يهدّد خطر ما يعرف بتنظيم «الدولة الاسلامية – داعش» الأحلام الكردية، الرامية إلى جذب مزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية لأراضي إقليم كردستان. واجتاح مسلحو التنظيم المتطرف مناطق كردية جنوب الإقليم وغربه، والذي يشهد استقراراً أمنياً منذ سنوات.
وأحرج الوضع الأمني الجديد في المناطق المتنازع عليها، حكومة إقليم كردستان أمام الشركات العربية والأجنبية. ويقول نائب رئيس هيئة الاستثمار في إقليم كردستان نوروز أمين، إن الاستثمارات في إقليم كردستان «بلغت 33 بليون دولار ونسبة النمو 7 في المئة، وهي مرتفعة مقارنة ببعض دول الجوار. ويوجد فيه 2724 شركة أجنبية».
وحذّر رئيس اتحاد رجال الأعمال في كردستان هافال أمير صالح، من «مغبة استمرار عمليات إجلاء الشركات الأجنبية الاستثمارية لرعاياها من داخل الإقليم، الذي سيعطي إشارات سلبية للمستثمرين الكبار ممّن سبق التنسيق معهم وجذبهم إلى الإقليم».
وتراجعت أسهم عدد من شركات الطاقة العاملة في إقليم كردستان العراق في شكل حاد للأسبوع الثاني على التوالي، بفعل تصاعد العنف في المناطق المحاذية له. وتدور حالياً معارك ضارية بين قوات البيشمركة الكردية وفصائل «داعش».
وتعمل في الإقليم 52 شركة نفطية وقعت عقوداً بعيداً من نظر وزارة النفط المركزية، ما أثار حفيظة الأخيرة. وهبط سهم شركة «أفرين» لإنتاج النفط بنسبة 4.6 في المئة، بعدما علقت الإنتاج في حقل «بردرش» النفطي في كردستان، ليكون الحقل الأول الذي يُغلق بعد تقدم مسلحي «تنظيم الدولة الإسلامية» واقترابهم من الإقليم. وقررت الشركة، في خطوة احترازية، سحب جميع موظفيها غير الأساسيين من الحقل.
والتحقت شركة «جينل إنرجي» بنظيرتها «أفرين»، لكن أبقت على استمرار إنتاج حقليها «طق طق» و»طاوكي». كما بدأت شركة «شيفرون» إجلاء عمالها من إقليم كردستان بسبب الأوضاع الأمنية. وكانت «أكسون موبيل» وشركات أخرى منتجة للخام في المنطقة، اتخذت إجراءات مماثلة لتلك التي قررتها «شيفرون» تحسباً لاحتمال تدهور الأوضاع.
وأشارت مصادر إلى أن «خط أنابيب النفط التابع لحكومة إقليم كردستان العراق يعمل في شكل طبيعي، ويضخ 120 ألف برميل يومياً من الخام، على رغم تقدم مقاتلي التنظيم في شمال العراق. وأعلنت شركة «أبو ظبي الوطنية للطاقة» (طاقة) في بيان، تعليق نشاطاتها في حقل «اتروشي» في كردستان العراق، نتيجة عدم الاستقرار في المنطقة.
وقال صالح في تصريح إلى «الحياة»، إن استمرار الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم خصوصاً الاستثمارية منها، بإجلاء موظفيها، «أمر خطير جداً على اقتصادنا». واعتبر أن هذه الخطوة «ستعطي رسائل سلبية لمستثمرين أجانب وعرب سبق وتم التنسيق معهم لجلب استثماراتهم إلى مدننا خلال الفترة الماضية، والتي يجب وصفها بالناجحة استثمارياً واقتصادياً». وعزا هجرة الاستثمارات إلى «العمليات العسكرية التي اندلعت مع بداية احتلال داعش مدينتي الموصل وصلاح الدين».
وأوضح أن «الأزمة الخانقة التي يمر فيها الإقليم نتيجة قطع الرواتب عن الموظفين منذ أشهر، تسببت بشلل تام في القطاعات الاقتصادية، وفقدان رؤوس أموال الشركات الوطنية الكبيرة، التي استثمرت في مشاريع حكومية متوقفة لعدم إقرار الموازنة».
لكن قلّلت القيادية في التحالف الكردستاني نجيبة نجيب في تصريح إلى «الحياة»، من تأثير هذه الإحداث على الواقع الاقتصادي للإقليم خصوصاً الاستثمار، مؤكدة أن «النسبة الأكبر من الاستثمارات محلية، على رغم أهمية الأجنبية». وأكدت أن حكومة الإقليم وقوات البيشمركة «هما الجهة الضامنة لحياة المستثمرين وأموالهم»، مشيرة إلى أن قانون الاستثمار هو «مثابة ضمانة أكيدة لاستثماراتهم التي لن يتمكن الإرهاب من مسّها».