أبدى محللون تفاؤلهم بالقواعد التنظيمية التي أعلنتها هيئة السوق المالية السعودية لفتح سوق الأسهم في المملكة أمام الاستثمار المباشر، قائلين إنها ستساعد في تعزيز جودة وفعالية السوق.
وكانت هيئة السوق المالية أعلنت الخميس الماضي القواعد المنظمة لفتح سوق الأسهم التي تبلغ قيمتها 580 مليار دولار، أمام الاستثمار المباشر من جانب المؤسسات الأجنبية. ومن المتوقع أن تصدر الهيئة النسخة النهائية من القواعد بعد مشاورات تستمر ثلاثة أشهر.
والبورصة السعودية هي أكبر سوق عربية للأسهم وواحدة من آخر البورصات الرئيسية التي تفتح أبوابها ولذلك تجذب تلك الإصلاحات اهتماما أجنبيا كبيرا. ويقدر مديرو صناديق أن السوق السعودية قد تجذب استثمارات جديدة بنحو 50 مليار دولار أو أكثر في الأعوام المقبلة، إذا تم إدراجها على مؤشرات الأسهم العالمية.
وأجمع عدد من المحللين البارزين في الرياض استطلعت آراءهم، على أن القواعد تصب في زيادة فعالية السوق وإنها تعكس حرص الهيئة على ألا يدخل السوق سوى المستثمرين أصحاب الخبرة والثقل.
ويقول رئيس الأبحاث والمشورة لدى البلاد للاستثمار تركي فدعق «يتضح من القواعد أن الهيئة حريصة على انتقاء المؤسسات المالية الأجنبية الكبرى ذات الخبرة واستقطاب فئات معينة من المؤسسات المالية المؤهلة.»وتتضمن القواعد المقترحة أن تكون المؤسسات الأجنبية مؤهلة للحصول على الموافقة للاستثمار وتلبي معايير من بينها ألا تقل قيمة الأصول التي تديرها عن خمسة مليارات دولار وأن تتمتع بخبرة استثمارية لا تقل عن خمس سنوات.
ويرى رئيس الأبحاث لدى البلاد للاستثمار مازن السديري أن اللوائح جاءت متماشية بشكل كبير مع توقعات السوق «باستهداف نوعية متميزة من المستثمرين الراغبين في دخول السوق عبر منهجية تضمن الجودة وتحقيق قدر أكبر من الفعالية في السوق«. وقال السديري «أداء السوق اليوم (أمس) هو مباركة لتلك اللوائح«. وقفز المؤشر السعودي أمس لأعلى مستوياته في نحو 80 شهرا متجاوزا 10900 نقطة.
وتضمنت القواعد المقترحة – التي سيجري استطلاع المعنيين بشأنها لمدة ثلاثة أشهر تنتهي في 20 تشرين الثاني المقبل – سقفا للملكية الأجنبية يبلغ عشرة في المئة من إجمالي قيمة السوق. كما شملت القواعد ألا تزيد ملكية مستثمر أجنبي منفرد عن خمسة في المئة من أسهم أي شركة مدرجة في البورصة وألا تزيد ملكية المؤسسات الأجنبية مجتمعة عن 20 في المئة من أسهم أي شركة في السوق. وتعليقا على ذلك يقول ثامر السعيد عضو جمعية الاقتصاد السعودي « روعي في النسب والحدود التي فرضتها هيئة السوق المالية التوزيع الحالي للنسب في التملك في السوق المحلية بين الأفراد السعوديين ومؤسسات الدولة وكذلك المؤسسات الاستثمارية المحلية».
وتابع «في تصوري أن السماح للمستثمر الأجنبي الواحد بتملك 10 في المئة من إجمالي القيمة السوقية نسبة عادلة وإن وجد هذا المستثمر الذي يرغب في ضخ 218 مليار ريال سعودي دفعة واحدة في السوق فلا شك في أنه مستثمر استراتيجي«. واعتبر السديري ان نسبة العشرة في المئة من مجمل القيمة السوقية تضمن عدم وجود مخاطر على الاحتياطي النقدي ونسبة الخمسة في المئة الملكية القصوى للمستثمر الواحد في أي شركة تضمن تحقيق التنوع.
وقال «إن اشتراط ألا تزيد ملكية المؤسسات الأجنبية مجتمعة على 20 في المئة من أسهم أي شركة في السوق يضمن عدم سيطرة لاعبين خارجيين على السوق«، مضيفا «الهيئة تبنت حكمة الحشد التي تكمن في جذب أكبر قدر من المستثمرين ذوي الجودة العالية.
وتنص القواعد المقترحة أن تتقدم المؤسسات المالية الأجنبية بطلباتها إلى شركات مالية وشركات وساطة مرخص لها من قبل هيئة السوق المالية لتتولى تلك الشركات تقييم الطلب ومن ثم تسجيله لدى الهيئة في حال قبوله. يقول السعيد «الهيئة وضعت العلاقة بين المستثمر الأجنبي ووسيطه المحلي مباشرة وهذا جيد في تحسين وتقوية آلية العمل في الطرفين مع الإشراف والتنظيم القانوني لهيئة السوق المالية. «من جانبه لفت تركي فدعق إلى أن ذلك سيغير من عوامل المنافسة بين شركات الوساطة وسينعكس إيجابا على أرباحها وبالتالي أرباح البنوك السعودية إذ تمتلك جميعها شركات وساطة تابعة لها. والقواعد المقترحة مماثلة لتلك التي عملت بها بعض الأسواق الآسيوية ومنها الصين عندما فتحت سوقها قبل ما يزيد على عشر سنوات، ووسعت المشاركة الأجنبية من خلال خطوات صغيرة. ومن المتوقع أن تتبع الرياض النهج نفسه وتمنح تراخيص الاستثمار تدريجيا لتفادي أي تدفق مفاجئ للأموال الأجنبية.