Site icon IMLebanon

بناة الإمبراطوريات الإعلامية يقاتلون في المعارك الخاطئة

FinancialTimes
أندرو إيدجكليف جونسون

بعد يوم من تخليه فجأة عن السعي وراء “تايم وارنر” مقابل مبلغ 71 مليار دولار في الأسبوع الماضي، بدا روبيرت ميردوخ حريصاً على تذكير المستثمرين بأنه كان هناك ما هو بالنسبة له أكثر من عروض استحواذ متقطعة مع سجل مختلط للنجاح. وقال إمبراطور الإعلام للمحللين في دعوة الأرباح الفصلية لشركة فوكس للقرن 21: “بنينا أنفسنا”. وأضاف: “إذا نظرتم إلى أفضل أعمالنا كلها، ستجدون أننا بدأنا فيها بأنفسنا ونحن سعداء جداً بذلك”.

كان لدى رئيس شركة فوكس البالغ من العمر 83 عاماً سبب وجيه لتوجيه المحادثة بهذه الطريقة. يشعر المساهمون بالقلق من أنه كان على وشك إضعاف أسهمهم ومراكمة الديون لشراء شركة في حجم شركته، وأن هذا قد دفعه للعودة إلى “خصم ميردوخ “- الذي سيشكل عبئاً على تقييم أسهمه مما يعكس شهيته للصفقات غير المتوقعة – مثل ماي سبيس وداو جونز – التي لا تجلب الفائدة دائماً.

كان هذا الخصم قد اختفى تقريباً منذ طالبت فضيحة قرصنة الهاتف في المملكة المتحدة ميردوخ بإعادة شراء أسهم بالمليارات لاستعادة الحظوة لدى المساهمين، ولكن الذكريات لم تتلاش تماماً. وكتب دوغ كريوتس، المحلل في كوين آند كومباني: “الواقع البارد هو أن الاستثمار مع ميردوخ كان خطوة خاسرة طالما أن لديه مزاجا لعقد الصفقات”.

الحصة المسيطرة لشركة فوكس ليست وحدها، حيث وثق كل من جوناثان ني وبروس جرينوالد، في كتابهما عام 2009، بعنوان “لعنة عملاق الإعلام”، مقدار وسائل الإعلام القيمة التي كان قد دمرها التنفيذيون بسبب حبهم للصفقات كبيرة – الأكبر والأكثر تدميراً كان بيع جميع أسهم شركة تايم وارنر إلى شركة أمريكا أون لاين تماماً، في الوقت الذي كانت فيه فقاعة الدوت كوم على وشك الانفجار.

سعي ميردوخ لللاستحواذ على مجموعة تمتلك قنوات ناجحة مثل قناة HBO، واستوديو أفلام وارنر براذرز، وشبكات الكابل التي كان يمتلكها تيد تيرنر، كان أيضاً علامة على أنه وأقرانه يجدون الآن أن استراتيجية بديلة – في ابتكار المنازل، أو بناء الأعمال التجارية – أصعب بكثير مما كانت عليه.

يبني ميردوخ حقاً أفضل أعماله بنفسه من لا شيء تقريباً. شركة فوكس، التي أطلقت في عام 1986 كرابع شبكة إذاعة أمريكية، هزت قنوات ABC و CBS و NBC، وبرامج من قبيل عائلة سمبسون، ومباريات كرة القدم NFL، وأمريكان أيدول. CNN، الرائدة في مجال الأخبار، التي تبث عن طريق الاشتراك في الكابل، لم تتعاف أبداً من ظهور آلة ربح الاستقطاب السياسي التابعة لشركة فوكس نيوز.

والرهان العالي المخاطر لميردوخ على “سكاي”، شركة أعمال الأقمار الصناعية في المملكة المتحدة التي تبلغ قيمتها الآن أكثر من 14 مليار جنيه استرليني، تحدى أولئك الذين اعتقدوا أن هيمنة “بي بي سي” في التلفزيون البريطاني لم تترك مجالاً يذكر للمنافسين التجاريين الجدد.

إلى جانب الصحف مثل The Australian، والتي هي الآن جزء من شركة نيوز كورب التي تم فصلها، لعبت هذه الشركات على الصورة الذاتية لميردوخ باعتباره مبتكراً تخريبياً يثرثر باستمرار مع النخب الإعلامية الراغبة في إرضائه، لكن رقمه القياسي الأخير يروي قصة مختلفة، ويبين أن بناة الإمبراطوريات الإعلامية يجدون صعوبة في بناء إمبراطورياتهم في العصر الرقمي.

صحيفة ديلي، التي أطلقت في عام 2011 بمبلغ جريء يبلغ 30 مليون دولار في السنة، في محاولة لإنشاء صحيفة لعصر الأجهزة اللوحية، انهارت في غضون عامين. DJX، منتج بيانات “داو جونز” معنيٌّ باستعادة الأرض التي أعطيت لشركة بلومبيرج، كان مصيره الفشل.

“أمبليفاي”، أعمال التعليم الرقمي، تبنيها “نيوز كورب” ببنائها للتنافس مع أمثال “بيرسون” مالكة صحيفة فاينانشيال تايمز، التي تحدثت عن إيرادات بقيمة 88 مليون دولار فحسب، وخسارة قدرها 193 مليون دولار لهذا العام حتى حزيران (يونيو).

التقييمات بالنسبة لأعمال فوكس Fox Business، التي أطلقت كأعمال تلفزيونية منافسة لـCNBC في عام 2007، تحتضر، كما يقول كريوتز، وماندو فوكس، المشروع التلفزيوني الأمريكي الإسباني المشترك الذي أطلق في عام 2012.

بالمثل لم يكن له تأثير يذكر على شركة يونيفيجين، الرائدة في السوق. أحد أكبر الرهانات الأخيرة لميردوخ – إطلاق العام الماضي لقناتين من قنوات فوكس الرياضية لتتنافس مع القبضة المربحة ESPN على الرياضة الحية في الولايات المتحدة – قد ولدت أيضاً تصنيفات متواضعة.

قال ميردوخ للمحللين: “هذه الأمور تستغرق وقتاً”، مشيراً إلى أن الأمر استغرق من “فوكس نيوز” سبع سنوات لجني الأرباح (تجني الآن أكثر من مليار دولار سنوياً). إطلاق القنوات يعتبر أصعب الآن، في سوق تتعرض فيه شركات الكابل لضغوط لخفض الرسوم التي تدفع لنقل وبث مثل هذه الشبكات. الحقيقة غير المريحة حول أباطرة الإعلام، هي أن معظم الابتكار التخريبي – والناجح – يحدث في أماكن أخرى.

وكما أشار هذا الشهر جيري ليفين، الرئيس السابق لشركة تايم وارنر الذي أبرم الاتفاق المشؤوم للمجموعة مع شركة أمريكا أون لاين، إن بيئات الشركات الراسخة سيئة في مكافأة الأساس التجريبي الفاشل للابتكار في الشركات الإبداعية، لذلك فإنه يترك للغرباء مثل “نت فليكس” و”جوجل”، مالكة موقع يوتيوب، لتمويل إطلاق وسائل الإعلام التي تشبه الرحلات إلى القمر.

أباطرة اليوم يتمزقون بين التحصين ضد مثل هذه الشركات الناشئة (وصف ميردوخ شركة جوجل بأنها “مهووسة باختلاس المحتوى”، وسبق أن شبَّه جيف بيوكس، الرئيس التنفيذي لشركة تايم وارنر مرة و”نيتفليكس” بالجيش الألباني) وسال لعابه عليهما (حاول كل من ميردوخ وبيوكس استمالة شباب بروكلين للعمل في Vice News). إذا اكتفيا بشراء وبيع الأصول الموجودة، فإنهما لن يتغلبا على الجهات الجديدة المحدثة للاضطراب، من أجل بناء شركات سكاي وESPN أو HBO المقبلة.

وفي الوقت الذي تعود فيه كل من شركتي فوكس وتايم وارنر إلى استراتيجياتهما من أجل الاستقلال، ينبغي عليهما أن تفكرا أين يكمن الفوز في الابتكار. أولئك الذين وجدوا النجاح في سوق وسائل الإعلام المتغيرة – سواء كانت وسائل الإعلام الجديدة أو القديمة، أو نيتفليكس أو HBO – اتخذوا سبل المخاطر الإبداعية.

عدم وجود فهم مثل ذلك الذي يوجد عند شركتي أمازون وأبل للكيمياء الإبداعية اللازمة لإنتاج مثل تلك التي لدى HBO، ولعبة العروش، أو مثل شركة فوكس، فأفتار، هي نقطة ضعفها.

إذا أراد الأباطرة مثل ميردوخ استعادة سحرهم، يجب أن يتخلوا عن أحلامهم حول عقد الصفقات وتوجيه انتباههم إلى الشاشة. لا عليك من معارك عروض الاستحواذ، بل يجدر بك التركيز على حرب لا هوادة فيها على المواهب اللازمة لإنتاج الجيل المقبل من زيارات المشتركين للمشاهدة التي تعمل بشكل جيد، بالقدر نفسه كذلك على الأجهزة اللوحية أو أجهزة التلفاز.