استعاد مجلس الوزراء في جلسته التي امتدت لخمس ساعات امس، السيناريو نفسه الذي اعتمدته حكومة الرئيس سعد الحريري عام ٢٠١٠، بقيت استراتيجية ادارة النفايات الصلبة حبراً على ورق، لا دفتر شروط جديدا ولا اعتمادات ولا مراسيم منفعة عامة ولا استملاكات لاراضٍ جديدة تُبنى عليها مراكز الفرز والتسبيخ والطمر، وحدها مجموعة افيردا (سوكلين وسوكومي) هي الجهة المخولة ادارة هذا الملف، عن طريق عقد بالتراضي يمدد للعقود السابقة الموقعة عام ١٩٩٨، التي جرى تجديدها عدة مرات تحت حجة استكمال درس الاستراتيجية!
وقرر مجلس الوزراء خلال الجلسة التي عقدت امس التفاوض مع مجموعة افيردا إذا كان هناك إمكانية لتمديد العقد بانتظار دفتر الشروط الجديد، كما قرر توسيع قدرة معمل انتاج الكهرباء المقام عند مطمر الناعمة – عين درافيل لتصل الى ٦ ميغاواط منتجة من غاز النفايات ﻹضاءة البلدات المجاورة، كذلك قرر دفع الحوافز للبلدات التي قبلت إقامة مطامر في أراضيها، وأشار وزير الزراعة أكرم شهيب في اتصال مع «الأخبار»، الى ان مسألة انشاء معمل الكهرباء والقرى المستفيدة منه خضعت لنقاش مستفيض، وخلص مجلس الوزراء الى ان القرى التي شملها قانون الحوافز سوف تستفيد من انتاج الكهرباء مجاناً، على ان يجري وصل اي ميغاواط اضافي الى الشبكة الرسمية لكهرباء لبنان.
وينص القانون الرقم 280 تاريخ 30 نيسان 2014 على اعطاء حوافز مالية للبلديات المحيطة بمطمر «عبيه – عين درافيل»، وإعفاء البلديات المتضررة مباشرة من المطمر الصحي من بعض الاقتطاعات والمتوجبات المستحقة عليها. ولفت شهيب الى ان مجلس الوزراء اقر دفع المستحقات المترتبة على هذا القانون في مهلة اقصاها شهر،كُلّف وزيرا المالية والداخلية اصدار قرار بصرف هذه المبالغ من موازنة الصندوق البلدي المستقل.
مصدر في شركة افيردا، فضل عدم الكشف عن اسمه اكد لـ «الأخبار» ان المجموعة، التي باتت لديها عدة عقود لادارة النفايات في اوروبا وأفريقيا، على استعداد لتمديد العقود الحالية الموقعة مع مجلس الانماء والاعمار بشرط التعجيل في بت هذه المسألة في غضون الاسبوعين المقبلين كأبعد تقدير، وإلا فإن الشركة ستنسحب من المفاوضات، لانه لن يكون بمقدورها في حال تجاوز هذه المهلة الوفاء بتعهداتها في ادارة النفايات الصلبة، وخصوصاً لجهة قدرتها على انشاء معمل لفرز وتسبيخ النفايات في موقع الكورال، اضافة الى توسيع وتجهيز خلية جديدة لطمر النفايات في مطمر الناعمة – عين درافيل. وكشف المصدر ان التمديد للعقود يجب ان يكون عن طريق التراضي، لا ضمن دفتر شروط جديد، والاهم ان الشركة ليست على استعداد لاعادة البحث في العرض الذي قدمته عام ٢٠١٠ بخفض الكلفة بنسبة ٤ في المئة، لان هذا الخفض كان مقروناً بشرط ديمومة العقد لمدة اربع سنوات، لكن الحكومة فضلت ان يكون التمديد مقروناً بحقها بفض العقد ضمن مهلة ستة اشهر، الامر الذي افقده مبدأ الديمومة، وبالتالي فإن الشركة ابلغت المعنيين في مجلس الانماء والاعمار ان تعهد خفض الكلفة لم يعد قابلاً للتحقيق، كما افاد المصدر ان تمديد القدرة الاستيعابية لمطمر الناعمة – عين درافيل لم يعد مسالة قابلة للتمديد لفترة طويلة، وان امكانية طمر مواد اضافية في هذا الموقع يمكن ان تكون لعام واحد فقط، على ان يقفل هذا المطمر نهائياً في اوائل عام ٢٠١٦.
بدوره أكد وزير البيئة محمد المشنوق في اتصال مع «الأخبار» ان اجواء جلسة مجلس الوزراء كانت ايجابية، وتخللها شرح مفصل عن مختلف جوانب ادارة النفايات والفترة الانتقالية المقبلة التي يمكن ان تمتد عاما كاملا تمهيداً لإعداد دفاتر الشروط واطلاق مناقصة جديدة.
وينص الاقتراح، الذي رفعته وزارة البيئة الى مجلس الوزراء، على تكليف مجلس الانماء والاعمار التنسيق مع وزارة البيئة، لاستكمال ادارة مراكز الفرز والتسبيخ والطمر الصحي الخاصة بمحافظة بيروت، والقسم الاكبر من جبل لبنان، وتلزيم انشاء معمل فرز اضافي حديث لاستقبال الف طن يومياً من المساحة المتوافرة في برج حمود، وتلزيم انشاء مركز لتخزين المواد الممكن اعادة استعمالها (recyclables) ضمن المساحة المتوافرة في مركز العمروسية، وتلزيم الاشغال الايلة الى تغيير تقنية التسبيخ في معمل الكورال القائم، لزيادة قدرة الاستيعاب فيه باعتماد نظام النفق الهوائي، وتلزيم انشاء معمل تسبيخ اضافي حديث لمحافظة بيروت والقسم الاكبر من جبل لبنان في العقار المتاخم لموقع معمل الكورال القائم، باعتماد نظام النفق الهوائي (سعته 750 طن يومياً)، على ان يجري استصدار مرسوم اشغال للعقار المذكور (حوالى 40.000 متر مربع) بحسب الاصول، ومعالجة جبل النفايات المواجه لمنطقة برج حمود، تمهيداً لتحديد وجهة استعماله لاحقاً بما فيه حديقة عامة (المساحة الاجمالية 160.000 متر مربع) بحسب ما كان مخططاً له، وبكلفة تقديرية تبلغ 40 مليون دولار اميركي، على ان يتعاقد مجلس الانماء والاعمار مع الشركات التي تتوافر لديها شروط التلزيم، وان يبذل المجلس اقصى الجهود بهدف انجاز اعمال هذه البنود خلال فترة تتلاءم مع تاريخ اقفال مطمر الناعمة، وتؤمن الاعتمادات اللازمة من الخزينة العامة لتنفيذ البنود اعلاه، اي 100 ـ 130 مليون دولار، باستثناء اقتراح تأهيل مكب برج حمود.
وحول هذا الموضوع أكد المشنوق ان الاقتراح لم يجرِ اقراره في مجلس الوزراء امس لانه للاسف أسيء فهمه من قبل نواب المتن وحزب الطاشناق، وبالتالي واجه عقبة سياسية غير مبرره. وان اللجنة الوزراية التي أُلّفت سوف تعيد البحث بموقع انشاء معمل الفرز والتسبيخ في منطقة خارج بيروت. وتعد هذه النقطة مفصلية لديمومة ادارة النفايات، علماً ان انشاء المعمل وتجهيزه يحتاجان الى رصد اعتمادات وتلزيم. وعلمت «الأخبار» ان مجموعة افيردا اعلنت موافقتها على انشاء هذه المعمل بشرط تلزيمه عن طريق التراضي، وان تتعهد الدولة توفير الارض، علماً ان اختيار الموقع خارج منطقة بيروت الكبرى سوف يرفع كلفة النقل، التي ستنعكس بالتالي على كلفة العقد الاجمالي، وان انشاءه يحتاج الى ١٢ شهر كحد ادنى، الامر الذي بات يتعارض مع موعد اقفال مطمر الناعمة – عين درافيل، حتى لو مُدّد العمل به لعام ٢٠١٦.
يحدث كل ذلك في وقت لم يوعز فيه مجلس الوزراء الى الاستشاري الدنماركي RAMBOLL، لمتابعة المرحلة الثانية من عقده، والمتعلقة بإعداد دفاتر التلزيم لمناقصات التفكك الحراري في المواقع المقترحة (أي الزهراني، الجية، الكرنتينا، دير عمار) على ان يبت مجلس الوزراء أمر السير بها بعد الانتهاء من اعداد دراسة التقويم البيئي الاستراتيجي لعملية استرداد الطاقة.