منذ فجر النزاعات، كانت طبول الحرب تنذر بتقدم الجيوش في المعارك، ولكن في زمن الخلافة، تستعين “جيوش” أبو بكر البغدادي بالتغريدات وأشرطة الفيديو وبوستات “الفايسبوك” لاعلان انتصاراتها المفبركة حيناً والمقززة في كل الاحيان. وتساندها في مهمتها ماكينة اعلامية واقعية وافتراضية منظمة لم تتوان عن رفع العلم الاسود أمام البيت الابيض ودعوة أبناء فيرغيسون الغاضبين من مقتل مواطنهم الاسود برصاص شرطي أبيض، الى الالتحاق بالجهاد.
وينفذ تنظيم “الدولة الاسلامية” حملة تضليل وبروباغندا رعب لا تقل وحشية عن الحرب التي يشنها في سوريا والعراق، تتراوح أهدافها بين اثارة الخوف في نفوس أعدائه وتعبئة مناصرين جدد. وتوفر له مواقع التواصل الاجتماعي منصة للانتشار السريع والعابر للحدود. وليس التسجيل المصور الذي أذاعه تنظيم “الدولة الاسلامية والذي يزعم فيه أنه ذبح الصحافي الاميركي جيمس فولي الذي اختفى في سوريا قبل سنتين، الا حلقة أخيرة من مسلسل الرعب الذي تتراوح حلقاته بين النحر والصلب وممارسات أخرى من القرون الوسطى.
وقبل شريط فولي، غرّد مناصرون لـ”الدولة الاسلامية” معلنين تضامنهم مع مئات من المتظاهرين المشاركين في تظاهرات مستمرة منذ عشرة أيام في فيرغيسون بولاية ميسوري، احتجاجا على مقتل شاب أٍسود برصاص شرطي أبيض. ويحاول المغردون على “تويتر” التودد من المحتجين بانتقادهم بعنف السلطات المحلية والطرق التي لجأت اليها للجم العنف، ويناشدونهم صراحة اعتناق الاسلام الراديكالي والانضمام الى التنظيم لمحاربة الحكومة الاميركية. وتزعم حملة التغريدات مناصر ل”الدولة الاسلامية” يسمي نفسه مجاهد مسكي يدعي إنه من مينيابوليس وأنه حاليا في القرن الافريقي.
ورافقت التغريدات لقطة بثتها شبكة “سي أن أن” الاميركية للتلفزيون يعتقد أنها التقطت في موقع احتجاجات في فيرغيسون تظهر شابا غاضبا يحمل لافتة كتب فيها بالانكليزية: “الدولة الاسلامية في العراق والشام هنا”. هذه الصورة للافتة فيرغيسون المفترضة غزت “تويتر” وتناقلها المناصرون لـ”الدولة الاسلامية” لتشجيع المؤيدين لهم في أميركا على الانتقال الى ميسوري ودعم الاحتجاجات ضد الحكومة.
وفي التاسع من آب، انتشرت على “تويتر” صورة لعلم “الدولة الاسلامية” على هاتف ذكي أمام البيت الابيض، في توجه يميل أتباع التنظيم ومناصروه الى تعميمه للقول إنهم مودون في كل مكان، وحتى في قلب واشنطن.ورافق هذه التغريدة “هاشتاغ” رسالة من الدولة الاسلامية الى أميركا استخدمه عشرات المغردين المؤدين للتنظيم والمعارضين له. وقبل ثلاثة أيام، انتشر فيديو تحت عنوان “رسالة الى الشعب الاميركي” وفيه صور نعوش ملفوفة بالعلم الاميركي وكتب تحتها : “هذا ما سيحصل لكم في اي مكان كنتم اذا قصفة المقاتلات المجاهدين”. وسرعان ما أزال “يوتيوب” الشريط بحجة أنه نبذ العنف.
وقبل أسبوع، كانت المقتطفات المزعومة من كتاب هيلاري كلينتون والتي تنسب الى وزيرة الخارجية الاميركية السابقة أن الاميركيين هم من صنعوا “داعش”،حديث الاعلام الافتراضي والتلفزيونات العربية خصوصا.وبالطبع لم يكن ذلك الكلام الا دعاية عن التهديد المضخم الذ يمثله هذا التنظيم للمنطقة والعالم.
منذ فترة يعيش العالم على ايقاع البروباغندا الداعشية التي يصعب التأكد من صحة أخبارها، ولكنها كافية لاثارة البلبة والخوف، وقت يكتسب التنظيم قوة اضافية على الارض تمكنه من غزو مناطق جديدة.
تنظيم أبو بكر البغدادي يحارب على أكثر من جبهة في معركته لتوسيع نطاق خلافته وكسب العقول والقلوب في مناطق نفوذه
وتنقل المجلة المتخصصة عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية قولهم إن “قادة الدولة الإسلامية تبنوا نظريات كان الرائد الأول في تبنيها حزب الله في لبنان، وتقوم على تكريس موارد بشرية ومالية كبيرة لإدارة الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، والمياه، والمجاري الصحية”، وغيرها من المرافق، بما في ذلك قطاع الاتصالات.
ويورد التقرير على لسان مسؤولين في الاستخبارات قولهم إن “الميليشيات أقامت نظام محاكم جديدا لتطبيق تفسيرهم لقانون الشريعة، الذي يعاقب اللصوص ببتر أيديهم ويحاكم العديد من المسيحيين والأقليات الدينية الأخرى حتى الموت بسبب اعتقاداتهم”.
ويشير دريزن إلى أن “الدولة الإسلامية” سمح للبيروقراطيين المحليين كمسؤولي المستشفيات، ومنفذي القانون، وعمال إزالة القمامة، والخدمات البلدية الأخرى بالبقاء في وظائفهم.