Site icon IMLebanon

السعودية الدولة العربية الأولى فى الاستثمار بمصر والثانية عالميا

تتسم العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية بأسس وروابط قوية نظرا للمكانة والقدرات الكبيرة التى يتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية، وهى علاقات متميزة تتسم بالقوة والاستمرارية، والبلدان قطبا العلاقات والتفاعلات فى النظام الإقليمى العربي، تشابهما فى التوجهات السياسية يؤدى إلى التقارب بشأن العديد من المشاكل والقضايا الدولية والقضايا العربية والإسلامية.
ويثبت المسار التاريخى للبلدين إن لقاء مصر والمملكة على إستراتيجية واحدة ممثلة فى التنسيق الشامل يمكن أن يحقق الكثير للأهداف والمصالح العربية العليا، وهو ما عبر عنه ملك السعودية الراحل الملك عبد العزيز آل سعود فى توضيح له للأهمية الإستراتيجية للعلاقات المصرية السعودية بمقولته الشهيرة » لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب » .

وفى هذا الإطار شهدت العلاقات بين البلدين خلال العشرين عاما الماضية العديد من الزيارات واللقاءات المتبادلة على جميع المستويات لدعم القضايا الثنائية والإقليمية عززتها زيارات متبادلة بين القيادات المصرية والسعودية لبحث القضايا والمستجدات على الساحتين العربية والدولية مما يؤكد عمق العلاقات التاريخية بين مصر والسعودية.

وفى شهر يونيو الماضى وعقب تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مهام رئاسة مصر قام العاهل السعودى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة رسمية قصيرة لمصر عقدت خلالها جلسة مباحثات داخل الطائرة الملكية المقلة للعاهل السعودى لدى وصوله إلى مطار القاهرة قادما من الدار البيضاء بالمغرب، حيث قدم الملك عبد الله التهنئة للرئيس السيسى على توليه مهام الرئاسة فى مصر فيما قدم الرئيس السيسى الشكر للملك عبد الله على الدعم السعودى الكبير لمصر خلال الفترة الماضية وعلى مبادرة الملك عبد الله لعقد مؤتمر (أصدقاء وأشقاء مصر) لتقديم الدعم اللازم لها خلال المرحلة المقبلة.

وتناولت المباحثات المصرية السعودية سبل توطيد العلاقات الثنائية، إلى جانب التطورات الأخيرة فى العراق وسوريا وليبيا وأهمية التنسيق والعمل المشترك بين البلدين لمواجهة التحديات التى تسود المنطقة.

وكان للمملكة موقف مشرف فى دعم ثورة و30 يونيو للعام 2013 حيث قدمت دعمها السياسى والدبلوماسى والمالى لمواجهة المواقف المناوئة للثورة وحظرها أنشطة الجماعات الإرهابية، ومساندة الاقتصاد المصرى بعد الثورة.

العلاقة بين مصر والسعودية علاقة تاريخية وتشهد تطورا قويا منذ توقيع معاهدة الصداقة بين البلدين فى عام 1926 اذ أيدت المملكة مطالب مصر الوطنية فى جلاء القوات البريطانية عن الأراضى المصرية ووقفت إلى جانبها فى الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية، وفى 27 أكتوبر عام 1955 وقعت اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين.

ووقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر أثناء العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 وقدمت لمصر فى 27 أغسطس 1956 (100 مليون دولار) بعد سحب العرض الأمريكى لبناء السد العالى وفى 30 أكتوبر أعلنت المملكة التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثى على مصر.

وعقب العدوان الإسرائيلى على الدول العربية مصر وسوريا والأردن عام 1967 وجه الملك فيصل بن عبد العزيز ملك السعودية الراحل نداء إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة المعتدى عليها وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود، واستمرت المساندة السعودية لمصر حتى حرب أكتوبر 1973حيث ساهمت المملكة فى الكثير من النفقات التى تحملتها مصر قبل الحرب، وقادت المملكة معركة البترول لخدمة حرب أكتوبر.

وتجسيدا للعلاقات المتميزة بين مصر و السعودية فى مختلف المجالات تشهد العلاقات الدينية والثقافة نشاطا مميزا، وتشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية تفاعلا ونموا مستمرا تضاعف عدة مرات منذ الثمانينات من القرن الماضي، أدى إلى أن تحتل الاستثمارات السعودية المرتبة الأولى بين الدول العربية المستثمرة فى مصر, والمرتبة الثانية على مستوى الاستثمارات العالمية.

ووفقا لبيان الهيئة العامة للاستثمار يبلغ حجم الاستثمارات السعودية فى مصر 5.777 مليار دولار بعدد شركات مؤسسة 3.057 شركة خلال الفترة من 1/1/1970 حتى 31/12/2013، ويحتل القطاع الصناعى المرتبة الاولى باستثمارات تبلغ 2 مليار دولار، يليه القطاع الإنشائى باستثمارات مليار دولار.

وتأتى الاستثمارات السياحية فى المرتبة الثالثة بـ933 مليون دولار بعدد شركات مؤسسة 268 شركة، بينما تحل الاستثمارات فى القطاع التمويلى فى المرتبة الرابعة بـ112 شركة باستثمارات تبلغ 693 مليون دولار، تليها الاستثمارات الزراعية ثم الخدمية وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وفى إطار تعزيز هذه العلاقات، قامت اللقاءات الثنائية وتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم.

ويعد ملف العمالة المصرية فى السعودية من أهم الملفات المهمة على صعيد العلاقة بين الدولتين، وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد المصريين العاملين بالمملكة العربية السعودية يُقدر بحوالى 1,8 مليون مصري، فى حين تشير تقديرات أخرى غير رسمية إلى أن هذا العدد يزيد على ثلاثة ملايين مصري. وبشكل عام تمثل العمالة المصرية رقمًا مهمًا على قائمة الأجانب العاملين فى السعودية، وينتشر المصريون فى جميع مناطق وأرجاء المملكة، كما يشغل العاملون المصريون قطاعات حيوية مهمة، منها على سبيل المثال الصيدلة والطب والمحاسبة والتعليم والإنشاءات والمقاولات.

اتسمت علاقات مصر والسعودية بعمق فى العلاقات العسكرية بينهما، فقد كانت المشاركة العسكرية بين الجانبين خلال حرب تحرير الكويت عام 1991، وشهدت العلاقات عددا من الزيارات العسكرية المتبادلة بين القادة والمسئولين العسكريين فى كلا البلدين لبعضهما البعض وبشكل دورى لتبادل الآراء والخبرات والمعلومات العسكرية والأمنية والإستخباراتية التى تهم البلدين.

وتعاون البلدان فى مجال المناورات العسكرية التدريبية المشتركة مثل مناورات »تبوك» للقوات البرية للبلدين ومناورات »فيصل» للقوات الجوية ومناورات »مرجان» للقوات البحرية، ويعمل الطرفان على أن تشهد التدريبات المستقبلية توحيدًا كاملا ليس للعقيدة القتالية فقط وإنما للمصطلحات العسكرية، فالتصريحات المتبادلة بين مسئولى البلدين تعبر عن إدراك متبادل لأهمية تكاتف البلدين فى مواجهة الأخطار المشتركة وأن » أمن الخليج من أمن مصر » .