طمأن حاكم مصرف سوريا المركزي الدكتور أديب مياله السوريين على أن سعر صرف الليرة خلال الفترة المقبلة يميل نحو الاستقرار والتراجع التدريجي، وأرجع تلبية الطلب على النقد الأجنبي للأهداف التجارية وغير التجارية.
وتلاشت احتياطات البنك المركزي من العملات الأجنبية، التي كانت تبلغ نحو 18 مليار دولار قبل اندلاع الحرب في سوريا.
وأشار الى أن الناتج المحلي الإجمالي فقد 80 بالمئة من قيمته منذ مارس 2011 بعد توقف عائدات السياحة والنفط وشلل قطاعي الزراعة والصناعة.
وتوقع المحلل المالي علي الشامي لجوء الحكومة لطرح بعض أصول الدولة والقطاعات الحكومية للبيع عبر توسيع برنامج “الخصخصة” لتأمين السيولة، بحجة أنها قطاعات خاسرة، وفتح المجال لرأس المال الخاص، المحلي والخارجي ليشارك في جميع القطاعات بما فيها النفط والكهرباء.
وأضاف أن “الحكومة استنفذت كل ما لديها من احتياطات، وإذا لم تنجح خطط “الخصخصة” فإنها ستلجأ إلى مزيد من الديون، ورهن الثروات الباطنية لإيران وروسيا”.
وبلغت قيمة أصول المصارف الحكومية والخاصة في سوريا قبل اندلاع الثورة، نحو 43 مليار دولار، وهو مبلغ ضئيل جداً مقارنة ببعض البلدان المجاورة، ومنها لبنان الذي كان حجم أصول مصارفه يتجاوز 120 مليار دولار في العام 2011.
وكانت بعض المصارف اللبنانية والخليجية قد دخلت القطاع المصرفي السوري قبل اندلاع الثورة، وسط توقعات بحركة استثمارية كبيرة ومشاريع سياحية وصناعية ضخمة، تأخذ بالاعتبار موقعها الجغرافي على البحر المتوسط وطرق العبور إلى منطقة الخليج والعراق وايران.
وتعاني المصارف العاملة في سوريا حالياً من أزمة حادة بعد انخفاض سيولتها وتفاقم نسبة القروض المتعثرة. وتشير بيانات البنك المركزي السوري إلى أن خمسة مصارف كبيرة تابعة للقطاع العام، تواجه ديونا متعثرة تبلغ نحو 205 ملايين دولار.
وفي محاولة من النظام لحل مشكلة الديون المتعثرة، أصدر الرئيس بشار الأسد في مطلع فبراير الماضي قرارا بإعادة جدولة القروض والتسهيلات الممنوحة لأصحاب المشاريع السياحية والصناعية والتجارية والخدمية، المتأخرين عن سداد التزاماتهم تجاه المصارف العامة. وأعفى تلك المشاريع من كامل فوائد التأخير والغرامات غير المسددة لغاية تاريخ صدور القرار، شريطة التأكد من توفر الضمانات وكفايتها وقدرة المدينين على السداد وعلى مسؤولية إدارة المصرف المعني.
ولم يتمكن القرار من معالجة التسويات المصرفية التي ترتبت عليه في الموقف المالي لتلك المصارف، ولذلك اتفق مديرو المصارف على ضرورة اقتراح تمديد العمل بالقرار للسماح للمقترضين المتعثرين بتسوية ديونهم.
ويرى خبراء المال أن الإعفاءات التي قدمها القرار، لا تعتبر حافزاً لأصحاب الديون المتعثرة للإقدام على سداد ديونهم، لأن مشكلتهم متعلقة بالتضخم النقدي الذي لحق بالليرة السورية جراء تدهور سعر صرفها مقابل العملات الأجنبية، التي فقدت نحو 70 بالمئة من قيمتها منذ اندلاع الثورة، لأن التضخم أكل من الكتلة النقدية لدى المصارف أضعاف ما يمكن أن يعوضه سعر الفائدة الذي لا يتجاوز 11 بالمئة.
كما أن الإعفاء شمل الديون المتعثرة لدى المصارف الحكومية فقط، وهي ضئيلة جدا مقارنة مع القروض المتعثرة لدى المصارف الخاصة والتي لا يشملها القرار، وقدرتها مصادر مصرفية بنحو 10 بالمئة من إجمالي قروضها، وبما يزيد على 1.5 مليار دولار.
وفي إطار خطتها لإنقاذ القطاع المصرفي، تدرس وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية تحويل المصارف الحكومية إلى شركات مساهمة.
وأكدت مديرة التخطيط في الوزارة سمر قصيباتي أن هناك مقترحات لتطوير القطاع المالي تتضمن دراسة أولويات المنتجات المصرفية والمالية المطلوبة، لما بعد الأزمة، بحيث يكون هناك رابط بين معدلات الفائدة والتضخم وأثر ذلك على الاستثمار.