IMLebanon

الانتعاش الأمريكي يفجر النقاش حول ماهية التضخم

FinancialTimes

هيني سِندر

نبدأ المقالة بتحليل كلام لجنة السوق المفتوحة التابعة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي عن موضوع التضخم، رغم أن ذلك لا يمكن أن يكون فكرة جيدة، لكن الاقتران بين التحوّل الحسّاس في التأكيد على هذه المسألة والأخبار هذا الأسبوع بأن الاقتصاد الأمريكي قد نما 4 في المائة في الربع الثاني، هذا الاقتران أدى إلى تحويل عجيب في طريقة الاستثمار في وول ستريت.
على الأقل في الوقت الراهن، تسود النظرة المتفائلة بأن الاقتصاد الأمريكي قد بلغ أخيراً إلى سرعة الانطلاق. سيكون تحدّي المستثمرين هو تحديد ما إذا كانت تلك النظرة ستدوم، على الرغم من أنه ينبغي الإشارة إلى أن معدل النمو في الولايات المتحدة، في المتوسط، هو بالكاد أكثر من نسبة 2 في المائة – كما كان منذ خمسة أعوام.
كتب كبير الإداريين للاستراتيجية في “بانك أوف أمريكا ميريل لينتش”، مايكل هارنيت، في مذكرة بحثية في صباح اليوم التالي: “إن السيناريو الأساسي لدينا يبقى أن عام 2014، يمثّل بداية النهاية لحقبة ما بعد الأزمة المالية العالمية، بما أن النمو العالمي القوي بقيادة الولايات المتحدة، يتضمن أخيراً ارتفاعا “جيدا” في أسعار الفائدة، وانتقالا “آمنا” من هذا العالم الغريب من الحد الأقصى للسيولة، والحد الأدنى للتقلّب.
إن ارتفاع نمو الاقتصاد الأمريكي بما يشمل وعائدات السندات والدولار، وبالتالي التطبيع المتواضع للسياسة النقدية، لن يؤدي إلى انخفاض النمو أو صدمة مالية.
يُضيف هارنيت أنه يكشف عن تحوّل من الأسواق “الرائدة” مثل سوق العائدات المرتفعة إلى الأسواق “البطيئة”، التي تتضمن الأسواق الصينية واليابانية.
كثير من صناديق التحوّط تعتقد بوضوح أن الحال هي كذلك. صندوقان من صناديق التحوّط الأكثر شعبية التي تتداول هذه الأيام، تختار وجهات النظر التي تؤمن بالسوق الهابطة فيما يتعلق بأسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وتنصح بشراء الأسهم اليابانية. (على الرغم من أن جزءا كبيرا من التعاملات في الأسهم اليابانية يكمن في مسابقة صندوق التقاعد الحكومي في اليابان، الذي أعلن عن نيته زيادة تعاملاته في سوق الأسهم، مع شراء بنك اليابان الآن معظم سندات الحكومة).
في أعقاب هذين التطورين، زادت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام بنسبة تسع نقاط أساس لتبلغ 2.56 في المائة، في حين إن مؤشر نيكاي زاد إلى أعلى مستوى جديد خلال ستة أشهر.
وجهة النظر المُشرقة استقطبت قناعة قوية مع التغيّر الدقيق لـ “الاحتياطي الفيدرالي” في الأسلوب، بأن معدل التضخم “اقترب إلى حد ما من أهداف اللجنة طويلة المدى” بدلاً من “معدل التضخم الذي كان أدنى من أهداف اللجنة”.
إذن المهمة الثانية للمستثمرين هي تأكيد ما إذا كان ذلك التضخم سيكون من النوع الجيد أو من النوع السيئ، وما إذا كان التضخم أفضل من الانكماش.
خبراء الاقتصاد ومحافظو البنوك المركزية يكرهون ويخشون الانكماش، لأنه لا يوجد الكثير الذي يمكن فعله تجاهه، لكن بالنسبة للآخرين قد يكون الانكماش أفضل. توجد سيناريوهات جيدة للانكماش، على سبيل المثال عندما تنخفض الأسعار، بسبب مكاسب في الإنتاجية أو الابتكار، في حين تبقى الأجور مستقرة.
تظل نفس الديناميكية صحيحة بالنسبة للتضخم. المشكلة اليوم هي أن الولايات المتحدة تُخاطر بالوقوع في النوع السيئ من التضخم، حيث ترتفع الأسعار في حين إن الأجور تفشل في المواكبة.
الدعم الأكبر للنمو الاقتصادي كان الاستهلاك (زاد الإنفاق الاستهلاكي الحقيقي بنسبة 2.5 في المائة لهذا الربع)، لكن إنفاق الأُسر يعتمد على القوة الشرائية، وذلك في المقابل يعتمد على التعويضات.
لهذا السبب يشعر “الاحتياطي الفيدرالي” بالقلق إزاء صحة سوق الإسكان وسوق العمل. طالما تظل هناك “فجوة لا يستهان بها في الاستفادة من موارد العمل”، بحسب كلمات رئيسة مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي جانيت يلين، فإن القوة العاملة لديها قوة تسعير قليلة. وفقاً لأحدث البيانات، لم يرتفع نمو الأجور إلا بشكل متواضع.
في نفس الوقت، يبدو أن اليابان لديها النوع الخاطئ من التضخم، الذي ينبثق من التكلفة المرتفعة للطاقة وغيرها من الواردات.
خلال الأعوام 2004 حتى 2006، شهد مسؤول سابق في “الاحتياطي الفيدرالي” بأن نسبة 3.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي تأتي من استخدام الأُسر منازلهم، كبطاقات صراف آلي، من خلال الاقتراض “والإنفاق” مقابل السيولة التي كانت لديهم في هذه المنازل. يتذكر هذا المسؤول، أنه بمجرد انتهاء تلك العملية، “أدركت أن النمو سيكون أقل”.
حتى لو كان السيناريو المتفائل صحيحا اليوم، من المحتمل ألا يكون كذلك غداً. لكي يحدث ذلك، ينبغي على انتعاش قطاع الإسكان أن يتجاوز ارتفاع أسعار الفائدة. أما سوق العمل، فتحتاج لتحسين الإنتاجية والحصول على حصة أكبر من أرباح الشركات. وتحتاج الحكومة إلى الاستفادة من أسعار الفائدة الحالية والعجز القليل في الميزانية، من أجل أن تبدأ في الإنفاق على أمور مثل التعليم والبنية التحتية. بيد أن الأمر المعقول يبدو مراوغا، مثلما كان العهد به دائما.