Site icon IMLebanon

الكهرباء: نمو الأزمة بتراجع الإنتاج إلى 40 % من الحاجة

Safir
عدنان الحاج
تشهد المناطق اللبنانية أسوأ مرحلة في أزمة الكهرباء، نتيجة تزايد فترات القطع، وتراجع التغذية بسبب تراجع القدرة الإنتاجية في المعامل، بفعل اعمال الصيانة والأعطال وتوقف المشاريع الجدية، نتيجة خلافات، منها المالي ومنها الإداري، بين السلطات المعنية في الدولة اللبنانية، من البداوي إلى الجية والذوق، من دون وجود من يسأل. هذا على الرغم من الحل الجزئي لقضية الفيول، وعودة البواخر التركية إلى رفع إنتاجها إلى حوالي 300 ميغاوات، بعدما أدى فقدان الفيول إلى تخفيض انتاجها، خلال النصف الأول من الشهر. الوضع الحالي يشير إلى ان الانتاج اليوم لا يتعدى، بما فيه الإنتاج المائي، حوالي 1100 ميغاوات، بينما الحاجة اليوم، بحسب تقديرات مؤسسة كهرباء لبنان، إلى حوالي 2800 ميغاوات. لذلك لم تسلم معظم المناطق من زيادة ساعات القطع، بما فيها بيروت، التي كانت تنعم بحوالي 21 ساعة تغذية تردت بشكل كبير.
في هذا الوقت كانت قضية المياومين المحقة في القسم الأكبر من المطالب، في التثبيت للقسم المسموح من العاملين، ناهيك عن القسم الأكبر من المياومين الذين التحقوا بشركات الخدمات، بموجب عقود خاصة، قبل أن تأتي العناصر الخلافية والقانونية، تعود إلى الواجهة وتنعكس على أداء قطاع الكهرباء، الذي يزداد سوءاً بفعل تردي الإنتاج .
النقطة الأبرز في الأمر تتعلق بشركات الخدمات التي التزمت الصيانة والخدمات والجباية لمدة اربع سنوات، والتي كان يفترض أن تبدأ في العام 2014 في تركيب العدادات الذكية، منذ بداية العام 2014، على ان تنتهي من هذه العملية خلال سنة، وبعدما أجريت التجارب على محولات ومداخل معظم المحطات، وبحضور الوزير السابق جبران باسيل، والتي كشفت تعديات على الشبكات والمحطات.

مصير العدادات الذكية ومكافحة الهدر

بمعنى آخر أن تركيب العدادات الذكية الذي كان من شأنه وقف التعديات على الشبكات التي تصل في بعض المناطق إلى حوالي 54 و56 في المئة، نتيجة التعليق والسرقات وانتشار تجارة المولدات، على حساب الكهرباء العامة التي يدفع المواطن ثمنها مرتين، على الرغم من ارتفاع وتيرة التقنين والقطع لتوفير المحروقات وتقليص عجز الكهرباء، الذي يصل إلى ملياري دولار سنوياً. هذا من دون أضرار وخسائر الفئات الشعبية في المعدات والأجهزة الكهربائية والأطعمة التي تحتاج لتبريد لساعات طويلة.
فموضوع العدادات الذكية، وبعد سنتين على تولي شركات مقدمي الخدمات مهمتها، لا تزال واقفة، على الرغم من تعاقد الشركات مع مؤسسات وشركات دولية لتصنيع وتوريد هذه العدادات لحساب مؤسسة الكهرباء.
إشارة إلى أن العدادات الذكية كان يفترض أن تشمل حوالي المليون و350 الف عداد موزعة على الشركات الثلاث (بواقع حوالي 600 الف عداد لشركة دباس وحوالي 450 الف عداد لشركة بوس وحوالي 350 الف عداد لشركة خطيب وعلمي) اما كلفة هذه العدادات فتقارب 180 مليون دولار تقريباً، من شأنها أن تمنع هدراً حالياً على الشبكة بحوالي 600 إلى 500 مليون دولار من قيمة الطاقة المهدورة فنياً.
هذه التجربة الأولى للتعاون بين القطاعين العام والخاص برعاية سياسية ومناطقية شاملة، مهددة بالضرب والتعطيل بفعل الخلافات السياسية من جهة، وعدم قدرة الدولة والمؤسسات على منع التعديات في حكم الأمر الواقع . مع الإشارة هنا إلى أن مصادر في الكهرباء وفي الشركات تؤكد أن شركات الخدمات حسنت الجباية بنسبة 10 في المئة في أكثر المناطق والهدر المتبقي، بين فني وغير فني، يصل إلى 46 في المئة، ومن شأن تحفيفه أن يؤمن زيادة في تقليص عجز الكهرباء بحوالي 450 مليون دولار من دون تعديل التعرفة. مع الإشارة إلى وجود تفاوت بين اداء الشركات بإعتراف مصادر مؤسسة الكهرباء وحتى بعض الوزراء المعنيين.

مأذا عن شركات الخدمات ؟

انطلق مشروع مقدمي الخدمات في الثاني من نيسان 2012 في وقت كان قطاع الكهرباء يشكل عبئأً على الخزينة، بأكثر من ملياري دولار سنوياً. جاءت الخطة الإنقاذية للقطاع لتؤمن تغذية على مدى الـ 24 ساعة. وكانت الخطة تشمل زيادة الإنتاج من جهة وذلك من خلال إنشاء معامل جديدة وتطوير المعامل الموجودة وقسم النقل في كهرباء لبنان، ومن جهة أخرى تطوير شبكة التوزيع لكي تتمكن من استيعاب هذا المستوى من التغذية، والخطوة الأهم هي الحدّ من الهدر القائم على مستوى التوزيع من الناحية الفنية أو من خلال التعديات على الشبكة.
ويقول مسؤول في احدى الشركات رداً على سؤال لـ«السفير» حول مصير المشروع:
بحسب الخطة، أوكلت مسؤولية قطاع التوزيع إلى شركات مقدمي الخدمات تحت إشراف مؤسسة كهرباء لبنان. في هذا الإطار، استلمت الشركة الوطنية للخدمات الكهربائية (NEU Company) المنطقة الثالثة التي تتضمن جبل لبنان الجنوبي وجنوب لبنان.

المشروع يبدأ متعثراً

بدأ المشروع متعثراً، إذ تزامن مع اعتصامات عمال غب الطلب وجباة الإكراه لأكثر من ثلاثة أشهر، حيث تقوم الشركة بتقييم الموظفين الموكلين لها وتختار العدد والأشخاص المناسبين، إلا ان واقع الأرض كان مغايراً وتمّ الاتفاق بين الأفرقاء السياسيين على أن تستوعب الشركات العدد الكامل من العمال.
وبالنسبة لوضعية العاملين يقول المصدر «كان نصيب شركة الـ NEU
950 عاملاً أي بزيادة أكثر من 400 عن حاجتها الفعلية. وأضحى كافة العمّال موظفين يتمتعون بكل الحقوق والواجبات تحت سقف قانون العمل اللبناني، والتحقوا بدورات عدّة لتطوير الأداء، خاصة بما يتعلق بالصحة والسلامة العامة. وخلال العامين الماضيين، أثبت الكثيرون منهم جدارتهم وكفاءتهم العالية، فما كان من الشركة إلا أن وضعتهم بمراكز مسؤولية وكافأتهم بما يستحقون».
بداية المشروع كانت بإعادة تأهيل جميع الدوائر في المنطقة الثالثة (16 دائرة) وتجهيزها بأحداث المكاتب والمعدات والآليات والنظم المعلوماتية، كما أنشأت NEU شبكة ربط بين كافة الأقسام والدوائر مع المركز الرئيسي ومركز المعلوماتية في مؤسسة كهرباء لبنان ممّا يسرّع ويمكنن جميع معاملات الزبائن ويسهل تلبية الطلبات ومراقبة سرعة وجودة العمل.
تطوير الشبكة في المنطقة الثالثة
من ناحية أخرى، وبهدف تطوير الشبكة الكهربائية في المنطقة الثالثة، قامت الشركة وبحسب العقد بالخطوات التالية:
÷ مسح ميداني للشبكة وتقييم وضعها من أعمدة وكابلات ومحولات…
÷ بالتشاور والتنسيق مع رؤساء الدوائر، أجرت شركة الـ NEU دراسات شاملة ووضعت جدولاً زمنياً بحسب الأولويات وخطة استثمارية شاملة للمنطقة الثالثة فاقت الـ 100 مليون دولار.
تمت الموافقة على هذه الخطة في آب 2014، ولكن نظراً للضرورة الملحة ولوضع الشبكة الرديء، نفذت الشركة عدّة مشاريع إنشائية في المناطق كافة ومنها على سبيل الذكر لا الحصر: الضاحية الجنوبية، بحمدون، بيت الدين، صيدا، الزهراني، صور، جزين، الشهابية، بنت جبيل، حاصبيا، زفتا، النبطية، صريفا، مجدل سلم…
أما من الناحية الاستثمارية، بدأت شركة «NEU» بقصد التخفيف من الهدر الفني عبر هذه المشاريع. إذ انها ساهمت بوفر على مؤسسة كهرباء لبنان بأكثر من» MVA30» أو ما يعادل مليونا و800 ألف دولار شهرياً.
تخفيف الهدر الفني
كما ساهمت هذه المشاريع بالتخفيف من الهدر الفني، كذلك أولت أهمية كبيرة للهدر غير الفني أو ما يعرف بالتعديات على الشبكة. فلقد أنشأت خلية عمل كبيرة ومؤهلة لإدارة هذا القسم. واستطاع فريق التفتيش ونزع التعديات، وخلال فترة قصيرة، أن يقوم بـ 1500 حملة بمؤازرة فرق التفتيش لدى مؤسسة كهرباء لبنان والقوى الأمنية عند الحاجة.
أسفرت هذه الحملات عن إصدار 16000 محضر ضبط يشكل أكثر من 9 ملايين دولار لمؤسسة كهرباء لبنان بين قيمة المحاضر وقيمة الطاقة المستردة.
على صعيد آخر، وبالرغم من استلام تراكمات فاقت الـ 25000 معاملة، قامت شركة الـNEU حتى الآن بتنفيذ أكثر من 40000 معاملة زبائن أي بزيادة 4.5 في المئة على عدد المستهلكين في المنطقة الثالثة.
ويبقى موضوع العدادات الذكية، الأهم لمشروع مقدمي الخدمات، لما له من تأثير مباشر في مراقبة الهدر. وقد قطع هذا الموضوع أشواطاً مهمة. إذ ان العدادات على المخارج الرئيسية أنجزت بالكامل. ويتم حالياً تركيب العدادات على محطات التحويل الخاصة والعامة ويتوقع الانتهاء منها خلال هذه السنة. هاتان المرحلتان الأولى والثانية ستساعدان بتحديد قيمة الهدر الفني ومكانه.

انجاز الفترة التجريبية

أما المرحلة الثالثة فهي العدادات الذكية عند المستهلك، فقد أنجزت الفترة التجريبية التي دامت حوالي السنة تقريباً، اجريت خلالها كامل التجارب تحت إشراف مؤسسة كهرباء لبنان والاستشاري على المشروع. ونحن الآن في انتظار موافقة كهرباء لبنان على المنتج النهائي لكي يصار إلى تركيب حوالي 600000 عداد في المنطقة الثالثة. عندها سيسهل تحديد أي هدر غير فني على الشبكة ويكون بذلك نزع التعديات أسرع وفعّالا أكثر.
في الخلاصة، وبحسب العقد والمهمة، يفترض أن يكون هذا المشروع سلة متكاملة من الخدمات يصعب الفصل بينها. لقد بدأ بعض المناطق والعديد من المواطنين يلمسون بعض الفائدة من مشروع مقدمي الخدمات، لكن التأثير الأكبر يكمن في تنفيذ كافة بنوده، إذ يفترض انه سيعود على المواطن بخدمة أفضل وأسرع وبشبكة حديثة متطورة تجاري العصر، وسيعود على المؤسسة وعلى خزينة الدولة بتخفيض لمستوى العجز. وإذا ما اكتملت الخطة الإنقاذية لقطاع الكهرباء، ستكون شبكة التوزيع جاهزة لاستيعاب التغذية على مدار الساعة.
حتى الآن لا توجد مؤشرات ولا محطات قريبة لتحسن الكهرباء، نتيجة الظروف المالية والعجز المتزايد من جهة، والظروف العمالية وعدم الاستقرار وتهجير إدارة المؤسسة من مكانها، وعدم نضوج التسوية بزيادة عدد المرشحين للتثبيت والمرشح أن يزيد العدد بحوالي 150 إلى 250 متقاعدا عن الـ 850 المحالين على مجلس الخدمة.