IMLebanon

أزمة المياه مستفحلة في عكار والدريب.. ووادي خالد الأكثر تضرراً

AlMustakbal
زياد منصور
ليس الكلام عن أزمة مياه في عكار بمستجد. فهذه المشكلة استفحلت بلا شك وبدأت تضرب بقوة في ظل ضغط كبير من رؤساء البلديات والفعاليات على الأجهزة المختصة للمساعدة في حفر أو تعميق أو تنظيف آبار لمواجهة المشكلة. فيما التجاوب يبقى متباطئا،ً باعتبار أن احدا لا يرغب بمفرده تحمل نتائج عملية السماح بالحفر، فلربما كان لذلك آثاره على الخزان الجوفي. اضافة الى الملاحقات القضائية وسوى ذلك من اجراءات عقابية، لتبقى قوى الأمن عالقة بين نارين: من جهة اولى ضغط الناس للحاجة الملحة للمياه، ومن جهة اخرى تجريم أو معاقبة كل من يسمح بحفر بئر، باستثناء ما تسمح به المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والتي تأخذ على عاتقها هذا الأمر.

وتعتبر منطقتا الدريب الأوسط ووادي خالد الأكثر تضرراً نظراً لواقع طبقاتها الأرضية البركانية والجافة بشكل عام، ولاعتبارين آخرين ايضا:

الاول تنفيذ مشروع توسعة وتأهيل وتعميق بحيرة الكواشرة التي كانت حلاً مؤقتاً في الري والاستعمال المنزلي، حيث بدأ تنفيذ المشروع مع فصل الشتاء الفائت. ويبدو أنه توقف لأسباب لا تزال مجهولة، وذلك بعدما تم حفر الحوض ونقل التراب الى أماكن عدة، ربما بيعت الاتربة أو استخدمت في أماكن أخرى.

الثاني أن المنطقة كانت الى حد كبير تستفيد من مياه النهر الكبير الجنوبي الذي يفصل لبنان عن سوريا. وقد حرم اللبنانيون القاطنون عند الحدود من هذه النعمة جراء ما يتهدد حياتهم من خطر الموت أو القتل أو الخطف من قبل الجانب السوري، الذي يمنع وصول أي أحد الى مجرى النهر. وعندما يسمح بذلك فيجب دفع مبالغ للضابط (هجانة أو شبيح) الحاكم بأمره ليسمح بجر المياه الى الأراضي لريها، أو يعرض على البعض التعامل لصالح الجانب السوري ليصبح من المحظيين. وهذه المسألة، وفق الأهالي لا تحل الا بوجود الدولة والجيش، في وقت تتسم حركتهما بالتردد والخوف جراء الوضع العام.

الأمر نفسه ينسحب على منطقة وادي خالد التي تستفيد فقط من مياه نبع الصفا بطول كيلومترات خمسة داخل الأراض اللبنانية التي لا تجاور الجانب السوري. لكن انخفاض نسبة المياه أثر كثيراً على الاستهلاك، ما انعكس سلباً على قطاعات زراعية شتى (ري أراض)، وتربية الأسماك (برك التربية انخفض انتاجها الى النصف) ، قطاع الحيوانات الداجنة والطيور…

هكذا فإن الهاجس الأكبر يبقى في العمل لتوفير المياه بأي ثمن خاصة مع التضاعف المتزايد للسكان جراء النزوح السوري ، فلا مياه ولا كهرباء مما يجعل الوضع بالغ الحدة ولا حلول منطقية للمعالجة.

ويلفت الناشط الاجتماعي والعامل في المجال التنموي في وادي خالد، أحمد السيد، أن المشكلة تحتاج الى حلول، ومنها طبعاً توعية الأهالي على حسن استعمال واستهلاك المياه وتوفير هذا الاستهلاك، وتفعيل الرقابة من قبل البلديات والهيئات الفاعلة على بائعي مياه الصهاريج وضبط وتنظيم هذا القطاع. الأمر الأهم هو ضخ المياه في الشبكات بعدما تم تنفيذ القسم الاكبر من مشروع مياه الشفة الذي لزم مع مطلع التسعينيات وهو مشروع نبع الصفا الذي من المفترض أن يوصل المياه الى كل الأحياء السكنية في بلدات وادي خالد رغم انجاز القسم الأكبر منه سواء لجهة مد قساطل المياه والشبكات ، وإنشاء خزانات عند المرتفعات وخطوط الجر والدفع. لكن لا حياة لمن تنادي.

وفي الاطار نفسه، يؤكد الدكتور بري الأسعد أن «النقص الحاد في المياه يضع الناس أمام مخارج خطيرة للتفكير بالحل، لكن ما استطيع قوله: ان الناس لا تعدم وسيلة للحصول على المياه ولو قطعت كيلومترات للتمون والتخزين ولو ليوم أو يومين. هذه مشكلة وكارثة والحل صعب، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن تترك الأمور على غاربها والا فالنتائج ستظهر لاحقاً. والمطلوب من مصالح المياه أن تجد حلولاً، ومن وزارة الطاقة أن تنشئ بركاً وسدوداً، ويسمح بحفر آبار لتجاوز هذه المشكلة أقله هذا العام بسبب قلة المتساقطات، والا فإنني أتجرأ لأقول اننا تجاوزنا كل الخطوط الحمر في هذا المجال، وستصبح مشكلة الحصول على المياه أحد المسببات الرئيسية للكثير من الاشكالات والمشاكل والتي يمكن أن تخرج عن السيطرة«.

اللافت في كل المقابلات التي اجرتها «المستقبل» مع قسم كبير من الأهالي، أن الصرخة واحدة وملخصها أنه، ورغم اشتداد الأزمة، لم يتحرك أي من المسؤولين لمساعدة الأهالي على ايجاد حلول، سوى حركة الجباة الذين يطالبون بالفواتير والا القطع، وعندما يجري الجواب قطع ماذا، إذ لا وجود للمياه البتة، يأتي الرد «عليكم بالدفع«.

يصف رئيس اتحاد بلديات الدريب شهير محمد الوضع بالكارثي، مشيراً إلى أن الطلب على المياه كبير بفعل التزايد السكاني الناتج عن النزوح السوري، اضافة الى البطالة فهناك قلة باتت لا تجد عملاً في المدن وتؤثر البقاء في القرى مع عائلاتها مما يزيد الأمور صعوبة.

ويشدد على أن الحل الوحيد في المنطقة لمعالجة هذه المشكلة هو التسريع بانجاز مشروع تأهيل بحيرة الكواشرة التي من شأنها أن تخزّن وتغذي المياه الجوفية، داعياً الدولة والمسؤولين فيها إلى الالتفات إلى هذه المشكلة والإسراع في التنفيذ.

في مقابل ذلك، تؤكد مصادر في مصلحة مياه عكار والقبيات أن كمية المياه التي تضخ في الشبكة من منطقة الجومة والقبيات والينابيع الاخرى انخفضت إلى أقل من النصف عن العام الماضي، لافتةً الى أن عددا من الآبار شحت، كما أن التقنين القاسي في التيار الكهربائي يزيد من الإرباك وهو يتسبب بحرمان قرى وبلدات من المياه، لأن ساعات التغذية بالتيار الكهربائي لا تكفي لتشغيل معظم المضخات ، وهنا لا نستطيع سد الحاجات.