IMLebanon

اليابان تواجه أسوأ انكماش منذ تسونامي 2011

FinancialTimes

جوناثان سوبل

عانت اليابان أسوأ انكماش اقتصادي لها منذ زلزال الطوفان المائي “تسونامي” قبل أكثر من ثلاث سنوات، وهو ما يوفر دليلاً على أن ثقة المستهلكين والشركات في البلاد لا تزال هشة، على الرغم من برنامج التحفيز الجريء من حكومة شينزو آبي، رئيس الوزراء.

في الربع الثاني انكمش الاقتصاد بنسبة 6.8 في المائة بالمعدل السنوي، بعد زيادة في ضريبة المبيعات الوطنية، الأمر الذي تسبب في انخفاض حاد في الإنفاق الاستهلاكي. كان الانكماش أخف وطأة بقليل من أحدث توقعات السوق، ولكنه لا يزال أكثر شدة من توقع معظم المختصين عندما سرى مفعول رفع الضرائب في نيسان (أبريل).

إن نطاق الانكماش، وحقيقة أنه كان أول تراجع فصلي كبير منذ تولي آبي منصبه في أواخر عام 2012، سيشجع المشككين في سياسات الاستثمار التوسعي التي ينادي بها آبي، التي يطلق عليها “آبينوميكس”.

لقد رفعت إدارته من الإنفاق العام وأيدت سياسة هائجة من التوسع النقدي من قبل بنك اليابان، التي تم بموجبها ضخ كميات قياسية من المال في الاقتصاد عن طريق شراء السندات الحكومية، ولكن حتى مثل هذا الدعم لم يكن كافياً لأن يحول دون أن يعمل قرار رفع الضرائب ثلاث نقاط مئوية، على إحداث هزة بين المستهلكين والشركات.

هذا التراجع في الناتج المحلي الإجمالي صورة لارتفاع مماثل في الحجم خلال الربع الأول، والمتفائلون ربما لا يزالون يعتبرون أن تلك الحالة عبارة عن شذوذ إحصائي – نتيجة لارتفاع الضرائب تتعطل أنماط الإنفاق بين الأسر والشركات.

الكثير من الناس قدموا عمليات الشراء المكلفة إلى الأمام (أي قبل سريان قرار رفع الضرائب) وخزنوا المواد اليومية، في محاولة منهم لتحويل تأثير إنفاقهم من ربع إلى آخر. أدى التقلص إلى ما هو أكثر من القضاء على المكاسب السابقة: تم تعديل نسبة النمو خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى آذار (مارس) من 6.7 في المائة إلى 6.1 في المائة، في تقرير أخيراً، في حين قالت الحكومة أيضاً “إنها تعتقد الآن أن الاقتصاد كان قد انكمش بشكل طفيف في الربع الأخير من 2013”. في نهاية المطاف، فإن حجم الاقتصاد لم يشهد تغيراً يذكر بين منتصف العام الماضي ومنتصف العام 2014.

يتوجب على آبي معالجة مسألة الضرائب مرة أخرى قريباً. وكانت الزيادة في نيسان (أبريل) أول زيادة من اثنتين وافق عليهما البرلمان قبل توليه منصبه، والمرحلة المقبلة – وهي زيادة نقطتين مئويتين إلى 10 في المائة – من المقرر أن تصبح نافذة المفعول في تشرين الأول (أكتوبر) من العام المقبل.

يجب على آبي أن يقرر بحلول كانون الأول (ديسمبر) ما إذا كان سيسمح لذلك بالمضي قدماً، أو إلغاء ذلك على أساس أن الاقتصاد لا يزال هشاً للغاية.

يعتقد معظم المحللين أن النشاط الاقتصادي قد انتعش مرة أخرى في الربع الحالي، وستكون بيانات هذه الفترة، التي من المقرر نشرها في تشرين الثاني (نوفمبر)، هي التي ستكون أكثر أهمية بالنسبة لقرار آبي.

الغريب، أن الانخفاض الحاد في الأرقام من نيسان (أبريل) إلى حزيران (يونيو) يعمل لمصلحة زيادة أخرى في الضرائب، عن طريق إنشاء خط أساس ضعيف وتضخيم أي انتعاش لاحق.

وقال تومو كينوشيتا من بنك نومورا “تأكيد العودة إلى نغمة انتعاش واضحة في الربع الثالث، يجعل زيادة ضريبة الاستهلاك مرجحة”، مشيرا إلى “أن الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من عام 2014، من شأنه أن يجعل النمو القوي في الربع الثالث أسهل”.

الاقتصاديون الذين يعتقدون أن سياسات آبينومكس لا تزال تسير على المسار الصحيح، يشيرون إلى أرباح الشركات المرتفعة بشكل تاريخي، وضيق سوق العمل، وارتفاع المكافآت للعاملين برواتب منتظمة، وعلامات الانتعاش بعد ارتفاع الضريبة في مبيعات التجزئة.

غير أن آخرين يشعرون بالقلق من أن الصادرات لا تتوسع كما ينبغي استجابة لتراجع الين بموجب سياسات آبي، وأن الزيادات في الأجور تأتي قبل أوانها من حيث الارتفاعات في أسعار المواد الاستهلاكية – وهو الوضع الذي يمكن أن يخفض إنفاق الأسر إلى ما هو أبعد من الربع الأخير.

هناك جدل حول مسألة مدى الشدة التي ستعمل بها زيادة الضرائب على الإضرار بالاقتصاد. الدين العام في اليابان هو الأكبر في العالم، ما يجعل عملية زيادة الإيرادات مهمة حاسمة بالنسبة للحكومة، ولا تزال ضريبة المبيعات أقل بكثير مما هي عليه في معظم البلدان الغنية.

في المرة السابقة التي تمت فيها زيادة الضرائب، في عام 1997، دخل الاقتصاد في حالة من الفوضى – وهي ذكرى تلقي بظلالها على النقاش الأخير.

تجادل الحكومة بأن أزمة العملة الآسيوية، وليس زيادة الضرائب، هي التي كانت السبب في الانهيار الذي لم يسكت منتقدي أحدث ارتفاع، الذين يلاحظون أن الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، قد أعقب زيادة في عام 1997، كان أقل من نصف الحدة التي كان عليها في آخر انخفاض.