تسلمت حكومة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور الدفة في ظروف اقتصادية صعبة تتمثل بمعاناة المملكة من الصدمات الخارجية التي وصفها صندوق النقد الدولي بـ”العنيفة”، من ضمنها انقطاع امدادات الغاز المصري وارتفاع أسعار النفط.
كذلك كانت الأجواء السياسية في المنطقة ملبدة بحالة عدم اليقين نتيجة سقوط الأنظمة في البلدان العربية مثل تونس ومصر واليمن وانطلاق شرارة الثورة السورية وما نتج عنها لاحقا من تدفق للاجئين السوريين.
وعلى ضوء تلك التداعيات كانت المملكة قد أبرمت اتفاقا مع صندوق النقد الدولي قبل قدوم حكومة النسور في 3 آب (أغسطس) 2012، يقضي بالقيام بإصلاحات اقتصادية مقابل قرض مقداره 2 مليار دولار على دفعات بموجب برنامج الاستعداد الائتماني.
وفي 2012، تأثر العديد من القطاعات بما يجري بالمحيط ومنها تراجع الاستثمار الأجنبي متأثرا بالتوترات الاقليمية وما نتج عنه من تراجع في معدلات النمو الاقتصادي.
وكان أول الاجراءات التي اتخذتها حكومة النسور بعد توليها بأقل من شهر في 2012 هو قيامها بتحرير أسعار المحروقات وفقا لمعدلات الأسعار العالمية مضافا اليها ضريبة تصل الى 42 % على البنزين أوكتان (95) وضريبة نسبتها 24 % على البنزين أوكتان (90) الأوسع استخداما بالإضافة الى ضريبة نسبتها 8 % على السولار والكاز.
وبتفصيل أكثر تسلم النسور في 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2012، واتخذ القرار في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، بعدما أعلن عن خطة تقضي بتقديم دعم نقدي للمواطنين بدلا من توجيهه للسلع التي يستفيد منها الاغنياء والفقراء والمغتربين على حد سواء.
وكانت آلية التسعير الشهرية للمحروقات قد بدأت بعد سلسلة من الزيادات أتت بعد سقوط بغداد العام 2003، وانقطاع النفط العراقي الذي كان يتم تزويده للمملكة مقابل دفع نصف ثمنه سلع وبضائع للعراق والنصف الاخر كمنحة مجانية في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، حيث تم تعديل المحروقات شهريا في 2008، وأوقف تلك الآلية رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت في 2011 حتى تم اعادتها من قبل النسور.
وكانت الحكومة قد وفرت نحو 800 مليون دينار سنويا لقاء اعادة تنفيذ آلية التسعير الشهري، ودفعت مقابل ذلك للمواطنين دعم نقدي قيمته 270 مليون دينار في 2013 ، وقلصتها العام الحالي الى 210 ملايين دينار كما رصدت في 2014.
وتظهر أهم المؤشرات الاقتصادية الأساسية أن أرقام العام 2013 أفضل مما كانت عليه خلال 2012، حيث تمثلت بارتفاع الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الثابتة الى 2.8 % العام الماضي مقابل 2.7 %، إلا أن أداء الربع الأول من العام الحالي كان الأفضل منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام بتحقيقه نموا نسبته 3.2 %.
أما بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي في الأسعار الجارية فقد بلغ بنهاية العام الماضي 23.8 مليار دينار مقابل 21.9 مليار دينار نتيجة النمو المشمول بمعدل النمو بالأسعار الثابتة مضافا اليه معدل التضخم في خلال نفس الفترة من العام الماضي، مما رفع كم نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي إلى 3653 دينارا مع نهاية 2013، مقابل 3439 دينارا مع نهاية 2012.
وكانت الحكومة قد تبنت برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي بهدف خفض مواطن الضعف في المالية العامة عن طريق ضبط أوضاع المالية العامة على المديين القصير والمتوسط وتدعيمه بإصلاحات في الانفاق والضرائب.
ولذلك فإن حكومة النسور لجأت إلى تقديم مشروع قانون ضريبة الدخل والمبيعات لسنة 2014، والموجود حاليا لدى مجلس النواب حيث يتوقع رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب، خير أبو صعيليك، أن يرفد مشروع قانون الضريبة الدخل خزينة الدولة – في حال اقراره – بنحو 235 مليون دينار سنويا.
وفصل أبو صعيليك في حديث
لـ “_” بوقت سابق الإيرادات المتوقعة من دائرة ضريبة الدخل بتحقيق 145 مليون دينار من الشركات و90 مليون دينار من الأفراد.
وكانت التقديرات الحكومية لمشروع قانون ضريبة الدخل قد اشارات إلى امكانية تحقيق نحو 110 ملايين دينار، حيث تأتي توقعات أبو صعيليك والمعتمدة على تقديرات من ضريبة الدخل أعلى مما كانت تعلن عنه الحكومة في أوقات سابقة.
وبحسب اتفاق المملكة مع صندوق النقد الدولي يجب على الحكومة أن تقلل من نسبة العجز في الموازنة العامة بنسبة 1 % من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي يمكن الاستشراف بأن موازنة العام المقبل ستعتمد تخفيض العجز بواسطة الايرادات التي ستتأتى من مشروع القانون الذي يبدأ سريانه بداية 2015 في حال اقره مجلس النواب.
كما يسعى برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يتوقع أن يتم الانتهاء منه في آب (أغسطس) 2015، إلى معالجة خسائر شركة الكهرباء الوطنية في نهاية العام 2017، حيث اعتمدت الشركة استراتيجية رفع تدريجي بهدف اصلاح نظام التعرفة والذي باشرت الحكومة بتنفيذه في 2013، الى جانب تنويع مصادر الطاقة بالتنسيق مع البنك الدولي.