Site icon IMLebanon

هل حدَّ مقدّمو الخدمات من الإهدار في الكهرباء؟ تكاليف خيالية للتجهيزات وتراجع الجباية

Nahar
سلوى بعلبكي

منذ ان بدأت “مؤسسة كهرباء لبنان” التعاقد مع شركات مقدمي الخدمات، لم تتوقف الانتقادات والحملات ضدها. بعض هذه الحملات استهدفت الكلفة الكبيرة التي تكبدتها هذه الشركات لمؤسسة الكهرباء وخصوصا حيال تأهيل وصيانة مكاتب المؤسسة، بدليل أن صالة الزبائن في المقر الرئيسي للمؤسسة كلف نحو مليون دولار، وفق ما يؤكد المياومون لـ”النهار”.
مشروع مقدمي الخدمات كان هدفه تعزيز مهمات كهرباء لبنان لخفض العجز والحد من الاهدار الفني وغير الفني عبر تركيب منظومة كاملة “للشبكة الذكية” Smart grid للتحكم. وبعد عامين تقريبا على التعاقد معها، هل نجحت الشركات في تحقيق هذا الهدف؟ ولماذا يشن مياومو الكهرباء الحرب عليها؟
ما إن بدأت شركات مقدمي الخدمات عملها، حتى شعر المياومون وكأن هذا المشروع مقدمة للتخلي عنهم رغم أن الشركات استعانت بعدد كبير منهم. لذا، بدأ هؤلاء إعداد ملفاتهم لتبيان نقاط الضعف في عمل هذه الشركات وحجم الإهدار في اموال مؤسسة الكهرباء جراء الاستعانة بهم. ولكن المدير العام لشركة BUS فادي ابو جودة يرد على “خرافة الأرباح الطائلة”، بالاشارة الى ان شركته أنفقت على هذا المشروع في أقل من سنتين ما يقارب المئة مليون دولار، ولم تستوف منها حتى الآن سوى نحو 40 مليون دولار، أي أقل من النصف، وفق ما قال في مؤتمر صحافي عقده في نادي الصحافة.
إلا أن ما يركز عليه المياومون في تبيانهم لإهدار اموال المؤسسة، هو كلفة تجهيز مكاتب مؤسسة الكهرباء. إذ يبين المياوم جاد الرمح من خلال الوثائق التي بحوزته أن احدى الشركات قدرت سعر تجهيز المتر الواحد بـ824,28 حدا وسطيا، علما أن النوعية والكمية لا توازيان ما كان معمول به سابقا. ويشير هنا الى أن صالة الزبائن كلفت نحو مليون دولار وهي عبارة عن عدد من الكبينات ومكاتب عادية، علما أن الـ Net work غير جاهزة حتى الآن، في حين انه كان يفترض تسليم الصالة في 2013. أما تجهيز مكتب حلبا فقد كلف نحو 1200 دولار للمتر الواحد. ولكن ابو جودة يوضح لـ”النهار” أن كلفة المتر الواحد لا تشمل فقط الدهان وتركيب البلاط، بل يدخل ضمنه الآلات، والتجهيزات، والسيارات، والمعدات، والاجهزة الالكترونية، والانارة ورواتب المياومين الذي كان من ضمن مسؤوليتنا في الاشهر الاولى”. ويؤكد أن شركته خسرت في بند التجهيز تحديدا.
في مجال خدمة التوزيع، يتحدث ابو جودة عن تقدم ملحوظ في الصيانة والانشاءات الجديدة والجباية وخدمة الزبائن، والتخطيط والدراسات. ويقول “أنجزنا 10 آلاف معاملة متراكمة، بعضها يعود الى عام 1991. واي مواطن يقدم طلبا، فإن طلبه ينفذ خلال 35 يوما.
ولكن هذا الكلام مغاير لما يقوله الرمح الذي يصر على تراجع نسبة الجباية التي كان يصل معدلها قبل تسلم شركات مقدمي الخدمات الى 98% في كل المناطق، في حين تقدر حاليا بنحو 90%. عدا عن الاخطاء التي ترتكبها هذه الشركات بقراءتها للعدادات والتي تؤدي الى اصدار فواتير خاطئة، بدليل أنه منذ شهرين تم اصدار نحو 6 آلاف فاتورة خاطئة بأرقام خيالية.
وفي الكلفة، يشير الرمح الى أن المياومين كانوا يتقاضون مليون و77 الف ليرة لـنحو 1200 فاتورة بقيمة جباية 80 مليون ليرة، وكانت تتم قراءة العدادات وتوزيع الاشعارات من دون مقابل. أما حاليا فإن مقدمي الخدمات يتقاضون 1,5 دولار مقابل جباية الفاتورة الواحدة و0,38 دولار على القراءة اي أكثر من 2,5 مليوني ليرة على 6 آلاف فاتورة. ولا تتوقف التكاليف الباهظة عند هذا الحد، فإصلاح الاعطال التي كانت تنجز خلال ثلاثة ايام، لا يتم اليوم الا عبر الاتصال بـ call center بما يؤدي الى زيادة الكلفة على مؤسسة الكهرباء (2 دولار لكل اتصال يرد ومن ثم 2 دولارين عند رفع تقرير بالعطل). كما أنه عندما يتم الكشف على المحطات فإن الشركات تتقاضى نحو 350 دولارا أول مرة، عدا عن المبلغ الذي تتقاضاه الشركات عند تصليح العطل في المحطة.
هذه المعلومات يسخر منها أبو جودة الذي يقول “ان الامور ليست بهذه السهولة، والمشروع ليس مغارة علي بابا… نعمل جهدنا لكي ننجح في تحقيق أهداف المشروع أولا، وأن يدر علينا ارباحا معقولة وطبيعية كأي شركة ثانيا… هذا تحد لنا”.
ورغم ما يشاع عن تعثر المشروع، فإن أبو جودة يؤكد أن المشروع سينجز ضمن المهلة المحددة له اي في آب 2016 ومن ضمنه تركيب العدادات، “كل همنا حاليا الحصول على الموافقة النهائية لتركيب العدادات، لمباشرة التركيب”.
الا أن هذه العدادات أثير حولها العديد من “الشبهات” وخصوصا ان من بين الشركات الموكلة تركيبها تتعاون مع شركات اسرائيلية، ووصل الامر بالرمح ليؤكد أن مهمتها يمكن أن تكون تجسسية نظرا الى التقنيات الموجودة فيها. وجزم الرمح أن مشروع العدادات الذكية لن يبصر النور، وخصوصا انه يمكن التلاعب به لإعطاء معلومات غير صحيحة.
وهنا يسخر ابو جودة من “المخيلة الواسعة” التي يتمتع بها بعض المياومين، “ما يحكى عن أمور تجسسية هو كلام غير صحيح، فالعداد يقيس فقط عدد الكيلوواط التي يتم صرفها في المنزل”. وأوضح أن “هذه العدادات الذكية هي الوسيلة الأنجع التي تمنع سرقة الكهرباء، لأن التلاعب بأي منها سيؤدي الى قطع التيار تلقائيا عن المشترك، ولن تتم إعادة التيار للمتلاعب او للسارق إلا بتدخل من الشركة، وبذلك سوف نشل يد مافيات سرقة أموال الشعب. المهم أيضا أن هذه الشبكة الذكية ستساعد في تأمين توازن مستمر بين الطاقة المنتجة والموزعة والمستهلكة. ومما لا شك فيه أنها ستتيح مستقبلا إمكان توازن النفقات والواردات بعد تصحيح التعرفة، وسنضع حدا للعجز المتفاقم في مالية الدولة. ويلفت الى أن التجربة النموذجية للعدادات في المناطق التي اختيرت من مؤسسة الكهرباء، إمكان خفض الإهدار في التيار من 40% إلى ما دون 10% بعد اكتمال تأهيل الشبكة، مما يعني توافر إمكان إصلاح قطاع توزيع الكهرباء، وهو حجر الزاوية في ترشيد القطاع بكامله”.