سلوى بعلبكي
في العام 2001 عقدت وزارة المال لقاءات مكثّفة مع قطاعات ومؤسسات اقتصاديّة خاصّة وبحثت معهم تفاصيل واقتراحات في شأن قانون الضريبة على القيمة المضافة الذي أبصر النور في بداية 2002. وفي العام 2010 أرسلت الوزارة مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد الى الهيئات الاقتصاديّة والنقابيّة بغية الوقوف على آرائهم واقتراحاتهم قبل اقراره من مجلس الوزراء. هذه الامور ساهمت في تفعيل العمل وسهلت أداء الخدمات للمكلفين.
استنادا الى تلك التجارب، يطالب المعنيون وزارة المال بضرورة تكثيف التعاون بينها من جهة وبين القطاع الخاص والمهتمّين بالشؤون الضريبيّة من جهة أخرى حيال بعض القوانين والاجراءات المتبعة بغية تسهيل العمل أداء الخدمات للمكلفين بطريقة أفضل. فما هي هذه الاجراءات والقوانين؟ لعل أول هذه الاجراءات هو موضوع مباشرة الوزارة بتسلم التصاريح عبر البريد الالكتروني، إذ يشير الباحث في الشؤون الضريبيّة جمال القعقور الى أنّ المادة 38 من قانون الاجراءات الضريبية 44 الصادر بتاريخ 11 تشرين الثاني 2008 اشارت الى انّه يمكن للمكلفين إرسال التصاريح والبيانات الماليّة إلى الإدارة الضريبية بواسـطة البريد الإلكتروني. وعمليا، باشرت الوزارة تسلم بعض التصاريح الضريبيّة الكترونيّا بدءا من 1 كانون الثاني 2014. ورغم هذا التأخير في التطبيق فان هذه الخدمة لم تشمل لغاية اليوم تصاريح ضريبة الدخل السنوية لجميع أنواع المكلّفين، وتاليا يجب التعجيل بضمها الى هذه الخدمة الألكترونيّة. كذلك طالب القعقور بإلغاء اشعارات الدفع الورقيّة اليدويّة التي يتم الحصول عليها من مراكز البريد واستبدالها بإشعارات يتم انجازها عبر الصفحة الالكترونيّة لوزارة المال، تماما كما هو حاصل بالنسبة الى الضريبة على القيمة المضافة، خصوصا وأن المكلف يعاني عند محاولته الحصول على إشعارات كهذه لأنها لا تكون متوافرة باستمرار في مراكز البريد. ويمكن أن يشمل هذا الاجراء حاليا التصاريح التي شملتها الخدمة الالكترونيّة مثل تصريح الرواتب والأجور الدوري. كذلك أشار الى ضرورة ضم الخدمة الالكترونية المتعلقة بالتصريح السنوي للرواتب والأجور (التي تنجز حاليا ضمن صفحة الكترونيّة خاصّة) الى الصفحة الالكترونية الأساسيّة المتعلّقة بكل مكلّف والتي تشمل معظم التصاريح، وتاليا يتم توحيد هذه الخدمة ضمن موقع الكتروني واحد.
وتناول القعقور كذلك ثغرة وتناقضا قانونيا يتعلق بمفهوم “صافي مشتريات السلع والخدمات”، فقد ورد ضمن دليل ملحق التصريح الدوري لحق الحسم الجزئي 2-11 الذي أنجزته وزارة المال، أن المقصود من بند “صافي مشتريات السلع والخدمات” في التصريح هو جميع المشتريات من الموردين الخاضعين وغير الخاضعين للضريبة على القيمة المضافة، وأنّ المقصود من جملة “المشتريات التي تتيح حق الحسم” هي المشتريات التي تتعلق بالمبيعات التي تتيح حق الحسم. وتاليا لا حاجة للمكلّف الذي تكون كل مبيعاته خاضعة للضريبة على القيمة المضافة من تقسيم حسابات المشتريات وحسابات الأعباء الأخرى والأصول الثابتة الى خاضعة وغير خاضعة. من هنا يقترح القعقور تعديل الفقرة “ج” البند 4 من المادة الثالثة لقرار وزير المال السابق رقم 140/1 الصادر بتاريخ 11 شباط 2014 والتي تم بموجبها الزام جميع المكلفين تقسيم حسابات الفئة السادسة (المشتريات والأعباء) الى خاضعة وغير خاضعة نسبة للمورد وليس نسبة للمبيعات، لأن ذلك يتناقض مع مفهوم قانون الضريبة على القيمة المضافة. لذا، اقترح اجراء تعديل كي تشمل هذه الفقرة فقط المكلفون الذين يقدمون ضمن النشاط الواحد سلعاً أوخدمات خاضعة وغير خاضعة معا.
أمّا بالنسبة الى تأخّر مديريّة الضريبة على القيمة المضافة في تسديد مستحقّات الصناعيين، فاقترح القعقور الغاء طلب الاسترداد “ق 7-3” المتعلّق بالعمليات المعفاة وفقا لاحكام المادة 59 من قانون الضريبة على القيمة المضافة، لأن هذا الاجراء الروتيني يؤثر سلبا على الصناعيين المتأثرين بهذه المادة، وتاليا من حقهم حسم كل الأعباء والمصاريف المتعلقة بالمبيعات المعفاة من الضريبة عبر التصريح الفصلي العادي وليس عبر نموذج خاص لم تحدد له الوزارة مهلة للبت به. ويشير ايضا الى ان السلع المعفاة من الضريبة بموجب هذه المادة هي سلع حددتها الحكومة كونها حاجات ضرورية للمواطن، وتاليا لم تطلب تحصيل أي ضريبة عنها. ووفق القعقور فإن العلاقة بين الحكومة والمواطن يجب أن لا تكون على حساب الصناعيين سواء حيال التأخير في تسديد مستحقاتهم او حرمانهم منها بالكامل، كما اقترح سابقا ضمن مشاريع الموازنات التي أنجزها بعض وزراء المال.
الى ذلك، ثمة مسألة أخرى تتعلق بالتصميم المحاسبي العام، إذ يبيّن القعقور الحاجات والأسباب التي توجب تعديل وتحديث التصميم المحاسبي الصادر في العام 1981 من أجل مواكبة التطورات الاقتصاديّة التي حصلت لغاية اليوم، وللافادة من التقنيّات البرمجيّة الحديثة التي تساعد في التحليل المالي للعمليّات بطريقة سهلة وسريعة تجاوزت التسجيل اليدوي الدفتري للعمليات التي كانت تنجز سابقا، على أن يؤخذ في الاعتبار عند انجاز ذلك تحقيق الاهداف الآتية: حاجات ضريبيّة تساعد في التدقيق المالي للعمليات، حاجات تتعلّق بالمعلومات الماليّة التي تحتاج اليها المؤسسات الاقتصاديّة، حاجات مركزيّة تتعلّق بالتخطيط القومي الذي يحتاج الى بيانات موحدّة ودقيقة تراعي مبدأ تحديد رموز الأعباء نسبة لأنواع النشاطات الاقتصاديّة المختلفة، الأمر الذي لم يلحظ لغاية اليوم ضمن التصميم المحاسبي العام وتعديلاته.