فراس أبو مصلح
أقفل عمال الصيانة والجباية (المياومون سابقاً) لدى مؤسسة «كهرباء لبنان» وشركات «مقدمي الخدمات» الخاصة، يوم أول من أمس، المداخل الرئيسية للمؤسسة بالسلاسل المعدنية، وأحرقوا الدواليب في حرمها وإخلوا مكاتبها من الموظفين.
العمّال، الذين يهددون بمواصلة تحرّكهم السلبي، قاموا بردّ فعل مفاجئ على مذكرة مؤسسة كهرباء لبنان إلى مجلس الخدمة المدنية، إذ حددت حاجتها إلى 891 عاملاً فقط من 1500 مياوم، لملء الشواغر في ملاكها من طريق مباراة محصورة بعمال غب الطلب وجباة الإكراء. سارعت لجنة متابعة العمال المياومين إلى إعلان «الإضراب المفتوح في دوائر المؤسسة وأقسامها كافة، وإقفال الأبواب الرئيسية فيها والتوقف عن القيام بأي عمل»، فيما هدد رئيس اللجنة لبنان مخول بـ«تحركات تصعيدية حتى تثبيت جميع المياومين»، مشيراً إلى أن المؤسسة صرّحت بأقل من حاجتها للعمال، ما ينمّ عن سياسة مقصودة لتعطيل المؤسسة وتبرير تشركتها و«تلزيم» سائر مديرياتها للقطاع الخاص! علماً بأن اللجنة نفسها احتفت بصدور قانون التثبيت في مجلس النواب، وعدّته انتصاراً، على الرغم من علمها حينها أن التسوية السياسية التي ارتضتها ورضخت لها وأدت إلى صدور القانون تنص بوضوح لا لبس فيه على أن نسبة كبيرة من المياومين لن يجري تثبيتهم.
من جهتها، أوضحت «كهرباء لبنان» في بيان التزامها تطبيق القانون 287 الصادر عن المجلس النيابي في شهر نيسان الماضي، الذي تنص المادة الأولى منه على أن تقوم المؤسسة بـ«ملء المراكز الشاغرة في ملاكها لوظائف إدارية وفنية بحسب حاجاتها»، لا على مبدأ تثبيت جميع المياومين. وأكدت المؤسسة التزامها كذلك مضمون الكتاب الذي وجهه إليها مجلس الخدمة المدنية بتاريخ 27 حزيران من العام الجاري، والذي طلب فيه إيداعه «بياناً بالوظائف الشاغرة المطلوب ملؤها بموجب المباراة المحصورة، ووفقاً لحاجة» المؤسسة، والتي تم تقريرها، بحسب البيان، عبر «دراسة موضوعية وتقنية ومهنية من قبل المدير العام والمديرين العشرة في المؤسسة، إضافة إلى رئيس لجنة الاستلام ورئيس مصلحة الديوان، حددت فيها حاجات المؤسسة الحالية للفئات الرابعة وما دون، وجرت الموافقة عليها من قبل مجلس الإدارة بإجماع أعضائه كافة». أكدت المؤسسة أنه «لا يسعها القيام بأي شيء خارج إطار القانون المذكور وكتاب مجلس الخدمة المدنية، تحت أي نوع من أنواع الضغوط»، داعية القوى الأمنية إلى حماية المؤسسة «وتأمين حسن سير العمل وسلامة موظفيها، وحماية مصالح المواطنين».
في اتصال مع «الأخبار»، يعترض مخول على تحديد «كهرباء لبنان» حاجتها بـ891 عاملاً، قائلاً إن «أكثر من نصف العمال لن يُثبت» وفقاً للصيغة هذه، وإن إعطاء عمال امتياز «كهرباء قاديشا» الحق بالتقدم إلى المباراة المحصورة سيخفض أكثر عدد العاملين لدى المؤسسة الأم الذين سيُثبتون في الملاك.
ثارت ثائرة العمال المياومين منذ نحو سنتين حين قرر مجلس الوزراء تثبيت 400 عامل منهم، وحصل الأمر نفسه عندما رفع مجلس الوزراء العدد إلى 700، يذكّر مخول، موضحاً أن العمال قبلوا بصيغة التثبيت حسب حاجة المؤسسة، وفق تصورهم أن عدد الوظائف الشاغرة فيها يبلغ «3 آلاف و200 على الأقل، إذا عادت المؤسسة لتؤدي مهمات مقدمي الخدمات»، أي الاستثمار في شبكة التوزيع وصيانتها، إضافة إلى الفوترة والجباية، وأن الأخيرة بحاجة لـ1500 عامل لملء الشواغر لديها حتى في ظل الشركات الخاصة «مقدمي الخدمات»! وهو ما تنفيه إدارة مؤسسة الكهرباء جملة وتفصيلاً، إذ إن خصخصة خدمات الصيانة والجباية والتوزيع أدّت واقعياً إلى خفض الوظائف المتاحة لدى المؤسسة. إلا أن مخول يصرّ على أن سبب تصريح المؤسسة بأقل من حاجتها الفعلية من العمال، أنها «لا تريد أن تعمل، في ظل التوجه إلى الخصخصة والتشركة»، وأنها «تريد أن تظل تُشعر الناس بأنها فاشلة، كي تبرر بيع باقي المديريات (بعد «بيع» مديريات التوزيع)، كمديرية الإنتاج، حيث بدأ البحث الجدي للعقود والمناقصات بهذا الشأن».
يتوقع مخول أن يحتفظ «مقدمو الخدمات» بمهماتهم الحالية، «رغم فشلهم»، و«رغم أن أداءهم أسوأ» من أداء «كهرباء لبنان». لا يهتم مخول بإلغاء مشروع مقدمي الخدمات، بقدر اهتمامه بتثبيت العمال المياومين والجباة في ملاك المؤسسة، فيقول بداية: «لا مشكلة (مع مقدمي الخدمات) إذا ما ثُبتنا. أما إذا كان مقدمو الخدمات العقبة (أمام التثبيت)، فسنُسقطهم»! ثم يحزم مخول أمره، فيقول: «لا نريد مقدمي الخدمات، لأنهم عقبة أمام التثبيت، ولأنهم أفشل (من المؤسسة)»، داعياً التفتيش المركزي والهيئات الرقابية المعنية إلى التدقيق في أداء الشركات الخاصة وكلفة خدماتها على الخزينة والمواطن؛ «فليقوموا بسبر غور، للتثبت مما إذا كانت مؤسسة الكهرباء تُسرق أو لا»، يضيف مخول، مبدياً تعلقه بفكرة الدولة التي تراقب وتحاسب، رغم تيقنه أن «لا دولة» من هذا النوع.