Site icon IMLebanon

“باركود” لضبط نشاطات الكيانات المصرفية…. علاج للمصارف سيجعل التمويل أكثر أمنا

FinancialTimes
جيليان تيت

قبل أربعة عقود، بدأت ثورة في الأعمال بعلبة من علكة بنكهة عصير الفاكهة من شركة ريجلي. في 26 حزيران (يونيو) من عام 1974 تم تمرير العلبة التي تحمل الباركود، تحت قارئ إلكتروني في السوبر ماركت أوهايو، وكانت هذه المناسبة الأولى التي كان يتم فيها “قراءة” عنصر يحمل ملصق باركود معياري موحد، مكون من 11 رقماً.

منذ ذلك الحين أصبح الباركود موجوداً في كل مكان – وبشكل حاسم، حتى إنه أصبح موحداً – بحيث يمكن للمحال التجارية والموردين إدارة السلع بكفاءة غير عادية، عبر الشبكات الرقمية التي تستطيع قراءة “الملصقات التعريفية”، في أي مكان في العالم.

هل يمكن أن تكون هناك ثورة مماثلة تبدأ الآن في المالية العالمية؟ سيكون من الجميل أن نأمل ذلك. قبل بضعة أسابيع اجتمعت مجموعة غير معروفة من الأجهزة التنظيمية والمصرفيين في سويسرا، لخلق أساس جديد عبر الحدود للإشراف على نظام يسمى عالمياً “معرِّفات الكيانات القانونية”.

لقد مر الخبر دون أن يلاحظه أحد تقريباً. لم يكن هناك عنصر مفاجأة: العالم المالي غارق في العديد من المختصرات إلى درجة أن وصول مختصر مثل LEIs (معرفات الكيانات القانونية) سيبدو إلى حد كبير، وكأنه لغة مصرفية لا معنى لها.

في الواقع، تعتبر هذه المعرفات القانونية مهمة جداً، لأن ما تفعله هو خلق “ملصقات تعريفية” موحدة للكيانات المالية، التي يمكن قراءتها من قبل أجهزة الكمبيوتر، في أي مكان في العالم.

أو كما يلاحظ مجلس الاستقرار المالي: “يوجد لدى نظام معرفات الكيانات القانونية العالمي، هدف يتمثل في توفير تعريف فريد لأطراف المعاملات المالية في جميع أنحاء العالم، لدعم أهداف الاستقرار المالي المتعددة”.

السبب المهم في هذا هو أنه إذا عرف المصرفيون والأجهزة التنظيمية من يرتب الصفقات، فإن من شأن ذلك أن يسهل على المصرفيين والأجهزة التنظيمية عملية رصد التدفقات المالية – بنفس الطريقة التي تعمل فيها الرموز الممغنطة على علب العلكة، على تمكين محال السوبر ماركت من تتبع المخزون.

هذا أمر طال انتظاره. في العقود الأخيرة، أحب المصرفيون الغربيون تقديم أنفسهم على أنهم المبدعون الرائعون، الذين يمكنهم تصفح أحدث الاتجاهات التكنولوجية، ولكن السر القذر للتمويل هو أن الممولين كانوا بطيئين بشكل مستغرب، في تبني الابتكارات في مجال التكنولوجيا.

وهكذا، حتى مع قيام تجار التجزئة باحتضان باركودات موحدة في العقود الأخيرة، واصل الممولون العمل مع الملصقات التعريفية المربكة، والمختلطة بمكونات مختلفة. البنوك الفردية تميل إلى استخدام أنظمة ملصقات تعريفية منفصلة تابعة لها لتتبع التدفقات المالية، على سبيل المثال، لأنها غير متوافقة مع بعضها بعضا.

وفي حين أن هناك بعض النظم التجارية للملصقات التعريفية على مستوى السوق – مثل نظام (رمز أداة رويترز) الذي تديره شركة تومسون رويترز للأوراق المالية – فإن هذه تغطي فقط شرائح محددة للتمويل.

حتى وقت قريب لم يكن هناك حتى نظام موحد لوصف الكيانات القانونية المختلفة التي شاركت في ترتيب الصفقات المالية. وهكذا، عندما انهار بنك ليمان براذرز، أصيبت السلطات بالدهشة لاكتشافها أنه كان لدى هذا البنك الذي يعمل في الوساطة المالية، آلاف من الكيانات القانونية المختلفة، وكان كل منها يجري التداولات – ولكن معظمها لم يسبق تتبعه.

من الناحية النظرية، ينبغي على نظام معرفات الكيانات القانونية المساعدة في إصلاح هذا الوضع. نقطة الأساس الجديد، كما يتم تصور من قبل مجلس الاستقرار المالي، هو أن هذه الملصقات التعريفية الإلكترونية لن تكون موحدة فحسب؛ بل سوف تكون للصالح العام، وخالية من حقوق الملكية الفكرية. وهناك بالفعل علامات تدل على بداية ترسخ هذا المفهوم، نتيجة لقوة الأجهزة التنظيمية والتبني الطوعي له.

وتقدر الأجهزة المنظمة، على سبيل المثال، أنه تم في العامين الماضيين وضع ملصقات تعريفية تحمل معرفات الكيانات القانونية لنحو 300 ألف كيان من الكيانات المصرفية وإدارة الأصول القانونية.

ويأمل المسؤولون في إمكانية أن تُضاعف هذه الحصيلة أو أن تبلغ ثلاثة أضعاف في السنوات القليلة المقبلة، مع انتشار الفكرة في مجالات أخرى، مثل إعادة التأمين.

وفي حين أن العديد من المجموعات المالية للقطاع الخاص كانت في البداية حذرة من معرفات الكيانات القانونية، إلا أن معظمها قد قفز على متنها الآن، ويرجع ذلك جزئياً إلى أملهم بأنها ستنخفض تكاليف التعاملات.

في الواقع، هناك الآن كثير من الزخم وراء فكرة أن الأجهزة المنظمة تأمل في اتخاذ الخطوة الثانية: إطلاق نظام ملصقات تعريفية آخر ليس من شأنه تحديد الكيانات المالية فحسب، بل والتعاملات أيضاً، ليجعل من الممكن أخيرا “رسم خريطة” التمويل بطريقة مفصلة، في الوقت الحقيقي.

لا نتوقع لسكينة البيانات هذه أن تظهر بسرعة. لسبب واحد، وهو أنه من الصعب تنسيق كل الجهات التنظيمية التي يتعين أن تكون منخرطة في هذا الأمر. من أجل إنشاء مؤسسة في سويسرا، على سبيل المثال، كان يجب على الصفقات أن تُعقَد بين عشرات المجموعات الحكومية. لم يتفق الجميع على قضايا مثل كيفية الدفع لمعرفات الكيانات القانونية أو التعامل مع قضايا الخصوصية.

من ناحية أخرى، فإن بعض الكيانات التجارية، التي تشغل بالفعل أنظمة وضع ملصقات تعريفية مخصصة أبعد ما تكون عن السعادة حول رؤية امتيازاتها وقد تقلصت بسبب نظام غير هادف للربح.

وهكذا ومع انتشار معرفات الكيانات القانونية، يمكن أن تكون هناك بعض المعارك الكبيرة وراء الكواليس، والتي تلوح في الأفق حول من الذي يجب أن يسيطر على هذه الأنظمة، وعلى المعلومات التي يولدها هذا النظام.

ومع ذلك، إذا كان في إمكان الأجهزة التنظيمية تسوية تلك الخلافات – وهو أمر ليس من السهولة حله– فقد تتجه المصرفية أخيراً لنسختها الخاصة من ثورة الباركود. وإذا كان الأمر كذلك، فإن ذلك سيكون شيئاً جيداً حقاً.

الشيء المؤسف الوحيد هو أن الأمر احتاج إلى أزمة مالية حتى يضطّر الممولون والأجهزة المنظمة إلى تبني هذه الفكرة المنطقية، ووضع حد لـ 50 عاما من التعقيد والتعتيم والتلكؤ.