سامر الحسيني
يشبه أصحاب مؤسسات سياحية وتجارية في البقاع واقع قطاعاتهم بـ«المريض الراقد داخل غرفة العناية المركزة»، ما ان يتعافى قليلا ويخرج من العناية المشددة حتى يصاب بانتكاسة صحية أخرى.
كل العلاجات التقليدية من تسويق وحسومات وتخفيضات على الخدمات السياحية والفندقية لم تنجح في انعاش هذا القطاع الذي يحتاج إلى دواء واحد، يختصره حنا زتليان أحد أصحاب مطعم في عنجر بـ«الاستقرار السياسي والأمني».
تقلبات سريعة
يتحدث أصحاب مؤسسات سياحية وتجارية في البقاع لـ«السفير» عن تقلبات سريعة في عمل مؤسساتهم وحركتها التي لم تعد بحاجة إلى احصاءات وتقارير سياحية وحركة وافدين إلى لبنان، وأرقام مكاتب السفر، بل اعتمادها يتركز على ما يسميه زتليان بـ«بارومتر سياسي وأمني» يتحكم بمسار الحركة الاقتصادية في البقاع أو في لبنان.
يشهد القطاع السياحي منذ عطلة عيد الفطر، تقلبات سريعة تنوعت بين حركة سياحية ناشطة الى جمود، ومن ثم عودة الى حركة ناشطة تعيشها هذه الأيام المؤسسات، وإن كانت بحذر، وفق تعبير أغلب أصحابها.
يربط أصحاب المؤسسات السياحية والتجارية مسار ويوميات الحركة الناشطة بالعامل الأمني والاستقرار الذي يتقدم على كل العوامل المنشطة لهذه الحركة، في حين تشير مديرة «بارك أوتيل شتورا» بسمة الحاج الى أن الفندق كان الأقل تأثرا بأحداث عرسال.
فالفندق، وفق الحاج، وخلال أحداث عرسال، استقبل حضورا مكتملا في عرسين أصحابهما من منطقتي الهرمل وبعلبك، ولم يتم الغاء حجوزات تذكر، في المقابل فان حجوزات الحفلات والأعراس لشهر آب لم تتغير إن كان لجهة الغاء أي عرس أو تخفيض عدد المدعوين. وهذا مؤشر ايجابي بحسب ما تقول الحاج لـ«السفير» التي تأمل باستمرار أجواء الاستقرار الحالية من أجل الاستفادة قدر الامكان من آخر أشهر الموسم السياحي.
في عطلة عيد الفطر «غنمت» المؤسسات السياحية أسبوعا كاملا من الانتعاش الاقتصادي، إلا ان أحداث عرسال تكفلت سريعا بوقف هذا الانتعاش، وتحويله إلى جمود استمر أيضا أسبوعا. في حين يشير عاملون في القطاع السياحي في البقاع إلى انه سرعان ما عادت هذه المؤسسات واستوعبت هذه الأحداث التي «همدت»، ما فتح الباب مجددا أمام حركة سياحية ناشطة تتحرك تصاعديا مع بروز التباشير الايجابية من خلال بعض المؤشرات السياسية التي ترجمت بعودة الرئيس سعد الحريري.
الحركة إلى ارتفاع
يلحظ زتليان أن الحركة انتعشت في فترة عيد الفطر، واستقبلت عنجر أكثر من 25 ألف زائر في أيام العيد، ثم شهدنا تراجعا كبيرا في هذه الحركة الى حد الجمود، إنما اليوم مع الاستقرار الأمني عادت الحركة إلى ارتفاع.
مع أجواء الاستقرار الأمني والسياسي الحالي، تعلق المؤسسات السياحية آمال على اطالة عمر موجة الهدوء الأمني والاستقرار السياسي على الأقل حتى آخر شهر آب الحالي، الذي يعد الأكثر نشاطا عند المؤسسات السياحية، وفق ما يقول جان عرابي (صاحب مقهى في وادي زحلة) لـ«السفير»، موضحاً أن القطاع السياحي من أكثر القطاعات تضررا بفعل عدم الاستقرار الأمني.
قبل تفجير ضهر البيدر، كانت التباشير السياحية واعدة وفق توصيف عرابي، إلا ان «التفجير تسبب بردة فعل سلبية عند اللبنانيين المغتربين وبعض الوفود العربية السياحية التي عادت وبدلت وجهة سيرها عن لبنان، إنما فترة الهدوء التي تلت هذا التفجير استطاعت أن تمحو آثاره عند الكثيرين، وقيض للمؤسسات السياحية أن تتجاوز قطوع عودة التفجيرات، فشهدنا حركة ناشطة جدا تبلورت بأفضل صورها خلال عطلة شهر رمضان، إلا اننا عدنا إلى السير على درب الجلجلة ذاتها مع أحداث عرسال التي أصابت القطاعات كافة بالشلل».
في أيام العيد، وفق تقديرات عرابي، فان نسبة الاشغال الفندقي في البقاع لامست حوالي 90 في المئة، واستمرت هذه الحركة ناشطة حتى بداية أحداث عرسال التي أدت إلى الغاء حجوزات كثيرة بفعل تزياد المخاوف عند الناس.