عاني المصارف الأهلية (الخاصة) في العراق من غياب الاهتمام الحكومي بها، مما تسبب في ظهور مشاكل عديدة بينها وبين المصارف الحكومية من جهة وبينها وبين وزارة المالية نتيجة حظر تعامل مؤسسات الدولة مع المصارف الخاصة.
وقال مظهر محمد صالح نائب محافظ البنك المركزي العراقي السابق إن المشاكل القائمة في العلاقة بين المصارف الحكومية والخاصة، وبين الحكومة والمصارف الخاصة أدت إلى تجزئة السوق المصرفية، مبيناً في تصريح للجزيرة نت أن الدولة قصرت معاملاتها على المصارف الحكومية فقط، ولم تتعاون مع المصارف الخاصة.
وأضاف صالح أن هناك آثاراً سلبية عديدة ناتجة عن هذا الواقع، ومنها إضعاف السوق المصرفية وجعلها تعمل بطريقة غير صحيحة، إذ نشبت مشاكل بين المصارف العراقية لأن جميع الدوائر الحكومية ترفض استلام الشيكات الصادرة من المصارف الخاصة، وحتى عندما يقوم أحد هذه المصارف بسداد ضريبته فإن الشيك يجب أن يكون صادرا من مصرف الرافدين الحكومي.
وأوضح المسؤول السابق أن قانون المصارف رقم 94 لسنة 2004 صنف المصارف الخاصة بأنها تجارية وليست تنموية، في حين أن المصارف الحكومية هي مصارف شاملة تمارس صيرفة التنمية والدخول في استثمارات صناعية وزراعية وغيرها، في حين غير مسموح للمصارف الخاصة القيام بذلك وفق المادة 28 من القانون نفسه، مشيرا إلى أن للمصارف الخاصة الحق في ممارسة عملية شراء الأوراق المالية وبيعها.
وأكد صالح أن قانون المصارف لا يتلاءم مع البيئة المصرفية العراقية، وبحاجة إلى تعديل للسماح للمصارف الخاصة بممارسة الأمور التجارية، بشرط أن يبقي على سيولة مادية عالية، مبيناً أن المصارف العربية التي تعمل في العراق لا تمتلك رأس مال، وتمارس جميع النشاطات التي تقوم بها المصارف العراقية، وهذه مشكلة كبيرة على حد قوله.
حرمان من فرص
وقال الرئيس التنفيذي لرابطة المصارف الأهلية عبد العزيز حسون إنه بالرغم من أن المصارف الخاصة مرخص لها من لدن الدولة وتمارس نشاطها الخاضع للنظام المصرفي العراقي، إلا أنها محرومة من فرص عمل عديدة وزيادة رأس مالها، وتفتقد إلى تطوير أوضاعها المالية وإدارتها، وذلك نتيجة لموقف حكومة بغداد تجاهها.
وأوضح حسون للجزيرة نت أن رابطة المصارف الأهلية قامت بـ “جهود استثنائية” من أجل حث الحكومة العراقية، وبالتحديد وزارة المالية، على السماح لبعض المصارف التي تختارها بالتعامل مع المؤسسات الحكومية، لكن دون جدوى تذكر.
وأشار إلى أن المصارف الخاصة تخضع لإشراف البنك المركزي العراقي، ولا يخشى بأن تتسبب في أي خلل لأجهزة الحكومة، واعتبر حسون أن القطاع المصرفي بحاجة لاستقرار البيئة التي يعمل فيها، وخلق الثقة بينه وبين المواطن، إضافة إلى الحاجة لإحداث ثورة تشريعية لتحسين أدائه.
من جهة أخرى، يشير الخبير المصرفي علي المشهداني إلى أن عدد المصارف الحكومية يبلغ سبعة تستحوذ على 91% من إيرادات القطاع، ومع ذلك فإن عملها ليس بالمستوى المطلوب ويحتاج إلى جهد تطويري كبير، مبيناً أن حجم الودائع المالية في المصارف الحكومية زاد العام الحالي إلى ستين مليار دولار.
إصلاح جذري
وأشار المشهداني إلى أن النظام المصرفي العراقي بحاجة إلى إصلاح جذري لأنه من الأنظمة التقليدية، بالنظر إلى عدم اهتمام الحكومة بالمصارف الخاصة وهو ما يضر بالقطاع ككل.
وبين المتحدث أن العراقيين الذين لديهم أنشطة مصرفية وارتباطات خارجية لا يفضلون التعامل مع المصارف العراقية سواء الحكومية أو الخاصة، ويختارون التعامل مع المصارف الأجنبية التي تتوفر على فروع في العراق، ويرجع هذا التفضيل إلى سهولة المعاملات مع تلك المصارف الأجنبية وسرعة إنجازها للخدمات.
وأشار الخبير المصرفي إلى أن مصرف الرشيد الحكومي تبلغ ميزانيته 16 مليار دولار، ولكن هناك تساؤلات حول حجم إنجازاته بأرض الواقع، ليخلص إلى أن “على الحكومة إشراك المصارف الأهلية في تعاملاتها المالية من أجل تسهيل عملية الاستثمار، وتنشيط الحركة المصرفية في البلاد”.