IMLebanon

جمهورية الأسئلة لا تملك الأجوبة

lebanese-republic

 

كتبت الهام سعيد فريحه في “الأنوار”: مباركةٌ زيارةُ غبطة البطريرك الراعي والبطاركة إلى أربيل، حيث شاهدوا ولمسوا بأمِّ العين، القهر والحسرة والمعاناة لأمهات وأطفال فقدوا كلَّ ما يملكون، سوى أنَّهم أحياء، فلو كان هناك رئيس للجمهورية لكان هو الذي رئس الوفد إلى أربيل للتضامن مع أبنائها المهدَّدين بالنزوح.

ولو كان هناك رئيسٌ للجمهورية لكان توجَّه إلى عواصم القرار وإلى الأمم المتحدة، سعياً وراء إستصدار قرارٍ عن مجلس الأمن الدولي لحماية ما تبقَّى من العراق.

لكن يبدو أنَّ القرار غيرُ ذلك:

ألم يقلْ في مستهل عهد الإستقلالي الأول الرئيس بشارة الخوري أن الرئيس اللبناني يحمي المسيحيين في الشرق؟

المطلوب لهذا البلد أن يتخبَّط في مشاكله الداخلية، وأن لا يكون له حضورٌ دوليّ وثقلٌ دبلوماسيّ، وأن لا يكون لهذه الدولة رأسٌ يُمثِّلها وينطق بإسمها.

دولةٌ بلا رأس تتخبَّط في عدم القدرة على التقرير، بين أن يكون لطلابها شهادات رسمية أو إفادات، فتختار ما هو أسهل وليس ما هو أنسب، أي الإفادات.

دولةٌ بلا رأس تتخبَّط في عدم القدرة على إنتاج موازنة عامة، فتبقى تصرف على القاعدة الإثني عشرية، وليس في الأفق ما يشير إلى أنَّها ستستطيع إنجاز موازنة لا لهذا العام ولا للعام المقبل.

دولةٌ بلا رأس تتخبَّط في عدم القدرة على إنتاج قانونٍ جديدٍ للإنتخابات، كما لا تستطيع أن تجري الإنتخابات النيابية وفق القانون المعمول به.

الجميعُ يطالبون بالإنتخابات الرئاسية لكن لا أحد يعمل لها، وبين المطالبة النظرية وعدم الفعل أو المبادرة، تكاد الرئاسة أن تطير.

لا ملف يُطرَح في لبنان ويجري إتمامه، فمعظم الملفات إمّا ناقصة وإمّا منقوصة وإمّا مبتورة وإمّا غير منجزة، لهذا يبدو كلُّ شيءٍ معلقاً على حبال الظروف والمصادفات:

فعلى سبيل المثال لا الحصر، مَن يعرف كيف ستبدأ السنةُ الدراسية، وهي المقرَّرة مبدئياً بعد أقلِّ من شهر؟

هل ستبدأ بالضغط النقابي بعدم بدء التدريس قبل إقرار سلسلة الرتب والرواتب؟

بهذا المعنى هل ستنضمُّ السنة الدراسية المقبلة إلى السنة الدراسية المنصرمة، من حيث الفوضى خلال العام وصولاً إلى عدم تصحيح الإمتحانات؟

لا أحد يدَّعي بأنه قادرٌ على إعطاء جوابٍ كافٍ ووافٍ، فالأهل في ضياعٍ والطلابُ في ضياع، وهيئةُ التنسيق النقابية لا تعرف ما هي الخطوة التالية. إن بلداً لا تعرف دولته كيف تُنهي سنةً دراسية لأبنائه، ولا تعرف كيف تبدأ سنةً دراسية جديدة، هو بلدٌ لا يؤتمَن على مستقبل أبنائه لأنَّه يتركهم عرضةً للمصادفات.

مَن يعرف إلى أين سيؤول موضوع الموازنة العامة للسنة المقبلة؟

وزيرُ المال يقول إنَّه قام بكلِّ ما عليه أن يقوم به، ولكن ماذا عن إقرار الموازنة في مجلس الوزراء، واستطراداً كيف بالإمكان إحالتها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها في ظلِّ مجلسٍ لا يلتئم؟

لا أحد يملكُ الجواب!!

من يعرفُ ما هو مستقبل ملفّ النازحين السوريين في لبنان؟

ما هو الرقم الذي سيستقرُّون عليه؟

وإذا بقيت وتيرة النزوح على ما هي عليه، إلى أين سيصل العدد في فصل الشتاء؟

خصوصاً أنَّ لا شيء في الافق يشير إلى أنَّ الأزمة في طريقها إلى الإنحسار! مَن يدري فقد يوازي عددُ النازحين عدد اللبنانيين، فكيف يمكن التعاطي مع هذا الموضوع في غياب البنى التحتية التي توفِّر الظروف الملائمة لهؤلاء؟

وكيف يمكن لهذه البنى أن تتوفَّر وهي محجوبة عن اللبنانيين أنفسهم؟

لبنان في وضعٍ لا يُحسَد عليه على كلِّ المستويات، اللبنانيون في حالٍ من الضياع لأنَّهم لا يعرفون غدهم، فكيف يعرفون مستقبلهم؟

إننا في وطنٍ يطرحُ أبناؤه الأسئلة ولا يجدون مَن يجيب عنها!!