دفعت حملة التطهير التي اطلقت في الصين داخل الحزب الشيوعي ضد الموظفين الفاسدين، النخبة الصينية الى تجنب الذهاب الى هونغ كونغ وماكاو حيث تنفق ثروات وباتت تخشى تدخل بكين للتحقيق.
فقد شن الرئيس شي جينبيغ الذي تسلم مهامه أواخر عام 2012، حملة واسعة لمكافحة الفساد تحت شعار «محاربة الذباب والنمور»، ما يعني صغار الموظفين الفاسدين وكبارهم على حد سواء.
وأثار فقدان عدد من الأعضاء البارزين في الحزب الشيوعي الصيني حظوتهم وزج بعضهم في السجن، صدمة في اوساط النخبة التي اضطرت الى اعتماد نمط عيش بسيط لم تألفه من قبل.
ولعدم لفت انتباه بكين، بات الصينيون الميسورون يفضلون شد الحزام في انتظار مرور العاصفة، او على الأقل البقاء في الظل عندما يسرفون في الإنفاق.
وفي هونغ كونغ وماكاو اللتين تعدّان من مراكز المال والحياة الباذخة وتجذبان الصينيين الميسورين، يبدو ان حملة الرئيس الصيني تؤثر في النشاط فيهما. واعتبر ستيف فيكرز الذي كان مسؤولاً في شرطة هونغ كونغ قبل ان ينتقل الى القطاع الخاص، «ان حملة مكافحة الفساد لا تظهر اي مؤشر الى التباطؤ. وهي تثير قلقاً كبيراً في سائر أرجاء البلاد وباتت شخصيات عدة أكثر حذراً في إنفاقها».
ووفق سلطة مراقبة الكازينوات، فإن عائدات القطاع انخفضت 3,7 في المئة في حزيران (يونيو) بالوتيرة السنوية، ثم 3,6 في تموز (يوليو). ويبدو انعكاس هذا التراجع جلياً لدى الزبائن الفاخرين الذين ينفقون اقامة عشرات الآلاف من الدولارات على إقامتهم. وحذر المحللان غرانت غوفرتسن وفيليسيتي تشيانغ من ان «لا شيء يدل على انتعاش هذا القطاع الفاخر في وقت وشيك». بل «على العكس، فإن حملة مكافحة الفساد في جمهورية الصين الشعبية تتسارع وتتوسع على ما يبدو، ما من شأنه ان يبقي ضغطاً غير مباشر على قطاع الزبائن الفاخرين» وفق المحللين.
ومع تسجيل تباطؤ اقتصادي في الصين وحملة مكافحة الفساد، لوحظ تراجع أيضاً في مبيعات المفرّق في هونغ كونغ.
فمبيعات المجوهرات والساعات والسلع الكمالية الأخرى التي غالباً ما تقدم هدايا في الصين، تدهورت بنسبة 28,2 في المئة في حزيران. وقال ديفيد جي من المكتب العقاري «نايت فرانك»: «في هذه الفترة الدقيقة يتم تفادي الإنفاق من دون حساب وجذب الانتباه حتى وإن كان هذا المال مالكم». ويسجل الاتجاه ذاته أيضاً في جمهورية الصين الشعبية. فسوق الطائرات الخاصة تتباطأ وأصحاب المال يؤجلون شراء يختهم الأول، ومحبو المشروبات الروحية الجيدة يستعيضون عنها بالماء. كما ان هذا القطاع بدأ يتراجع منذ سنتين. وانخفضت أيضاً مبيعات السلع الفاخرة الأوروبية التي يولع بها الصينيون. وقد خفضت وكالة التصنيف الائتماني ستاندارد اند بورز ملاءة مجموعة أوروبية بسبب انخفاض مبيعاتها في الصين.
وللإفلات من حملة بكين، يتوجه الصينيون من أصحاب الثروات أكثر فأكثر الى أسواق بعيدة مثل أوروبا لشراء ما يبغون.