IMLebanon

صندوق النقد: لسياسة مالية عامة تعالج الآثار البيئية للطاقة

CarbonEmission1

ينبغي أن تكون سياسات المالية العامة هي محور التركيز عند تحديد أسعار الطاقة بما يراعي اآلثار الصحية والبيئية الضارة المرتبطة باستخدامها، طبقا لتقرير جديد أصدره صندوق النقد الدولي. تحدد كثير من البلدان أسعار الطاقة بشكل خاطئ ألن مستويات الأسعار التي تعكس الضرر البيئي، وخاصة تغير المناخ وتلوث الهواء واآلثار الجانبية المختلفة الستخدام السيارات، مثل الحوادث والاختناقات المرورية. و يشير تقرير الصندوق إلى أن بلدانا كثيرة تفرط في االعتماد على ضرائب الدخل العام وجدول الرواتب لتحقيق أهدافها المالية، كما تعتمد بدرجة أقل مما ينبغي على ضرائب استخدام الطاقة.

مبررات التحول الضريبي

يؤكد التقرير أن اصلاح ضرائب الطاقة ينبغي أن يركز على تعبئة إيرادات جديدة، بل على إعادة هيكلة النظام الضريبي بحيث يبتعد عن الضرائب التي يرجح أن تكون الأكثر ضررا على الكفاءة والنمو، مثل ضرائب الدخل، ويتجه نحو ضرائب الطاقة دقيقة التصميم – أي نحو الضرائب أذكى وليس أعلى. وطبقا للتقرير، يتطلب التوصل إلى أسعار الطاقة
الصحيحة التوسع في ضرائب الوقود المطبقة على المركبات، وهي مستقرة بالفعل وتدار بسهولة في كثير من البلدان، لتشمل منتجات الوقود األحفوري األخرى، مثل الفحم والغاز الطبيعي، أو انبعاثاتهما، وتحديد معدالت هذه الضرائب بما يتناسب مع الضرر البيئي.
وفي هذا الصدد يقول فيتور غاسبار، رئيس إدارة شؤون المالية العامة بالصندوق، إن “إصالحات ضرائب الوقود يمكن أن تحقق منافع كبيرة على صعيد الصحة والبيئة والمالية العامة. فتقديراتنا تشير إلى أن التحول من أسعار الوقود الحالية إلى أسعار تتميز بالكفاءة، على مستو ى العالم، يمكن أن يحد ث انخفاضا قدره 36% في الوفيات المتعلقة بالتلوث نتيجةاحتراق الوقود األحفوري، وهو انخفاض يأتي معظمه من خفض الوفيات المرتبطة باستخدام الفحم، وأدوات المالية العامة، مثل الرسوم البيئية على استخدام الوقود، أثر تحفيزي قوي على السلوك االقتصادي. وتتميز هذه الأدوات بما يلي:
 هي األكثر فعالية في االستفادة من فرص الحد من اآلثار الصحية والبيئية الضارة المرتبطة باستخدام الطاقة
)التحول إلى أنواع وقود أنظف، واستخدام مركبات أكثر كفاءة في استهالك الوقود، والحفاظ على البيئة في
استخدام مكيفات الهواء،
 تحقق الحماية البيئية بأقل تكلفة كلية على االقتصاد – ما دامت إيرادات الضرائب البيئية تستخدم بشكل منتج
)لتخفيض عبء الضرائب األوسع نطاقا في نظام المالية العامة أو تمويل اإلنفاق الذي ينطوي على قيمة
اجتماعية، على سبيل المثال(؛
 تحقق التوازن الصحيح بين المنافع والتكاليف البيئية – ما دامت معدلات الضريبة متسقة مع الأضرار البيئية

تحديد حجم األضرار

بالرغم من قوة الأسباب الداعية إلى استخدام أدوات المالية العامة من الناحية النظرية، فلم يتسن من قبل وضع النظرية
موضع التنفيذ، بمعنى أن المعلومات كانت قليلة عن حجم الأضرار البيئية المتعلقة بالطاقة في معظم البلدان. يقول السيد
إيان باري، الخبير الرئيسي في سياسة المالية العامة البيئية بصندوق النقد الدولي والمؤلف الرئيسي للتقرير: “نقدم في
دراستنا إرشادا عمليا يوضح للبلدان كيفية تحديد كم اآلثار الجانبية الضارة المترتبة على استخدام الطاقة، وما ينطوي عليه
ذلك من ضرائب تصحيحية على الفحم والغاز الطبيعي والبنزين وديزل الطرق في عدد يتجاوز 051 بلدا.”
ويضيف: “على سبيل المثال، تقاس اآلثار الصحية للهواء الملوث بتقدير عدد المعرضين للتلوث من مصانع الفحم ومخاطر أمراض القلب والرئة المختلفة.
ويفيد التقرير بأن الرسوم المناسبة على منتجات الوقود األحفور ي هي حاصل ضرب معدالت االنبعاث الصادرة عن احتراق الوقود في األضرار البيئية لكل وحدة من االنبعاثات. وقد يتطلب األمر رسوما إضافية لضرائب وقود المركبات بما يعكس تكاليف االختناقات المرورية والحوادث وتلفيات الطريق، على األقل مؤقتا، وا تتحول على
المدى األطول إلى نظام الضرائب القائم على المسافة المقطوعة، وخاصة لمعالجة االختناقات على نحو فعال )كأن يتم
تطبيق رسوم على الطرق المزدحمة في فترات الذروة، على سبيل المثال(.

االستفادة من استنتاجات التقرير

يمكن أن يعكف وزراء المالية على تحديد أسعار مناسبة للطاقة، نظرا لدورهم في إدارة ضرائب الطاقة، ربما كجزء من عملية تحول ضريبي على نطاق أوسع. ونظرا لما يمكن أن يتحقق من منافع بيئية ومالية كبيرة، ال ينبغي أن ينتظر التعاون الدولي بشأن سياسة المناخ. ويشير التقرير إلى إمكانية تخفيف األثر على األسر المعيشية محدودة الدخل من خالل تدابير موجهة – مثل تقوية شبكات األمان االجتماعي – وهي طريقة أكثر فعالية في مساعدة هذه الفئات مقارنة باإلبقاء على أسعار الطاقة المنخفضة، نظرا ألن أصحاب الدخول المرتفعة هم أكبر المستفيدين من أسعار الطاقة المنخفضة.
وبالرغم من وجود بعض المسائل الخالفية التي ال يمكن تجنبها فيما يتصل بقياس الضرر البيئي )كيف، على سبيل المثال، يمكن تحديد سعر لالحترار العالمي أو قيمة التغيرات في الوفيات بسبب التلوث(، فإن المنهجية و أدوات اللوحات الجدولية المصاحبة لها في التقرير يمكن أن تأخذ وجهات النظر المختلفة في الحسبان وتصبح نقطة بدء مفيدة لحوار بشأن السياسات.