Site icon IMLebanon

خلوة وعود: توسيع تقديمات الضمان لتشمل طبّ الأسنان؟

Akhbar

محمد وهبة
سيطر موضوع زيادة التقديمات الصحيّة للمضمونين على أعمال اليوم الثاني والاخير من خلوة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (عُقدت يومي الجمعة والسبت). وفيما عانى المجتمعون من غياب الأرقام والدراسات اللازمة لمناقشة المشاريع المطروحة، لم تنتج هذه الخلوة سوى وعود ستعمل أجهزة الضمان على إعداد مشاريع لإقرارها.

بين هذه الوعود المباشرة في تقديم عنايات طب الأسنان، وزيادة مساهمة الصندوق في الأدوية الباهظة الثمن، والتعاقد مع المختبرات لتمكين المضمون من دفع حصّته من كلفة الفحوصات فقط، أي 20%. بعض الطروحات ذهبت في الاتجاه المعاكس، أي حصر التقديمات وقضم التعويضات العائلية من خلال حصرها بثلاثة أولاد بدلاً من خمسة.

وعد بتغطية الأسنان

يعتقد أكثر من عضو في مجلس إدارة الضمان أن الخلوة التي عقدت على مدى يومي الجمعة والسبت الماضيين، ذهبت في إطار نقاش عام رغم أن اللجنة التي أعدّت محاور النقاشات بالتعاون مع أجهزة الصندوق الثلاثة (مجلس إدارة، إدارة، لجنة فنية) كان لديها الوقت الكافي من أجل تحضير ملفات تفصيلية عن كل نقطة من الموضوعات المطروحة. هذا النقص فرض على المجتمعين بتر النقاش في مجال توسيع التقديمات الصحية بسبب نقص التفاصيل وغياب الأرقام المالية.
كانت الجلسة الثالثة في خلوة الضمان هي الأكثر تفاعلاً. فموضوع هذه الجلسة، أي زيادة تقديمات الضمان، حمل عنواناً منسيّاً منذ 13 سنة، وهو تغطية عنايات طب الأسنان. بعد مرور كل هذا الوقت، أعيد فتح هذا الملف الذي أقرّ في آذار 2001 بمرسوم رقمه 5104. مضمونه هو الترخيص للصندوق بتغطية طب الأسنان «على أن يحدّد النظام الداخلي للصندوق طرق تطبيق أحكام المرسوم». يومها، اختلف الجميع على آليات التطبيق رغم أن الصندوق اشترى كراسي طبّ الأسنان ضمن مهمة الرقابة. والخلاف كان يكمن في مدى شمول التغطية بعض الأعمال الطبية المتعلقة بالأسنان، فهل تشمل التغطية زرع الأسنان إلى جانب الحشو والقلع؟ هل تدخل الأسنان الصناعية ضمن التغطية؟ هل يعدّ تقويم الأسنان أمراً طبياً أم تجميلياً لا يمكن تغطيته؟

ثمة كثير من الأسئلة التي كانت مطروحة في هذا المجال، لكن الضمان لم يستطع أن يبتها، او لم يكن يريد بتها، فيما أدّت الخلافات السياسية بين بعض أركان السلطة إلى تعطيل تطبيق المرسوم بعدما تبيّن أن الوفر في فرعي ضمان المرض والأمومة ليس حقيقياً ولا يكفي لتغطية طب الأسنان. أما اليوم، فيبدو أن الحديث عن العجز المالي السابق في الصندوق حلّ بدلاً منه عجزاً في السيولة سببه امتناع الدولة عن سداد ما يستحق عليها من مبالغ للضمان والبالغة 1000 مليار ليرة. وفيما لم تُعرف بعد حقيقة الوضع المالي بسبب عدم تقديم إدارة الضمان أي رقم يتعلق بهذا الموضوع، كان هناك شبه توافق بين المجتمعين في الجلسة على ضرورة إيجاد آلية لتطبيق مرسوم تقديم عنايات طب الأسنان. وقد كانت هناك اقتراحات تتعلق بتطبيق النظام الفرنسي من أجل تغطية القلع والحشو وطقم الأسنان فقط، أي أن التطبيق لن يشمل الزرع والتقويم.
لكن هذا الاقتراح اصطدم بغياب أي رقم عن الكلفة المالية التقديرية لطب الأسنان، فانتقل النقاش مباشرة إلى عدم قدرة إدارة الضمان على تخصيص موظفين للعمل في هذا المجال. وفيما لم يبد أي من أطراف الإنتاج الثلاثة اعتراضه على تطبيق مرسوم طب الأسنان، تبيّن أن الاتفاق يصنّف ضمن الوعود التي سيعمل الضمان عليها خلال الأشهر المقبلة من دون أن يحدّد موعداً زمنياً لإنهاء هذه القضية.

الأدوية الباهظة

أما النقطة الثانية الأبرز في مجال توسيع التقديمات الصحية، فهي تتعلق بزيادة مساهمة الضمان في بعض الأمراض المستعصية والمزمنة والمكلفة مثل التصلب اللويحي والتليث الرئوي والضغط الرئوي… وقد تضمنت الاقتراحات أن ترفع مساهمة الصندوق في هذه الأدوية إلى 95% بدلاً من 80%، وتحديد هذا النوع من الأدوية في لائحة يعتمدها الضمان. طبعاً إدارة الضمان لم تقدّم أي دراسة عن الكلفة التقديرية لكلفة هذا العمل وتأثيره في التوازن المالي في فرع ضمان المرض والأمومة.

لا حماية ولا تقاعد

وفي مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية، المعروف باسم ضمان الشيخوخة، انحصر النقاش بعرض المشاريع المعدّة، وتلك الموجودة في مجلس النواب، وموقف طرفي المعادلة منها، أي أصحاب العمل والعمال. الجميع كان موافقاً على أن هذا الأمر يتطلب قراراً سياسياً بعد إيجاد طريقة تمويل تناسب العمال وأصحاب العمل والدولة.

العمال يرفضون «الجنيريك»

وفي الجلسة الرابعة التي كان عنوانها «الاستدامة المالية للفروع العاملة» تطرّق المجتمعون إلى موضوع التعاقد مع المختبرات ومراكز الأشعة بحيث يدفع المضمون مساهمته فقط، أي 20% من قيمة العمل الطبي. وفي هذا المجال تبيّن أن هناك عوائق تمنع إقرار هذا الأمر بسبب عدم قدرة المختبرات على التثبت من كون المريض تحق له الاستفادة من الضمان، وانحصر النقاش في اقتراح يتعلق بضرورة استحصال المواطن على موافقة مسبقة لهذه الفحوصات، أو أن يبدأ التعاقد مع المختبرات بعد ربطها بالضمان ضمن مشروع المكننة.
كذلك، ناقش المجتمعون موضوع اعتماد الضمان أدوية الجنيريك بدلاً من الأدوية الأصلية من أجل توفير مبالغ كبيرة ومهمة. وقد كشف عضو مجلس الإدارة هاني أبو جودة عن أن النظام الصحي الإسرائيلي يعتمد على أدوية الجينيريك بنسبة 60%، وبالتالي لماذا يمتنع لبنان عن اعتماد هذه الأدوية؟ الإجابة جاءت على لسان ممثلي العمال الذي أوضحوا أن موقفهم من الجينيريك يتعلق بكونه اقتراحاً يحرم العمال من الحصول على أدوية أصلية فيما لا يمكن التأكد من مصدر هذه الأدوية ومدى فعاليتها في ظل غياب مختبر مركزي للدولة.
وقد استدعى هذا الموضوع استعادة قصّة أدوية الجينيريك وقدرة كارتيل مستوردي الأدوية والصيادلة على منع إقرارها في الضمان. ففي السابق اتخذ الضمان قراراً بفتح صيدلية خاصة به لشراء الأدوية السرطانية وتوفير مبالغ كبيرة من خلال استيراد الدواء مباشرة. القرار اتخذ عام 2008 ولم ينفذ إلى اليوم بسبب خوف المستوردين والصيادلة على فقدان جعالتهم من هذه الأدوية التي تعدّ باهظة الثمن وتوفّر لهم أرباحاً هائلة (تتراوح الجعالة بين 18% و22% لكل من المستوردين والصيادلة وأسعار الأدوية قد تتجاوز 5 ملايين ليرة للوحدة وهي تستهلك بصورة شهرية).
عند هذه النقطة أوضح عضو مجلس الإدارة عادل عليق أنه يمكن اعتماد النظام الأوروبي المعمول فيه لقبول أدوية الجينيريك. وبما أن التواصل مع الضمان الصحي الفرنسي مستمر، فيمكن الاستعانة بخبراتهم من أجل تطبيق نظام يتضمن رقابة على النوعية وعلى التسعير أيضاً.

تقليص التعويضات العائلية

وفي سياق مخالف لمبدأ توسيع تقديمات الضمان، قدّمت إدارة الضمان طرحاً يتعلق بحصر التعويضات العائلية بالزوجة وثلاثة أولاد فقط، بدلاً من خمسة أولاد كما هو معمول فيه حالياً. اقتراح الإدارة يأتي في إطار «ترشيد الإنفاق وتأمين الاستدامة المالية لفرع التعويضات العائلية»، وقد حاولت الإدارة التملّص من الاقتراح من خلال القول بأنه «توجه لن يتحقق إلا بالتوافق بين أصحاب العمل والعمال والدولة». غير أن النقاش في هذا الموضوع أظهر أن مصدره الدراسة التي أعدّها قبل سنوات عضو المجلس رفيق سلامة بتوجيه من رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة وبتمويل من مشروع الـUNDP. أثار هذا الاقتراح رفضاً واسعاً من ممثلي العمال، ومن بعض ممثلي أصحاب العمل الذين يرون أن الاتجاه العام للأسرة اللبنانية يذهب في اتجاه خفض عدد الأولاد إلى أقل من ثلاثة، ما يعني أن كلفة هذا التعويض ستنخفض تلقائياً، ولا حاجة لمناقشة الموضوع.
وقد أوضح عضو المجلس جهاد المعلّم أن وحدة التشريع تمنع مثل هذا التقليص والحصر، لأن كل الجهات الضامنة تدفع تعويضات عائلية عن الزوجة والأولاد، وأن هذا التعويض هو بمثابة جزء من الأجر الرامي إلى تحسين دخل الأسرة.