IMLebanon

عون أمام تحدّي تنظيم التيار أو يلقى مصير أحزاب اعتمدت الإرث العائلي

michel-aoun-new

 

كتبت صحيفة “النهار”: إصلاح “التيار الوطني الحر” قصة قديمة وليست العودة الى الكلام على تنظيم “التيار” وترتيب صفوفه سوى ترداد لمواقف ورسائل تناقلتها على مدى سنين محافل “التيار” وحلقاته وطاولاته التي كانت تعقد سرا وسعى النظام الامني السوري مع عملائه اللبنانيين الى اختراقها وتفكيكها تكرارا دون جدوى، فما ان يتم اعتقال خلية او تفكيك “طاولة” حتى كانت تعقد اخرى وهكذا دواليك.

والكلام اليوم على تنظيم “التيار” وتفعيل صفوفه ومؤسساته هو نتيجة لتململ مزمن في صفوف الناشطين والمعنيين المطالبين بالخروج من حال المراوحة الى حركة مؤسساتية حقيقية تقي “التيار” شر الوقوع في فخ الفوضى والانقسامات والتشرذم، خصوصا ان زعيم “التيار” ورمزه العماد ميشال عون الذي تجاوز الثمانين من العمر، يدرك جيدا ابعاد الاستمرار في ترك الامور على غاربها في تياره من دون تنظيم او هيكلية وهيئات قيادية تشرف على حركة التيار الذي يتمتع بشعبية قد تكون الاوسع لدى المسيحيين ويستحوذ على اكبر كتلة مسيحية في البرلمان.

“القائد والشعب”

خلال الاحتلال السوري، كان ناشطو “التيار” يقصدون العاصمة الفرنسية للقاء عون المنفي وإسماع شكواهم، وكان الناشطون الميدانيون من بينهم يقابلون الجنرال ويخرجون من عنده مجبوري الخاطر لأن لديه حلا لكل مشكلة. لكن الامور كانت تستمر على ما هي. وخلال مرحلة الاحتلال السوري تعرض كثيرون من العونيين للاعتقال التعسفي والضرب الوحشي على يد النظام الامني في محاولة لاكتشاف “التنظيم العوني السري” وما اذا كان عنقوديا او افقيا او عموديا من دون جدوى، والسبب ان التنظيم لم يكن موجودا يوماً، لان العماد عون كان يؤمن ولا يزال ربما بالعلاقة المباشرة بين “القائد والشعب”، ولا حاجة تاليا الى تسلسلية وهرمية حزبية لبناء هذه العلاقة. هكذا امضى كوادر التيار الميدانيين مثل طوني حرب وعبدالله خوري ونعيم عون وعباد زوين وجورج حداد وغيرهم الكثير من الوقت على خط باريس – بيروت بدون اي جدوى او اي تنظيم. واقصى ما توصلوا اليه عقد مؤتمرين في باريس تحت شعار “المؤتمر الوطني اللبناني” الذي اسندت مهمات منسقيته في بيروت الى اللواء المتقاعد نديم لطيف من اجل تأمين الحد الادنى من التنسيق بين انصار التيار وناشطيه وهيئاته التي كانت قلة منها تلك الايام تجرؤ على الظهور خشية الملاحقة والقمع. وفي تواريخ كثيرة سجلت اعمال اعتقال بالمئات وعشرات حالات التعذيب والسجن والاحالات على المحاكم وشملت غالبية العونيين، باستثناء الوزراء والنواب الحاليين في “التيار” الذين كان قسم منهم وليس جميعهم من الموالين للاحتلال السوري.

“محاولة رقم 4”

حاول “التيار الوطني” تنظيم مؤسساته منذ عودة العماد ميشال عون من منفاه في ايار 2005، كانت الخلوة الاولى في آب 2005 التي شهدت مناقشة صحية بين عون وناشطي تياره الديناميكيين حول طبيعة النظام الداخلي وصلاحيات القيادة وشروط انتخابها او تعيينها. لكن وهج “القائد العائد” ادى الى اخماد حركة المؤسساتيين في “التيار”. ثم عاد الجنرال يفرض رأيه وسطوته في الخلوة الثانية في منتجع “الرمال” التي شهدت التصويت على مسودة النظام الداخلي بدون جدوى، رغم ان “التيار الوطني الحر” كان قد حصل على رخصة لمزاولة عمله من وزارة الداخلية، وكان يفترض ان يقدم نص النظام الداخلي كنموذج لعمل حزبي رائد لم تبادر عليه غالبية الاحزاب والجمعيات في لبنان. خمدت الامور فترة الى ان عاد موضوع النظام الداخلي والتنظيم الى دائرة الضوء مع تكليف لجنة مصغرة ببحث مسودة نظام داخلي جديد لم يكن مصيره افضل من سابقاته. وها هي اليوم المحاولة الرابعة امام لحظة الحقيقة بعدما انهت لجنة من الخبراء درس نظام داخلي جديد دون ان تضع اي آلية للنقاش الداخلي لاقرار النظام المهدد بأن يصبح مجرد تاريخ آخر على روزنامة “اصلاح” التيار وتفعيل مؤسساته.

يقول ناشطون ان الوزير جبران باسيل يبدو مطلعا على هواجس القاعدة وكوادر “التيار”، وهو كان واضحا جدا في ذكرى 7 آب في البترون عندما تحدث عن الحاجة الى بناء حزب ديموقراطي وعصري يلبي الحاجة الى قوة نظامية سياسية فاعلة. كما ينقلون عن باسيل ان العماد ميشال عون لا يريد لتياره ان يلقى مصير الاحزاب التي اعتمدت على الارث العائلي الشخصي، لكن المشكلة وفقا للناشطين “ان جبران باسيل يقول شيئا ويتصرف شيئا آخر بدلا من التعاون مع المحازبين على إنهاض التيار وتنظيم مؤسساته وجماهيره”. وفي رأيهم ان “الجنرال يجب ان يبادر ويتحمل مسؤولية معالجة الوضع، وهو الذي اعلن في خلوة 2005 انه يفهم هواجس محازبيه وخشيتهم من المستقبل، لكنه منهمك في الحدث السياسي على المستوى الاستراتيجي والمحلي الى درجة تحول بينه وبين معالجة ملف النظام الداخلي والاوراق التي سلمتها الى اللجان الفرعية المختصة، وتاليا لم يصدر اي موقف عنه يحسم ما يجري تنظيميا ويضع الامور في نصابها”. ويقول الناشطون ايضا، ان تحويل “التيار الوطني الحر” مؤسسة يجب ان يتحقق على يد العماد ميشال عون وحده، لانه مؤسس هذا التيار ورمزه، وهو الوحيد القادر على اطلاق الحوار الداخلي فيه وصولا الى مؤتمر عام يحضره الجميع ويضع الامور في نصابها ويحدد بوصلة العمل التنظيمي.

يخلص احد ناشطي “التيار” البارزين الى ان “الجميع يتململون من الوضع سرا، وهناك تحديات كبيرة مسيحيا ولبنانيا، لكن قلة تجرؤ على اعلان موقفها في “التيار”، وهذا امر لا يمكن ان يستمر لأنه سيؤدي الى خراب الحزب الاكثر نفوذا بين المسيحيين وتلك هي المصيبة الكبرى”.