IMLebanon

خاص لـimlebanon.org: خبراء عسكريون يقرأون معارك عرسال: لهذه الأسباب سيضطر الإرهابيون للرضوخ لمطالب الجيش

army-lebanese-24

في قراءة ميدانية لمجريات المعركة العسكرية في عرسال يجمع الخبراء العسكريون على قدرة الجيش اللبناني على الحسم العسكري في وجه إرهابيي “داعش” و”جبهة النصرة” في عرسال من دون أدنى شك. لكن الخبراء العسكريين يؤكدون أن الحسم العسكري سيكون مكلفاً جداً من الناحية البشرية للجيش اللبناني إضافة الى الحاجة الى وقت طويل لإنجازه.

ويعود الخبراء بالذاكرة الى معركة “نهر البارد” التي خاضها الجيش في العام 2007 في مواجهة عصابة “فتح- الإسلام” التي كانت تضم ما لا يتعدى الـ300 إرهابي كانوا محاصرين في مخيم نهر البارد الذي تمكن الجيش اللبناني من إجلاء المدنيين منه وبقي فيه الإرهابيون. ويذكّر الخبراء بأن المعركة احتاجت أكثر من 100 يوم وسقط فيها للجيش حوالى 174 شهيداً من نخبة الضباط والعناصر، رغم أن المعركة كانت من الزاوية العسكرية أسهل بكثير من معركة عرسال.

فطبيعة عرسال الجبلية وانفتاحها على الحدود السورية وتدرّب الإرهابيين في مناطقها الجبلية من الجهتين السورية واللبنانية ووجود مخابئ ومخازن أسلحة لهم بكثرة في الجبال، وخصوصا بعد المعارك الضارية التي خاضوها في قرى وبلدات القلمون السوري، يجعل طبيعة المعركة مختلفة.

بدءًا بعدد الإرهابيين الذين يواجههم الجيش وهو بالآلاف وفق أرقام تتراوح ما بين ألفين و6 آلاف إرهابي، مرورا بنوعية الأسلحة المتطورة التي بحوزتهم، وصولا الى التمرّس بحرب العصابات التي يخوضونها منذ أشهر طويلة في مواجهة جيش بشار الأسد و”حزب الله” داخل الحدود السورية… كل هذه المعطيات تجعل المواجهة التي يخوضها أبطال الجيش اللبناني ضد هؤلاء الإرهابيين أصعب بكل المعايير، وخصوصا بعد فشل الجيش الأسدي و”حزب الله” بكل ما يملكانه من خبرة وعتاد وأسلحة ومنها سلاح الطيران في القضاء عليهم.

ويطرح الخبراء سلسلة أسئلة من نوع: هل وقع الجيش اللبناني و”حزب الله” ضحية مؤامرة بشار الأسد في عرسال؟ وتشرح: لماذا سارع بشار الأسد الى عقد صفقة مشبوهة مع الإرهابيين في القلمون تقضي بخروجهم في اتجاه الجبال وعرسال اللبنانية عوض الإصرار على القضاء عليهم؟ هذه الصفقة جعلت “حزب الله” أولا تحت رحمة حرب العصابات التي بدأ الإرهابيون بخوضها ضد الحزب الذي بدأ يتكبّد خسائر هائلة نتيجة الكمائن التي تُنصب له في قرى القلمون وفي الجبال المحيطة. كما أن هذه الصفقة دفعت بآلاف الإرهابيين الى التوجه نحو الحدود اللبنانية واعتماد جرود عرسال كقاعدة خلفية لهم ينتلقون منها في عملياتهم داخل سوريا، وهذا ما عرّض الجيش اللبناني للمواجهة معهم. فلماذا إذا كانت الصفقة الأسدية معهم عوض القضاء عليهم وخصوصا أن الأكثرية الساحقة بين الإرهابيين هي ممن يحملون الجنسية السورية؟

ويشير الخبراء العسكريون الى أن الجيش اللبناني قدّم 16 شهيداً و84 جريحاً و22 مفقوداً في الأيام الثلاثة الأولى للمعركة ما يعكس صعوبة المواجهة واستبسال أبطال الجيش، لكن هذا الأمر يستوجب على المسؤولين السياسيين محاولة إيجاد حلول لحقن دماء الجيش اللبناني من دون التنازل عن الكرامة الوطنية.

ويؤكد الخبراء أن من مصلحة الإرهابيين وقف المواجهة لأنها ستكون خاسرة حتما بالنسبة إليهم وخصوصا مع العزيمة والبطولة والصلابة التي أظهرها الجيش اللبناني الذي تمكن بسرعة لافتة من استعادة أكثر من 90 في المئة من المواقع التي خسرها نتيجة الاعتداء المباغت الذي تعرّض له في الساعات الأولى.

والإرهابيون يريدون وقف العمليات لأكثر من سبب بحسب الخبراء، وأهمّ هذه الأسباب:

ـ الأولوية المطلقة التي تعطيها “جبهة النصرة” و”داعش” هي لمعارك القلمون حيث تمكنوا من تكبيد “حزب الله” خسائر كبرى، وتؤكد المعطيات الميدانية أنهم باتوا قاب قوسين أو أدنى من استعادة قوى وبلدات أساسية في القلمون ولن يكون مفاجئاً إن استعادوا أيضا بلدة القصير في المدى المنظور.

ـ عائلات وأطفال هؤلاء الإرهابيين موجودون في مخيمات النازحين السوريين في جرد عرسال، وبالتالي فلا مصلحة لهم على الإطلاق في استكمال المعركة ضد الجيش اللبناني بما يعرّض عائلاتهم لخطر وقوع مجازر قد تنتج عن المواجهات.

ـ البيئة العرسالية نبذت ممارسات هؤلاء الإرهابيين بعدما كانت تؤمن لهم الإمدادات اللوجستية لدعم مواجهاتهم في سوريا ضد “حزب الله” والجيش الأسدي وليس لمواجهتهم في لبنان وفي قلب بلدتهم الجيش اللبناني الذي يضمّ الآلاف من أبناء عرسال، وبالتالي فإن استمرار مواجهتهم مع الجيش اللبناني ستفقدهم أي تعاطف أو دعم في معاركهم في الداخل السوري.

ـ استمرار المواجهة مع الجيش اللبناني سيشكل بالنسبة إليهم حرب استنزاف تقضي على كل إمكاناتهم بحيث يكونون محاصرين من الجهة الغربية من الجيش اللبناني ومن الجهة الشرقية والشمالية والجنوبية من الجيش الأسدي و”حزب الله”.

وبناء عليه يؤكد الخبراء العسكريون أن الفرصة مؤاتية للتوصل الى حلّ وفق شروط الجيش اللبناني التي تعني الانسحاب الكامل للإرهابيين الى داخل الأراضي السوري وتسليم جميع الأسرى والمعتقلين من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي.

لكن الخبراء يؤكدون أن المفاوضات التي بدأت قد تستغرق أسبوعين أو أكثر بكثير نظراً لأن لا إمرة موحدة للإرهابيين ونظراً للتعقيدات التي قد تنتج عن استمرار القتال بالتوازي مع المفاوضات التي في حال فشلت ستجعل الجميع في مأزق نتجة حرب استنزاف لن تكون قصيرة على الإطلاق!