IMLebanon

حرارة الشمس ترفع حجم حمولة بواخر الفيول سرقة محتملة بقيمة 75 مليون دولار سنوياً

Nahar

موريس متى

أزمة تشعل أزمة، وخطاب يشعل خطاباً، هكذا يمكن وصف يوميات لبنان في الأشهر القليلة الماضية مع استمرار الاعتصامات والاحتجاجات المطلبية العديدة، من سلسلة الرتب والرواتب الى ملف الجامعة اللبنانية وقانون الايجارات وقضية المياومين وجباة الإكراء التي بدأت تتفاعل اكثر فأكثر نحو المزيد من التأزم واتخاذ التحركات التي يقوم بها هؤلاء منحىً جديداً وخطيراً تجلى بالعنف وقطع الطرق والتصريحات التي قد يُعتبر بعض ما جاء فيها إخباراً لدى النيابة العامة والسلطات القانونية المسؤولة.

احتجاجات شهدت تصريحات نارية تُندد بفضيحة في حال صدقت معطياتها أقل ما يُقال عنها إنها فضيحة مدوية قد تطيح وزراء ومسؤولين وقيمين على الملف. “الأموال العامة هي موضوع السرقة كما المواطن”، فبحسب المعلومات التي كشف عنها عضو لجنة مياومي “مؤسسة كهرباء لبنان” أحمد شعيب خلال الاعتصام الذي دعت اليه اللجنة مطلع الاسبوع الجاري امام مبنى المؤسسة، هناك عمليات سرقة موصوفة ومبرمجة تتم لمادة الفيول التي يتم شراؤها لمصلحة “مؤسسة كهرباء لبنان” من خلال إبقائها في البواخر بعرض البحر قبالة معمل الزوق الحراري لأطول مدة ممكنة من دون إفراغها، وهذا الاجراء يساهم، بحسب شعيب في تمدد مادة الفيول في خزانات الباخرة. فمثلا إبقاء باخرة بحمولة 45 الف طن في عرض البحر من دون إفراغها وتحت أشعة الشمس يؤدي الى تمدد حمولتها الى حدود الـ 75 الف طن. وبعد عملية التمدد يتم تفريغ الـ 45 ألف طن في خزانات المعامل، أما الكمية المتبقية فيتم إعادة بيعها. وهذا الأمر إذا ما تم إثباته بالفعل يعني وجود تواطؤ وسرقة من بعض المسؤولين عن هذه البواخر اي الشركات التي تملكها وشركات مولجة استيراد المشتقات النفطية بالاتفاق مع المسؤولين المنتدبين من الدولة اللبنانية لمراقبة هذه العملية والتي تتم عبر وزارة الطاقة والمياه المولجة عملية التسلم.
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط في لبنان اوسكار يمين لـ”النهار” ان هذه الاتهامات لا تمت الى الواقع العلمي إطلاقاً. فمادة الفيول الموجودة في البواخر تتعرض إجمالا الى حرارة أشعة الشمس، وبالطبع هذه الحرارة تساهم في تمدد حجم المادة ولكن بحد أقصاه 0,3% من الحجم الاجمالي للحمولة. وهنا يؤكد يمين ان الوزن لا يتغير بل الحجم فقط، ويضيف: “عند تعرض حمولة مادة الفيول الى أشعة شمس تصل الى قرب 60 درجة مئوية يتمدد حجم الحمولة بحوالى 0,3% فقط من حجمها الاصلي ولكن لا تغيير في الوزن الاجمالي للحمولة”. وأيضا يؤكد رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط ان كل دول العالم لديها ما يُعرف بالـ”coefficient de tolerance” أي هامش تبدل حجم حمولة البواخر من الفيول نظرا الى تعرضها لأشعة الشمس خلال نقلها في البحر، أما في لبنان فهذا الهامش يجب الا يتخطى الـ0,5% والا تضطر الشركة التي تزود “مؤسسة كهرباء لبنان” مادة الفيول الى دفع غرامة تُفرض من وزارة الطاقة. كما يشير يمين الى ان مواصفات حمولة الفيول وعملية تفريغها تخضع الى رقابة العديد من الاطراف هي: وزارة الطاقة والمياه (مديرية منشآت النفط)، الشركة اللبنانية التي قامت باستيراد الفيول لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان، الشركة الاجنبية التي أمنت الحمولة والقيمين على الباخرة.

إشارة…
لكن ما يجب تسليط الضوء عليه هو الآتي:
عادة يتم تسليم المشتقات النفطية على درجة حرارة تصل في حد أقصى الى قرب 15 درجة مئوية وهذا يعني أن البواخر يتم نقلها في البحر ضمن درجات حرارة أقل بكثير من درجة الحرارة المحيطة بنا، وعند التسليم يعود هذا النفط إلى حجمه الطبيعي المُعلن عنه عند شراء الفيول مما يمنع وجود أي التباس في كمية النفط التي تمّ تسليمها. أما في لبنان فتُفيد بعض المعلومات العلمية أن معدل حرارة بيع المشتقات النفطية تبلغ 30 درجة مئوية، ما يعني حكما تمدد حجم الحمولة ضمن خزانات البواخر وقد يؤمن أرباحاً إضافية للشركات المستوردة للفيول عند تسليم المادة.
واستنادا الى بعض الارقام العلمية، فإن مادة البنزين مثلا تتمدد بحدود 1,5 مليليتر لكل ليتر عند ارتفاع درجة الحرارة حوالى 1 درجة مئوية أي بمعنى آخر 2 في المئة لكل 10 درجات مئوية وهذه النسبة هي قيمة الغش التجاري في عملية استيراد مادة البنزين 95 أوكتان من دون رصاص إلى لبنان. أما في ما يخص الفيول فإن النسبة تُقارب الـ 1% تقريباً، وإذا ما احتسبنا معدل وسطي عند 1,5 بالمئة على ما قيمته 5 مليارات دولار من المشتقات النفطية التي يستوردها لبنان سنويا، فإن حجم الغش في هذا الملف قد يصل الى 75 مليون دولار لكل 10 درجات مئوية. مع العلم أيضا ان كل يوم تأخير عن موعد تفريغ الحمولة يكلف خزينة الدولة 25 الف دولار إضافية لمصلحة الباخرة المحملة بالفيول.
قد يكون توقيت فتح هذا الملف مرتبط بالتأخير الذي حصل مطلع الشهر الجاري في عملية فتح الاعتمادات المخصصة لشركة كهرباء لبنان في خطوة أدت الى تأخير عملية إفراغ حمولة الفيول في معمل الزوق الحراري بعد انتظار الباخرة في عرض البحر لأيام قرار وزارة المال. ولكن المهم اليوم حصول المواطن اللبناني على توضيح من السلطات المعنية بهذا الملف وتحديدا وزارة الطاقة والمياه ووزارة الاقتصاد المؤتمنة على حماية المستهلك في الوقت الذي قد يكون من الاجدى إحالة هذا الملف الى النيابة العامة للتحقيق واتخاذ القرارات المناسبة.