Site icon IMLebanon

رغم الأرقام الكئيبة .. لا يزال لدى الاقتصاد البريطاني قفزة

FinancialTimes
مارتن ساندبو

ربما كان ذلك تناقضاً في المصطلحات، ولكنه كان أسبوعاً منعشاً بالنسبة لفئة المتشائمين في عالم التعليق الاقتصادي.
التقلص الاقتصادي في ألمانيا واليابان! منطقة اليورو الراكدة! حتى المملكة المتحدة، التي فاجأت الجميع (بما في ذلك نفسها) في أنها أصبحت نجمة الأداء الاقتصادي في العام الماضي، عانت من انخفاض الأجور الاسمية لأول مرة منذ الأزمة المالية.
لا يوجد هناك ما يصلح للصدمة في العناوين الاقتصادية هذا الأسبوع. وما قد يبدو كأنه رعب اقتصادي مستمر، يعتبر بشرى سارة لصنع السياسات الاقتصادية.
خذ مثلاً الانكماش في اليابان البالغ 6.8 في المائة (على أساس سنوي)، وهو ما يُرجعه كافة المحللين إلى الارتفاع في ضريبة الاستهلاك من 5 إلى 8 في المائة.
يدّعي البعض أن التقلص يثبت أن الزيادة كانت خطأ – علاوة على ذلك، فإن ذلك مما يمكن أن يعرقل برنامج آبي الاقتصادي، ولربما كان الأمل الوحيد لليابان للتعافي من مرضها المستمر منذ عقدين، لكنه ليس شيئاً من هذا القبيل.
على العموم، التراجع ببساطة يلغي قفزة ضخمة في الربع الأول؛ وكلا الأمرين يعكس اندفاعاً متوقعاً لدى المستهلكين للتدافع لإجراء عمليات الشراء، قبل سريان مفعول الزيادة الضريبية.
هذه ليست صدمة، ولا تقول الكثير عن اتجاه النمو – الذي يعتبر بطيئاً باعتراف الجميع، ولكن بعد 20عاماً من الاعتماد بشكل حصري، ودون جدوى، على مبالغ العجز في المالية العامة لخلق النمو، يجب على الحكومة اليابانية في نهاية المطاف كبح الاقتراض (بمعنى أن تتوقف عن بيع السندات بكميات ضخمة).
تكمن الخدعة في رسم المسار في المكان الذي يمكن فيه للعجز المالي أن يضيق بأقل ضرر للنمو.
هذا يتطلب المزيد من التحفيز النقدي وخليطاً من الضرائب والإنفاق يسهل النمو. ارتفاع الضرائب جزء من حزمة من شأنها أن توفر كلا الأمرين على حد سواء. وعزم بنك اليابان أخيراً على تضخيم الاقتصاد. وفي الوقت نفسه، كانت ضريبة الاستهلاك المنخفضة حالة شاذة تحتاج إلى الإصلاح.
كل الاقتصادات المتقدمة تقريباً (بما في ذلك معظم الولايات الأمريكية) لديها معدلات أعلى من الضرائب غير المباشرة. كان السبب الوحيد في أن ضرائب اليابان ما زالت منخفضة هو التكلفة السياسية لرفعه.
إن تمسك آبي بفرصة نادرة لذلك يظهر أن الحكومة تتمتع بالنباهة للإصلاح. ذلك يبشر بالخير بالنسبة لاقتصاد اليابان. وإذا لزم الأمر، يمكن للتخفيضات المؤقتة لضرائب العمل أن توفر الحوافز المالية دون التخلي عن هيكل ضريبي أفضل.
في المملكة المتحدة، أيضاً، ما يبدو كأنه أخبار اقتصادية السيئة، قد يكون أخباراً جيدة لصنع السياسة. مرة أخرى، فإنه لا يكاد يكون صاعقاً أن الأجور الحقيقية تنخفض – وكانت تنخفض لسنوات. انخفاضها من حيث مبالغ النقدية يعتبر نتيجة ليست ذات شأن لتباطؤ التضخم، حتى مع استمرار الضغوط على الأجور الحقيقية.
أسباب ذلك الضغط واضحة بما فيه الكفاية. التراجع النسبي في القطاعات ذات الإنتاجية العالية، وسياسة الحكومة تشجع الناس إلى العمل على كل منهما، وهو ما يساهم في توظيف أكثر بأجور أقل.
وقبل ارتفاعه الأخير، هبط الاسترليني مثلما أراد له الذين افتتنوا بالعملات العائمة. تراجع سعر الصرف، بطبيعة الحال، يقي ضد صدمات الطلب السلبية عن طريق خفض القوة الشرائية في مقابل زيادة فرص العمل. قد يؤذي، لكنه ينفذ بالضبط ما يتوجب فعله. يجب أن لا يشعر أي شخص بالصدمة من أرقام الأجور.
إذا ما صدم البعض بذلك، فمع ذلك يعتبر ذلك الشعور مفيداً. إنه يسمح لمارك كارني، محافظ بنك إنجلترا، بالتخلص من أي حبال متبقية لأرقام البطالة. وعندما تروي لنا الأجور والأسعار قصة مختلفة من أرقام الوظائف، يفهم الجمهور أن البنك المركزي الذي يستهدف التضخم يحدد سياسة تقوم على أول أمرين.
قد يتساءل المرء لماذا وضع كارني الكثير من التركيز على الوظائف. قد يكون قد تجنب خلافه (غير المستحق) مع بعض الصحافة المالية، لو أنه أعطى الأولوية الأجور منذ البداية. على أية حال، فإن الأهمية المتأخرة للأجور تقلل من خطر تشديد السياسة النقدية قبل الأوان. هذا هو نبأ عظيم بالنسبة للاقتصاد – والأجور.
أخيراً، منطقة اليورو. إنني أشفق على العملة الموحدة. هي لا تحتاج إلى أعداء حين يكون لديها أصدقاء مثل منظمة يوروستات، التي كان رأيها بخصوص النمو الصفري في الربع الثاني بياناً صحافياً تحت عنوان مطمئن: “الناتج مستقر في منطقة اليورو”، كما لو كانت القفزة المفاجئة ستكون شيئاً سيئاً.
انظر إلى ما هو بعد الانكماش الألماني الطفيف والركود في فرنسا. تنامى الاقتصاد الإسباني إلى 2.4 في المائة بوتيرة سنوية، على الرغم من كونه ضمن الانكماش. البرتغال، متجاوزة التوقعات، حققت نفس المعدل. حتى أن اليونان تعود إلى النمو.
هذه، على الأرجح، آثار شفاء السوق المالية في منطقة اليورو. في 2010 – 2011، أدى التفكك المالي إلى تدافع رأس المال للخروج من البلدان الطرفية إلى البلدان الرئيسية.
يمكن القول إن معظم النمو الذي تم تحقيقه في ألمانيا والبلدان التابعة لها يعود إلى التدفقات الرأسمالية المفرطة إلى الداخل – وهو ما تظهر آثاره في أسعار المساكن المتضخمة في بعض المدن الألمانية – مثلما يعود إلى السياسات المالية العامة أو الهيكلية التي تم نعيها، في المسرحية الأخلاقية المهيمنة في منطقة اليورو.
التفكك في حالة تراجع، وهو ما سيجعل البلدان الطرفية تبدأ في التعويض عن الأرض المفقودة. وبالقدر نفسه من الأهمية، فإن موجة عالية من رأس المال لن تعود قادرة على إخفاء الفتور الذي يكمن تحت أداء البلدان الرئيسية.
مع بعض الحظ، يفترض في هذا أن يزيل التركيز الخاطئ على اتحاد المالية العامة، أن يخلق بدلاً من ذلك قبولاً أوسع لسياسة نقدية وسياسة في المالية العامة، لا تعمل على كبح الطلب المحلي.
فليعترض المتشائمون ما شاؤوا. أما البقية منا فيفترض أن ترى أسباباً تدعوها للتفاؤل.