموجب قانون الموجبات والعقود بحجة انتهاء العمل بالقانون الاستثنائي القديم للايجارات في 31/3/2012 من دون تمديد العمل به في المجلس النيابي. وبالتالي فان انتهاء العمل بالقانون الخاص يتيح للمالكين اللجوء إلى القانون العام للفصل في هذه القضية.
رزق الله
واعتبر رئيس «تجمع مالكي الأبنية المؤجرة» باتريك رزق الله «ان المالكين القدامى لم يلجأوا مضطرين إلى قرار رفع هذه الدعاوى الا بعدما شعروا بأن التجمعات التي تدعي تمثيل المستأجرين لا تريد حلاً لهذه القضية الا الاستمرار بالاقامة المجانية في المنازل، وبعدما أقدمت هذه التجمعات بواسطة 10 نواب على الطعن مرّة ثانية بالقانون الجديد للايجارات امام المجلس الدستوري بنية الحصول على قرار بالإبطال».
وتابع: «إن هذه الخطوة مشروعة في القانون، وهي مطلب حق لمواجهة الحملات التي تهدف إلى منع تصحيح العلاقة بين المالك والمستأجر»، محملاً «التجمعات التي تدعي تمثيل المسؤولين مسؤولية إرغام المالكين القدامى على إطلاق هذه الحملة لاسترداد المأجور».
وطالب «جميع المالكين على الاراضي اللبنانية بالمشاركة في تقديم هذه الدعاوى ضمن الأصول التي يكفلها القانون»، قائلاً: «لقد صبرنا طويلاً على الظلم، وارتضينا بالقانون الظالم، وقد آن الأوان لغيرنا أن يرتضي سلوكنا الأطر القانونية والدستورية لاسترجاع حقنا بالتصرّف بملكيتنا الفردية».
دامرجي
ورد رئيس لجنة الدفاع عن قضية المستأجرين في بيروت وجيه الدامرجي على موقف نقابة مالكي الأبنية المؤجرة فأشار إلى «ان بعض الممثلين لهذه النقابة هم حيتان المال، وليس المالكين الصغار القدامى، الذين يبدون ارتياحهم لوصول الملف إلى المجلس الدستوري، بعدما كان تصرف البعض منهم أبشع من الميليشيات على أبواب المجلس الدستوري، ومنع تقديم محامي الدفاع ملفاتهم القانونية للدفاع عن المستأجرين».
وتابع: «من الواضع انهم يذكرون بالحرب الأهلية، ومن يزعم أن المستأجرين يقيمون مجاناً في منازلهم بعد دفع عشرات السنوات إيجار ودفع المستحقات المتوجبة عليهم، ومن يعتبر أن المستأجر نازح وغير شرعي، عليه ان يعلم ان حق السكن مقدس بالدستور، وأن كل مستأجر هو لجنة بحد ذاته، ومن يهدده بالطرد بالقوة أو بالعنف من منزله نكرر ما قلناه في السابق التظاهرة في الشارع ستقابلها تظاهرة في الشارع، ولن يقوى احد على الاستفراد بالمستأجر».
موقف الدستوري
الحرب مستمرة ووتيرة البيانات إلى تصاعد بين مؤيد ورافض وهي تدعو المجلس الدستوري إلى عدالة يريدها كل فريق وفقاً لمصالحه.
ويبدو، استناداً إلى بعض الخبراء الدستوريين، أن الضغوط التي يحاول الطرفان اعتمادها وفرضها على المجلس لن تؤدي إلى أية نتيجة، لأن دور المجلس سيقتصر على تطبيق مواد الدستور فقط لجهة مدى مراعاة قانون الإيجارات لمواد الدستور، ولا سيما ما يتعلق منها بالملكية الفردية وسائر الحقوق.
والحملات بين الفريقين ستستمر إلى ان يفصل المجلس الدستوري بالموضوع خلال النصف الأوّل من شهر آب، علماً بأن شهر آب هو موعد العطلة القضائية.. فهل تُمدّد القصة إلى شهر أيلول للفصل بها؟