Site icon IMLebanon

ليل طرابلس من دون كهرباء.. والغضب يلف مناطقها!

Safir
غسان ريفي
طفح الكيل في طرابلس من التقنين القاسي والعشوائي في التيار الكهربائي الذي تشهده المدينة بشكل غير مسبوق، والذي بدأ ينعكس سلبا وشللا على تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين الذين رفعوا الصوت مطالبين بانصاف عاصمة الشمال ومعاملتها كسائر المدن الرئيسية في لبنان.
فبعد يومين من الانقطاع شبه الكامل بسبب صيانة المجموعات الحرارية في معمل دير عمار خلال الاسبوع الفائت، لم تنعكس هذه الصيانة أي تحسين في زيادة التغذية في المدينة، بل على العكس فقد ارتفعت ساعات التقنين من 12 ساعة الى 16 وفي بعض المناطق الشعبية الى 18 كونها تعاني من ضعف في المحولات الرئيسية العائدة لها والتي لا تحتمل الضغط على الشبكة، ما يؤدي الى تقنين محلي يرفع من منسوب معاناة المواطنين.
ولعل أسوأ ما تواجهه طرابلس اليوم هو انقطاع التيار الكهربائي يوميا عن نصف مناطق المدينة من الساعة الثانية عشرة منتصف الليل الى الساعة السادسة صباحا، في وقت تتوقف فيه شركات بيع الكهرباء التي تمعن في رفع التعرفة يوما بعد يوم مستفيدة من الوضع المستجد، عن التغذية بعد منتصف الليل، ما يضع نصف سكان طرابلس في حالة يرثى لها على مدار ثلاثة أو أربعة أيام في الاسبوع، لا سيما خلال فصل الصيف والحرارة المرتفعة، حيث يعمد العديد من أبناء المناطق الشعبية والمنازل الضيقة الى النزول الى الشوارع أو الى النوم على الشرفات والأسطح، في ظل موجات غضب عارمة تجتاح أبناء تلك المناطق وتترجم بقطع الطرقات بالاطارات المشتعلة احتجاجا على الظلم اللاحق بهم في التغذية بالتيار الكهربائي.
وقد بدأ التقنين القاسي والعشوائي لا سيما خلال فترات الليل ينعكس خسائر كبيرة على التجار وأصحاب المحلات التي تحتاج بضاعتها الى التبريد.
المولدات تتوقف منتصف الليل
ففي ظل امتناع شركات بيع الكهرباء عن إدارة مولداتها بعد منتصف الليل فان التيار الكهربائي ينقطع عن تلك المحلات لنحو ست ساعات متواصلة ما يؤدي الى إتلاف كميات كبيرة من الاجبان والألبان والبوظة واللحوم وما شابه ذلك من بضائع ومنتجات، ما يجعل أكثرية هؤلاء يواجهون خطر الافلاس جراء عدم قدرتهم على تحمل الخسائر اليومية الناتجة من الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي.
ولم تتوان شركات بيع الكهرباء عن إستغلال الوضع المأساوي لأبناء طرابلس، فرفعت بعضها التعرفة الى الضعف بدل إعطاء مشتركيها التيار الكهربائي بعد منتصف الليل ما يجعل سعر كل 5 أمبير أكثر من مئة دولار أميركي وهو مبلغ لا يمكن لأبناء الطبقات الشعبية في المدينة تحمله، في حين عمدت شركات الى تركيب اشتراكين نهاري وليلي بسعرين مختلفين، وشركات أخرى الى تركيب عدادات لمشتركيها على غرار عدادات شركتيّ كهرباء لبنان وقاديشا، وكل ذلك من دون أن تحرك الجهات المعنية ساكنا لمنع استغلال أبناء طرابلس وللحد من هذا التقنين الظالم.
ولم يقتصر الأمر على هذا الحد من المعاناة، بل انعكس التقنين القاسي بالتيار الكهربائي على تغذية العديد من المناطق بالمياه، ففي الوقت الذي بدأت فيه مؤسسة مياه لبنان الشمالي باعتماد تقنين جزئي في بعض المناطق تحسبا للأيام المقبلة في ظل الشح في المتساقطات خلال الموسم الشتوي الفائت، فان أوقات التغذية بالمياه لا تتلاءم مع أوقات التغذية بالتيار الكهربائي، ما يجعل كثيرا من مناطق طرابلس عطشى، ويعمل أهلها على تعبئة المياه من السبل المنتشرة في المدينة أو شراء المياه بواسطة «السيترنات» ما يضاعف من الأعباء المالية عليهم.
وقد رفع أبناء طرابلس الصوت عاليا مطالبين المسؤولين المعنيين بوضع حد لهذه المعاناة التي لم يعد بامكانهم تحمل تبعاتها وتداعياتها الكارثية، حيث طالبت اللجان الأهلية القوى المدنية والشعبية بموقف حازم وموحد تجاه سياسة التقنين الظالمة التي تمارس بحق طرابلس، ودعت نواب ووزراء طرابلس الى عقد اجتماع عاجل واستثنائي لمعالجة تفاقم تقنين الكهرباء وايجاد الحلول المناسبة لرفع الظلم عن المدينة التي تعاني من انقطاع يصل الى 16 ساعة في اليوم.
ورأت اللجان الأهلية أن مؤسسة كهرباء لبنان تجبي من طرابلس ما مجموعه 98 في المئة من فواتير الكهرباء وتحرمها في الوقت نفسه من أبسط حقوقها بالتغذية في حين تمتنع بعض المناطق عن دفع فواتير الكهرباء وتقوم بالتعديات على الشبكة وتعطى المزيد من التغذية.
البلدية تتدخل
من جهة اخرى بحث رئيس بلدية طرابلس نادر الغزال مع مدير «شركة كهرباء قاديشا» عبد الرحمن المواس موضوع شكاوى المواطنين المتفاعلة جراء انقطاع التيار الكهربائي لا سيما ليلا. ونقل الغزال شكاوى المواطنين من «انقطاع التيار الكهربائي والأعطال التي تضرب الشبكة لا سيما خلال آب الحالي»، سائلا عن» كيفية تأمين التغذية للمواطنين الذين ضاقوا ذرعا جراء درجات الحرارة المرتفعة». من جهته، أوضح المواس ان «المشكلة قائمة منذ سنوات طويلة في لبنان، وهي تطال كافة المناطق اللبنانية وتكاد تكون مدينة طرابلس الأوفر حظا في ساعات التغذية، حيث ان هناك مناطق لا تتغذى بالتيار سوى أربع ساعات في اليوم». وعن الانقطاع ليلا وتحديدا خلال آب، أشار إلى أن «الأمر يعود إلى الحرارة المرتفعة ونسبة استخدام الكهرباء، وقد تكون هناك حلول في الأسابيع المقبلة عبر زيادة ساعات التغذية».