Site icon IMLebanon

ثمن تأخّر فتح الاعتمادات من “المالية” والظروف المناخية رفعا ساعات التقنين…وعودة متوقعة التغذية اعتباراً من صباح اليوم

Nahar

موريس متى

الوضع الذي آلت اليه الكهرباء في لبنان أصبح يوصف بـ”الكارثي” مع استمرار تراجع التغذية نتيجة الأعطال التي طرأت على مجموعات الانتاج قديمة العهد حيث يعود عمر 60% منها الى أكثر من 20 عاماً و10% من هذه المحطات بلغ عمرها نحو 40 عاماً، ما ينعكس سلباً على القدرة الانتاجية لهذه المعامل التي تصل في حدها الاقصى الى 1400 ميغاواط ولا تغطي طبعاً الطلب الذي يبلغ ما بين 2500 و3000 ميغاواط عند الذروة. (ما يعني أن التغذية توازي فقط 50% تقريبا من الحاجة). ويضاف الى ذلك الخطط التقشفية التي بدأت تنفيذها مؤسسة كهرباء لبنان بهدف خفض تكاليفها. فهذه المؤسسة تتحمل كلفة مرتفعة لإنتاج الطاقة تصل الى 255 الف ليرة لكل 1 ميغاواط في الساعة، 75% منها كلفة فيول في الوقت الذي يراوح فيه متوسط هذه الكلفة عالمياً ما بين 2000 ليرة و62000 ليرة حداً أقصى لكل 1 ميغاواط بالساعة. وأيضا ما يضع ميزانية “مؤسسة كهرباء لبنان” في عجز مستمر هو التعرفة المدعومة بحوالى 150% المقدمة لأكثر من 1٫5 مليون مشترك، بحيث تعتمد المؤسسة ضمن ميزانيتها سعر ما بين 15 و25 دولارا لبرميل النفط الواحد في الوقت الذي يبلغ سعره العالمي أكثر من 110 دولارات، وبالتالي تكون زيادة عجز الكهرباء عند 13 مليون دولار لكل دولار تدفعه الشركة على شكل دعم للأسعار.

تراجع الانتاج والتغذية
وأمام هذا الواقع قررت المؤسسة أخيراً توقيف العمل في معملي بعلبك وصور، ما أدى الى فقدان طاقة إنتاجية بحوالى 120 ميغاواط بالاضافة الى وقف استجرار الطاقة من سوريا التي كانت تؤمن 130 ميغاواط من الكهرباء للبنان مع تحديد ساعات التغذية في بيروت الادارية عند 21 ساعة يوميا والمناطق الأخرى بـ 13 ساعة فقط. وأيضا ما أثر سلبا ُعلى التغذية الكهربائية هو تراجع إنتاج المعامل الكهربائية – المائية، نتيجة الظروف الطبيعية والمناخية وانخفاض مستوى المتساقطات هذه السنة، ما أدى الى تراجع مستوى إنتاج هذه المعامل من حوالى 85 ميغاواط مطلع 2014 الى دون مستوى الـ15 ميغاواط حاليا. وما يزيد الطين بلة ما يشكله وجود مليون ونصف المليون لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية من عنصر ضغط إضافي على الشبكة.
الاسبوع الحالي وإرتفاع التقنين
شكا المواطنون هذا الاسبوع من تدهور إضافي في ساعات التغذية بين المناطق وتحديدا في مناطق بيروت وجبل لبنان، اذ وصلت ساعات التقنين في بعض الاحيان الى أكثر من 14 ساعة يوميا. وفي هذه السياق كشفت مصادر في الشركة المتعهدة صيانة الكهرباء في لبنان KVA للـ”النهار” ان تراجع التغذية يعود الى تقنين معتمد من مؤسسة كهرباء لبنان وقد إرتفعت ساعاته في الاسبوع الماضي لأسباب تقنية، ما استدعى قطع التيار لبعض الوقت لتخفيف الضغط عن المحولات.
ولكن قد تكون الحقيقة مغايرة…
مع انتهاء شهر تموز الماضي إنتهت الاعتمادات المالية التي رصدتها وزارة المال بطلب من وزارة الطاقة وبقرار من مجلس الوزراء، لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان، لتندلع بداية شهر آب الجاري بحسب ما علمت “النهار” أزمة في الكواليس بين مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة المال التي يبدي وزيرها علي حسن خليل تحفظاً حيال الاعتمادات المفتوحة لكهرباء لبنان وأيضا حيال كل الاعتمادات التي يعتبرها مخالفة لقانون الموازنة. وهذه الازمة تُرجمت بتأخر “المالية” بفتح اعتماد جديد لمؤسسة كهرباء لبنان كان يجب ان يساهم في دفع ثمن الفيول الذي وصل على متن باخرة رست قرب معمل الزوق الحراري نهاية الاسبوع الماضي. وأمام هذا الواقع، علمت “النهار” ان معملي الزوق والجية أُجبرا على خفض إنتاجهما وإيقاف عدد من المحولات عن العمل ما أدى حكما الى تراجع ساعات التغذية في المناطق وتحديدا في بيروت الكبرى وجبل لبنان. وأيضا بحسب ما علمت “النهار”، فإن الباخرتين التركيتين “فاطمة غول” و”أورهان بيه” أجبرتا بدورهما على خفض طاقتهما الانتاجية منذ يوم السبت الواقع في 3 تموز الجاري من حوالى 285 ميغاواط الى نحو 185 ميغاواط بعد اطفائهما عددا من محركاتهما الانتاجية لغياب مادة الفيول اللازمة.

الباخرتان التركيتان
للإشارة: تحولت الباخرتان التركيتان التركية، “فاطمة غول سلطان” في الزوق و”أورهان بيه” في الجية واللتان جاءتا لتساعدا المعامل في توفير الكميات الإضافية خلال صيانة معملي الزوق والجية، إلى عنصر أساسي في إنتاج الكهرباء وباتتا تؤمنان حوالي 287 ميغاواط بما يوازي 25 % من الطاقة المنتجة التي تصل الى نحو 1400 ميغاواط، وبالتالي فإن توقف أي من محركات الانتاج العاملة على هاتين الباخرتين سيؤدي إلى تصاعد أزمة الكهرباء في ظل توقف مشاريع الصيانة في المعامل وغياب عملية بناء مجموعات بديلة. (إشارة الى ان القدرة الانتاجية القصوى لهاتين الباخرتين تصل الى 400 ميغاواط وهذا المستوى يمكن الوصول اليه بطلب من الدولة اللبنانية). وللتذكير، فإن عملية إنتاج الكهرباء عبر الباخرتين التركيتين تراوح ما بين 17 إلى 19 سنتاً للكيلوواط ساعة وهي أرخص من كلفة الانتاج في معملي الجية والزوق والتي تراوح بين 20 و22 سنتاً للكيلوواط ترتفع إلى قرب 30 سنتاً تقريباً.

تراجع التقنين اعتباراً من اليوم
بحسب ما علمت “النهار” نهاية الاسبوع المنصرم، وافقت وزارة المال على فتح اعتماد لمؤسسة كهرباء لبنان لدفع ثمن باخرة الفيول التي لم تتأخر بالوصول الى معملي الزوق والجية كما أشيع، بل كانت بإنتظار الحصول على مستحقاتها لتفريغ حمولتها. نهاية الاسبوع الماضي تم تحويل الاموال اللازمة الى مؤسسة كهرباء لبنان التي بادرت بدورها الى دفع ثمن الحمولة ولكن الاحوال الجوية السيئة والرياح وحركة الأمواج لم تسمح للباخرة بتفريغ الفيول حتى صباح نهار الاربعاء وأيضا بعد إجراء الفحوص على مواصفات الحمولة.
وبحسب ما تكشفه مصادر مطلعة على الملف للـ”النهار” من المتوقع أن تحل المشكلة بدءا من صباح اليوم مع عودة جميع المجموعات الانتاجية الى العمل (في المعامل وعلى الباخرتين) على أن تتراجع، الى حد ما، ساعات التقنين وتعود ساعة التغذية في المناطق الى 11 ساعة يومياً تقريباً وفي بيروت الادراية الى 21 ساعة.