Site icon IMLebanon

ملف مياومي الكهرباء إلى تأزّم جديد بعد كلام جريصاتي

Nahar

سلوى بعلبكي

هل انتقل ملف مياومي مؤسسة الكهرباء من شأن عمالي بحت الى مسألة سياسية تعكس توجهات بعض التيارات السياسية ومناكفاتهم؟ فالمشهد في وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان أمس تحول محاور لتوجيه الرسائل السياسية في أكثر من صوب، بدليل ما أعلنه الوزير السابق للعمل سليم جريصاتي أن “القرار السياسي الصعب يتخذه رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” لأن الحقيبة هي حقيبته”، متوجها الى المياومين بالقول: “أعيدوا النظر في قراراتكم المتهوّرة، وإذا كانت من إملاءات سياسية، إعلموا أنه في آخر المطاف، أنتم الذين ستحاسبون… إن زمن الاستقواء على الدولة قد ولّى وأي كلام طائفي مذهبي نسمعه على الشاشات قد ولّى”. وكان الرد سريعا من المياومين، إذ استغرب عضو اللجنة جاد الرمح عبر “النهار” اتهام جريصاتي لهم بأنهم طائفيون وقال: “لو كنا طائفيين كما يزعم معاليه، لما كنا سلمناه ملف مطالبنا، ولما كنا أصررنا على أن يطلع على العقود مع شركات مقدمي الخدمات”.
وهذا الجو الذي كان سائدا في مؤسسة الكهرباء ووزارة الطاقة نسف، وفق مصادر مطلعة، الجهود التي كانت تبذل خلال اليومين الماضيين بين الادارة والمياومين، حتى أن هذه المصادر اعتبرت أن تدخل جريصاتي المفاجئ في الملف مقصود بغية افشال الاتفاق الذي كان على قاب قوسين من الاعلان عنه”.
ماذا في تفاصيل يوم أمس الذي كان متوقعا أن يكون تصادميا بعد حشد استمر ليومين على جبهتي المياومين والادارة؟
بعد أن بدأ موظفو الكهرباء بالتوافد الى المؤسسة للالتحاق بعملهم بناء لطلب الادارة بمواكبة من قوى الامن التي انتشرت بكثافة أمام المؤسسة عمد اثنان من المياومين الى التهديد بحرق نفسهما، فما كان من القوى الامنية الا ان طلبت من الموظفين الابتعاد عن “المسرح”، خوفا من حصول اعمال شغب او احتكاك بين المياومين الغاضبين والموظفين. وبعد نحو ساعة توجه رئيس واعضاء المجلس الى وزارة الطاقة والمياه لعقد اجتماع استثنائي استعيض عنه لاحقا بمؤتمر صحافي عقده وزير الطاقة ارتور نظريان، ومدير عام الكهرباء كمال حايك، ووزير العمل السابق سليم جريصاتي الذي استقطب الاهتمام نظرا للرسائل السياسية والقانونية التي وجهها الى المياومين ومن وراءهم.
وفي المؤتمر الصحافي أكد نظريان أن “قرارات المدير العام لمؤسسة الكهرباء ومجلس إدارة المؤسسة والمديريات، جاءت لتؤمّن استمرارية المؤسسة وديمومتها، بحيث حدّدت الحاجات الضرورية والشواغر الحقيقية في المؤسسة، بعيداً من إرهاقها بأعباء إضافية غير مجدية وغير منتجة”.
أما الحايك فنبّه إلى أن “في حال استمر الوضع على ما هو عليه، فستكون هناك صعوبات في تأمين التيار الكهربائي للمواطنين، وصعوبات أخرى في تأمين رواتب مستخدمي المؤسسة”، وقال: “لا نستطيع القيام بواجباتنا بصورة سليمة، إلا وفق ما حدّدته لنا القوانين والمراسيم، وفي مكاتبنا وبكرامتنا، بدءاً من الإدارة وصولاً الى الموظف الأدنى فئة في مؤسسة كهرباء لبنان، عندها نبحث في أي نقاط قابلة للبحث والتوضيح وفق الأطر القانونية”. من جهته، شرح جريصاتي ظروف وضع نص القانون، وقال: وضعت مشروع النص التشريعي الذي أصبح في ما بعد القانون 287 تاريخ 30/4/2014 والذي نُشر في “العدد العشرين” من الجريدة الرسمية في 8/5/2014 وهو تاريخ نفاذ هذا القانون بتكليفٍ من أفرقاء سياسيين شتى، واللبيب من الإشارة يفهم. وضعت هذا النص وتم التوافق، ما يعني بموافقة كل الأفرقاء عليه. وأُودع بالوسائل القانونية مجلس النواب وتم إقراره بعد إدخال بعض التعديلات الإضافية أيضاً وأيضاً لمصلحة المياومين وعمال غب الطلب بصورة غير مألوفة.
وإذ قال: “يلفتني كتاب وجّهه مدير عام الاستثمار إلى وزير الطاقة، يطيح مبدأ المباراة، ولو أردنا تثبيت الجميع فلا نستطيع ذلك، وإلا لما كنا وضعنا هذا النص”، أوضح: “لقد كنا نرغب بتحديد رقم، فتم الرفض، فتداولنا بأرقام وتم التجاوب، وتوصلنا الى أرقام 750 و790، واليوم الحاجات التي حدّدتها مؤسسة الكهرباء تفوق الـ897 موقعاً شاغراً برسم هؤلاء المياومين الذين يعتصمون عُنفاً ويُقفلون أبواب المؤسسة عنوةً، وعلى الرغم من ذلك، تم تجاوز هذا الرقم الممكن، والقدرة الاستيعابية ولم نستثن موقعاً واحداً في المؤسسة”.
وتوجه إلى المياومين بالقول: “ألفت نظركم كي لا تصبحوا “أحصنة طروادة” سياسية لمشاريع نعرف مداها، ووزارة الطاقة حصّنت مبدأ العمل ورتّبت أوضاع المستخدمين، أي المياومين وغب الطلب في هذه المؤسسات”.
اضاف: “إسمعوني، أُعذر من أَنذر. ما تقومون به يعني أنكم تطبقون على أنفسكم أوصافاً جرمية، وإن النيابة العامة التمييزية مدعوّة إلى اتخاذ القرارات الملائمة لأن جرائم مشهودة ينظر إليها الجميع، لذلك أحذركم، بأن ما تقومون به ليس على الإطلاق إضراباً حضارياً تُجيزه القوانين المرعية للتعبير عن استيائكم أو رفضكم، إنكم تقومون بأعمال جرمية بكل المفاهيم وتقفلون مؤسسات عامة وتتعدّون على أملاك عامة وتمنعون من ريادتها، وتؤثرون في توزيع الطاقة”.
وردا على ما جاء على لسان جريصاتي قال الرمح: “للأسف ثقتنا به لم تكن بمحلها، خصوصا أنه حول وجهة تحركنا الى منحى طائفي بحت، وقال: “كيف يصفنا بالطائفيين ونحن الذين سلمناه ملفنا وأوكلنا إليه متابعته”. واتهم الرمح جريصاتي بأنه “لم يعمل بأمانة مع ملف المياومين إذ صاغ القانون بطريقة كادت تضيع علينا حقوقنا، وخصوصا حيال التعويضات، ففي سنوات الخدمة احتسب كل 3 اعوام سنة واحدة، وفي التعويضات احتسب كل سنة تعويض شهرا، قبل ان يتم تعديله”.
واعتبر أن الفضائح التي اوردها المياومون على صعيد مقدمي الخدمات وهدر الاموال، لم يستطع جريصاتي ان يرد عليها الا بالاختباء وراء الغطاء الطائفي البغيض”، داعيا اياه الى البحث عن مسارب الهدر في المؤسسة والادعاء على من يتسبب بها بدل تهديد المياومين الذين يطالبون بحقوقهم بالقضاء”.