أفضى الكباش الذي حصل أمس بين وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب وهيئة التنسيق النقابية أمام أبواب الوزارة الى تراجع بو صعب عن مواقفه، معلناً التوقف عن «وضع أسس التصحيح بناء لرغبة هيئة التنسيق، لكي لا يتم شق الصف التربوي النقابي«، كما لبى رغبة الهيئة بتأجيل تنفيذ القرار بإعطاء الإفادات إلى ما بعد عطلة عيد إنتقال السيدة العذراء إفساحاً في المجال لمروحة من الاتصالات مع المرجعيات السياسية الأساسية لعقد جلسة نيابية من أجل إقرار حقوق المعلمين«.
وشهد الاعتصام الذي نفّذته هيئة التنسيق صباح أمس أمام وزارة التربية، هرج ومرج وتدافع، حيث منع المعتصمون الاساتذة الراغبين بالمشاركة في وضع أسس التصحيح من الدخول الى مبنى الوزارة، ما دفع بو صعب للتأكيد انه «لا يحق لهيئة التنسيق ان تمنع الاساتذة من التصحيح بالقوة»، داعياً إياها «الى العمل بطريقة ديموقراطية»، آملاً ألا «يحصل في وزارة التربية ما حصل مع المياومين بالأمس في شركة الكهرباء«.
محفوض
وفي تعليق على ما حصل بالامس، قال رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة عضو هيئة التنسيق النقابية نعمة محفوض لـ»المستقبل» «لقد سقط اليوم (أمس) خياران، الاول التصحيح، والثاني اعطاء الافادات، ونحن الان أمام خيار ثالث، يتمثل بعقد لقاءات مع الفعاليات السياسية بدءاً بالرئيس سعد الحريري، ورؤساء الكتل النيابية، لإيجاد حل لموضوع السلسلة«، معتبراً ان «اي حل آخر يضرب العمل التربوي ويضر بمستقبل الطلاب، ويطيح بحقوق مليون لبناني ينتظرون اقرار السلسلة». وشدد على ان هيئة التنسيق أثبتت خلال اليومين الأخيرين «عدم رضوخها للضغوط والاساليب الترهيبية التي استخدمت من قبل الوزير، لا سيما ان هناك في الوزارة أشخاصاً ليست لهم علاقة بالعمل التربوي، كما انها أثبتت أنها هيئة مستقلة ديموقراطية وتؤمن بالعمل النقابي الى أبعد الحدود».
قاسم
اما عضو هيئة التنسيق النقابية محمد قاسم، فقال: «إن الهيئة لا مطلب لديها غير إقرار السلسلة بالحلول المقترحة فيها«. وأكد في تصريح لـ»المستقبل» أن هيئة التنسيق متمسكة بحقها بسلسلة تضمن الحقوق لجميع القطاعات، معلناً «الانتهاء من مقولة التصحيح والإفادات لأن هذا الموضوع صار خلفنا»، حيث إن الموضوع الإستراتيجي هو إقرار السلسلة، بينما تقع مسؤولية الإفادات وغيرها على المجلس النيابي ووزير التربية.
وأوضح أن التوجه الآن سيكون «باتجاه الكتل النيابية والمراجع السياسية، وبالنسبة إلى الهيئة فإن كل الاحتمالات مفتوحة وقرارها يبقى مقاطعة التصحيح، وهي مستمرة في تحركها«، مضيفاً أن عدم اللجوء الى الإفادات مرتبط بمدى استعداد الكتل للحضور الى المجلس النيابي لإقرار السلسلة والدور المفترض لوزير التربية في تحفيز مشاركة الكتل للقيام بهذه الخطوة.
ميقاتي
وناشد الرئيس نجيب ميقاتي في تصريح أمس، هيئة التنسيق «العودة عن قرارها بمقاطعة تصحيح الامتحانات والتجاوب مع المبادرات الرامية الى إيجاد حل لموضوع سلسلة الرتب والرواتب، بعيداً عن ضغط مقاطعة تصحيح الامتحانات«. وقال: «نناشد الهيئة التي تجاوبت اكثر من مرة وضحت بالكثير، أن تتجاوب مرة جديدة مع الدعوة الى تصحيح الامتحانات رأفة بالطلاب، خصوصاً وان موضوع سلسلة الرتب والرواتب قطع اشواطاً متقدمة ويجري استكمال البحث بدقة في سبل تمويل السلسلة حفاظاً على مصلحة الجميع ومنعاً لأي خطوة في المجهول».
«المستقبل»
أما منسق عام قطاع التربية والتعليم في «تيار المستقبل» نزيه خياط، فأوضح ان «دعوة التيار هيئة التنسيق لعدم مقاطعة التصحيح ينبع من حرصنا على عدم استخدام الامتحانات الرسمية كورقة ضاغطة لتحقيق مطالب قد تستجد في المستقبل«. وقال في تصريح أمس: «إن موقف القطاع لا يقتصر على دعوة الاساتذة المناصرين للتيار، انما دعوتنا كانت واضحة لهيئة التنسيق مجتمعة الى العودة عن مقاطعة التصحيح. أما إلزام أساتذتنا بالتصحيح، فليست من أدبياتنا ولا سلوكنا السياسي الحزبي التنظيمي ان نلزم اي أحد بموقف سياسي، بل نترك الخيار لهم لأنهم أدرى بمصالحهم«.
وأكد ان الموضوع حساس و»نحن نتفهم وجهتي النظر أكان وجهة نظر الاساتذة او وجهة نظر وزير التربية الياس بو صعب». وأشار الى ان «المسؤولية تقع على جميع القوى السياسية للخروج من هذا المأزق«.
أضاف «للأسف يبدو أن التوجه العام يسير نحو اعطاء إفادات للطلاب«.
شريط التطورات
وكان الاساتذة بدأوا التجمع منذ صباح أمس امام مبنى وزارة التربية في الاونيسكو تلبية لدعوة هيئة التنسيق النقابية، وعملوا على منع الاساتذة من الدخول الى مبنى الوزارة.
وبعد وقت قصير، بدأ الاعتصام أمام وزارة التربية من قبل هيئة التنسيق النقابية، فيما دخل عدد من الاساتذة وغالبيتهم من المتعاقدين الى مبنى الوزارة لوضع أسس التصحيح.
وقد حضر نقيب معلمي المدارس الخاصة نعمه محفوض محاولاً مع الاساتذة المعتصمين اقناع الاساتذة الذين يريدون الدخول الى الوزارة لوضع اسس التصحيح العودة عن قرارهم.
إلا أن تدافعاً وحالاً من الهرج والمرج حصل بين الاساتذة الذين يريدون التصحيح، وبين المقاطعين، وذلك بعد حضور وزير التربية والتعليم الياس بو صعب الى الوزارة.
وعلى الاثر، اعلن بو صعب من امام وزارة التربية، ان «ثمة اساتذة يريدون التصحيح وفريق آخر يريد فرض رأيه بالقوة». واشار الى ان «هناك حوالى 50 او 70 استاذاً يريدون منع لبنان كله من اجراء عملية التصحيح، مؤكداً انه «لا يحق لهيئة التنسيق ان تمنع الاساتذة من التصحيح بالقوة»، داعياً «هيئة التنسيق الى العمل بطريقة ديموقراطية«.
أضاف «كنت اتوقع زحفاً من آلاف الاساتذة الى وزارة التربية الرافضين للتصحيح، فاذا بالعدد قليل جداً وهم لا يستطيعون ان يفرضوا رأيهم بالقوة»، آملاً الا يحصل في وزارة التربية ما حصل مع المياومين بالامس في شركة الكهرباء.
ورد عضو هيئة التنسيق النقابية حنا غريب على كلام الوزير بو صعب، متهماً وزير التربية بأنه يسعى الى شق صف الاساتذة وضرب وحدة هيئة التنسيق النقابية، مشيراً الى انه «جلب عدداً من اصحابه الى التصحيح من اجل ان يفعل «بروباغاندا«.
اما عضو هيئة التنسيق محمد قاسم، فأشار الى انه تم ادخال بعض الاساتذة ممن يريدون التصحيح بطريقة سرية الى مبنى الوزارة وان موظفي الوزارة ادركوا ذلك وطالبوا باقفال البوابات.
بو صعب والهيئة
بعد ذلك، وبدعوة من بو صعب دخل وفد من هيئة التنسيق النقابية الى مبنى وزارة التربية وعقد اجتماعاً مطولاً معه. وانتهى الاجتماع بمؤتمر صحافي مشترك أمام مدخل الوزارة بعدما اوقف الوزير وضع أسس التصحيح بناء لرغبة هيئة التنسيق ولكي لا يتم شق الصف التربوي النقابي، كما لبى رغبة الهيئة بتأجيل تنفيذ القرار بإعطاء الإفادات إلى ما بعد عطلة عيد انتقال السيدة العذراء إفساحاً في المجال لمروحة من الاتصالات مع المرجعيات السياسية الأساسية لعقد جلسة نيابية من أجل إقرار حقوق المعلمين.
وتحدث بو صعب، فقال: «لم نكن نتمنى أن نرى أي تباين أو شرخ داخل الصف النقابي بل إننا نتمنى دائماً أن يبقى الجسم النقابي التربوي موحداً حتى لو اختلفنا على مقاربة الحلول، فالمبدأ والمطلب هو الأساس حتى مع وجود وجهات نظر مختلفة مع هيئة التنسيق ولكننا لسنا مختلفين أن المطالب هي الأساس«. لقد بدأ وضع أسس التصحيح لأربع مواد، بناء على تمنيات هيئة التنسيق بوقف وضع أسس التصحيح وافقنا، وتابعنا الاجتماع مع الهيئة لأننا من خلال الحوار يمكن أن نحقق رغبتنا المشتركة بإيصال الحقوق إلى أصحابها، ولا يزايد علينا أحد في حرصنا على الحركة النقابية، فهي حركة أساسية تعطي مفعولها، واليوم أعطت هذه الحركة نتائج جيدة، إذ تمنت وقف أسس التصحيح فوافقت، كما تمنت تأجيل تطبيق قرار الإفادات فوافقت، وذلك على الرغم من موافقة مجلس الوزراء، وسوف تقوم هيئة التنسيق بمراجعة المرجعيات في خلال الفترة المقبلة حتى نهاية عطلة عيد السيدة، لكي نصل إلى تأمين مطالب الأساتذة، خصوصاً وأن الأفق السياسي مقفل، وبالتالي فإن هيئة التنسيق ونحن معها يجب أن نحاول فتح ثغرة في الأفق المقفل، ونطلب أن ينزل الوحي على السياسيين في عيد السيدة لكي يتوافقوا على عقد جلسة لمجلس النواب لإقرار الحقوق. كما نطلب من وسائل الإعلام مواكبة الهيئة في مطالبها وفي حركتها«. اضاف «إن القوى الأمنية والعسكرية تطالب بالسلسلة ولكنها لا ترفع صوتها وهي معنية بها وتقوم بواجبها«. وتابع «ليس عيباً أن نغير رأينا ونأخذ قرارات ونتراجع عنها، وكلنا أمل بالوصول إلى نتيجة مرضية«.
وأوضح بو صعب أن ما حدث من مشاكل حول المبنى لم يكن مخططاً له وأن القوى الأمنية تقوم بدورها حتى آخر لحظة، ولو حدثت أخطاء فهي طبيعية. وبالتالي فقد تفاهمنا مع هيئة التنسيق بالحوار والهدوء«. وكشف أنه سيواكب الهيئة في جولتها.
وتحدث غريب فقال: «طلبنا من الوزير وقف أسس التصحيح والإفادات وقد تجاوب معنا وهذه نقطة مهمة ونحن ذاهبون إلى رفع الصوت ابتداءً من الغد (اليوم)، وإننا نوجه نداءً إلى الجميع للزحف غداً (اليوم) إلى ساحة رياض الصلح من أجل المطالبة بعقد جلسة للمجلس النيابي دفاعاً عن الحقوق ولإقرار السلسلة. وسنقوم باتصالات مع المعنيين والمرجعيات السياسية للوصول إلى هذا الهدف«.