محمد وهبة
يستفيد نادي الغولف من عقد ايجار شبه مجاني مع الدولة اللبنانية. يستغل النادي ملكاً عامّاً تابعاً للمديرية العامة للطيران المدني، مساحته 225 ألف متر مربع، ولا يدفع سوى بدل إيجار سنوي يبلغ 1100 ليرة فقط لا غير. ادارة النادي وضعت يدها أيضاً على عقار مساحته 3 آلاف متر مربع ملاصق للعقارات المؤجرة من النادي، واستعملته كموقف للسيارات.
هذا المسار رتّب تداعيات على العلاقة مع بلدية الغبيري، وذلك على صعيدين، الأول هو أن البلدية تريد استرداد العقار الذي تملكه ثم تعيد استثماره كحديقة عامة أو موقف سيارات أو تأجيره، ويصرّ رئيس البلدية محمد الخنسا على استعادة ملك البلدية (اولا) ثم اتخاذ القرار بكيفية التصرّف فيه وفق المصلحة التي ترسمها البلدية. أما الثاني، فهو يتعلق بموجبات النادي تجاه البلدية وتسديد الرسوم التي تحتسب على أساس القيمة التأجيرية لهذا العقار.
يُنظر الى حالة نادي الغولف باعتبارها تجافي المنطق. فمن جهة، يحصل النادي على أرض مجانية (العقار 3908) يستعملها لاستقطاب رواد يسددون رسم انتساب سنوي يصل إلى 15 الف دولار.
ومن جهة ثانية، ترفض ادارة هذا النادي الخضوع للضريبة والامتثال لقرارات السلطة المحلية، ولا سيما لجهة عدم اخلاء عقار تملكه. يبدو النادي كأنه يحاول الانتفاع الى اقصى حد من واقع الفوضى والفساد المسيطرين على ادارة الدولة. لكن لإدارة النادي تبريراتها وطرقها في الرفض والامتناع. فمطالبات بلدية الغبيري، باسترجاع الأرض التي وضعت إدارة النادي يدها عليها، فشلت طيلة السنوات الثلاث الماضية، حتى أن الاجتماعات التي ضمّت ممثلي إدارة النادي مع رئيس بلدية الغبيري كانت من دون جدوى، فيما أفضت الإنذارات المتكررة التي وجهتها البلدية إلى النادي إلى تكريس واقعة وضع اليد على الأرض.
يؤكد مسؤولون في بلدية الغبيري أن النقاش لم يتوقف يوماً مع إدارة نادي الغولف، لكنه لم يصل في أي من الأيام إلى نتيجة لأن الإدارة كانت دائماً تعود إلى محاميها وتقوم بما يمليه عليها في سياق الرفض أو الامتناع. ويبرز في هذا السياق، أنه حين اتفقت بلدية الغبيري وبلدية برج البراجنة على أن تعود ملكية قطعة الأرض المستولى عليها من قبل النادي، إلى بلدية الغبيري، استمرّت إدارة النادي برفض تسليمها الأرض بذريعة أن هناك خلافات على ملكية هذه الأرض بين البلديات، ثم قالت لاحقاً إنها تملك 170 سهماً في هذه الأرض وهي تستعملها رغم أن 170 سهم تمثّل 7% فقط من الأرض. لا بل إن إدارة النادي تحاول تصوير البيئة المحيطة بها على أنها بيئة معادية لكل ما هو جميل وأخضر ولكل من هو ثري. وبحسب المسؤولين فإن إشاعات سرت خلال الأشهر الأخيرة تشير إلى أن إجبار إدارة النادي على «التخلي» عن قطعة الأرض وتسليمها لبلدية الغبيري يأتي في إطار كون أبناء الضاحية معادين لها لأنهم مختلفون طبقياً عن أبناء الطبقة الثرية التي تدخل النادي، وتربط الإشاعات بين هذه الصورة النمطية عن الضاحية التي ترفض الطبيعة والتنظيم والأثرياء ووجود النادي في هذه المنطقة، أي ضمن نطاق بلدية الغبيري.
واللافت أن ديوان المحاسبة كان قد أبلغ بلدية الغبيري أن لا إعفاءات تطاول نادي الغولف اللبناني من الرسوم البلدية. والقصّة بدأت قبل أن ينتقل العقار الذي أنشئ عليه نادي الغولف بمساحة 225 ألف متر مربع من نطاق بلدية برج البراجنة إلى نطاق بلدية الغبيري. ففي تلك الفترة لم تكن بلدية برج البراجنة قد طالبت نادي الغولف بتسديد الرسوم البلدية إلا مرتين رغم مرور أكثر من عقدين على وجوده، غير أن إدارة النادي أوضحت لبلدية البرج أن النادي هو عبارة عن جمعية رياضية لا تبغى الربح، وبالتالي فإنها غير خاضعة للرسوم البلدية بل حاصلة على الإعفاء منها.
وإدارة النادي برّرت موقفها الممتنع عن دفع الرسوم البلدية، أمام ديوان المحاسبة، بالإشارة إلى أن نادي الغولف «ملتزم رست عليه المزايدة التي أجرتها وزارة الاشغال في مطلع الستينيات لزرع الاراضي الواقعة حول مدرج مطار بيروت الدولي، وهذا التلزيم جرى تجديده بموجب قرارات مجلس الوزراء (…)، ولأن نادي الغولف هو ملتزم فلا يخضع لأحكام المادة /4/ من القانون 60/88 المتعلقة بالرسم على القيمة التأجيرية. وفي حالة توجب رسم القيمة التأجيرية لا يجوز للبلدية ممارسة الضغوط لإكراه نادي الغولف على دفع الرسوم البلدية».
غير أن ديوان المحاسبة أوضح أن مواقف البلدية ونادي الغولف تبيّن أن إدارة النادي «أقامت إنشاءات على العقار العائد لمديرية الطيران المدني وعلى العقار 3908، وبالتالي فإن عمله لم يعد مقتصراً على غرس وزرع الاراضي الواقعة حول مدرج مطار بيروت وإنما بات مستثمراً لتلك الانشاءات وان كان لغايات غير تجارية». وأوضح أن «حالات الاعفاء من الرسم على القيمة التأجيرية محددة في المادة 13 من قانون الرسوم والعلاوات البلدية الصادر بالقانون 60/88 تاريخ 12/8/1988 ومنها ما جاء في الفقرة 4 من المادة المشار اليها لجهة إعفاء المؤسسات التي لا تتوخى الربح على أن تحدّد هذه المؤسسات بقرار يصدر عن مجلس الوزراء». وأضاف أنه «لم يصدر أي قرار عن مجلس الوزراء بشأن اعتبار نادي الغولف من المؤسسات التي لا تتوخى الربح والمعفاة من الرسم على القيمة التأجيرية». أما صفة المنفعة العامة فيجب أن تكتسب «بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الشؤون الاجتماعية. ولم يتبين من مستندات الملف أن نادي الغولف يتمتع بصفة المنفعة العامة ما يجعله غير خاضع للمادة /5/ من المرسوم الاشتراعي 87/77 التي تقضي بإفادة المؤسسات ذات المنفعة من الاعفاءات المقررة للمؤسسات العامة». لهذه الأسباب «إن نادي الغولف لا يستفيد من إعفائه من الرسم على القيمة التأجيرية».