ذكرت صحيفة “الجمهورية” من مصادر مطّلعة أنّ كلّ الأجواء التي تحدّثت عن تسويةٍ رئاسية ما انطلاقاً من كلام رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط الأخير، لا أساس لها، وأنّ الأمور لا تزال تراوح مكانها، فلا تسويات ولا حراك، ولا أحد يتكلم مع أحد بتسويات أو طبخات أو مخارج، وبالتالي فإنّ نسبة العمل السياسي تدنّت الى حدّ الصفر، وكلّ مَن يدّعي عكس ذلك يوهِم الناس، ولا يقارب الحقيقة. فالصحيح أنّ كلّ الأمور معلّقة ولا أحد يملك الحلّ، وكلّ طرف على موقفه، وحتى التمديد النيابي ليس واضحاً ولا محسوماً.
وأشارت المصادر الى أنّه لا يمكن القول إنّ ملفّاتنا الداخلية عالقة على روزنامة خارجية أو تطوّرات المنطقة، وبالتالي لا أحد يملك إجابة أو حلّاً لمأزق الاستحقاقات الداهمة، وكلّ ما نراه في الإعلام هو مجرّد إثبات حضور.
من جهتها، أشارت مصادر مطلعة لصحيفة “الأنباء” الى أن ثمة حركة باتجاه الاستحقاق الرئاسي، لكنها لا تضمن حسن النتائج، في ظل إصرار العماد ميشال عون على ترشيحه غير المعلن لرئاسة الجمهورية، واستعداده الى تعطيل الاستحقاق إذا حالت ظروف دون وصوله الى بعبدا.
وتوقعت المصادر انه سيكون للفاتيكان دوره في الاتصالات بعد وصول البطريرك بشارة الراعي اليه الخميس، حيث سيجري مشاورات حول مسيحيي المنطقة ولبنان وما يشكله غياب الرئيس المسيحي من إضعاف للموقع والطائفة.
واعربت اوساط خبيرة في شؤون المنطقة لصحيفة “الراي” الكويتية عن اعتقادها ان لبنان مقبل على انفراج ما، وان الهدف لم يعد إسقاط النظام في سوريا ولم يعد الرئيس بشار الاسد الهدف رقم واحد. فرغم انه لم يصبح مقبولاً لدى المجتمع الدولي، فان وجوده حاجة لإكمال الحرب على “داعش”.
وتتحدث الاوساط عن ان الرغبة في حماية الاستقرار باتت تشكل حافزاً لإنهاء الفراغ الرئاسي، وخصوصاً في ضوء الموقف الحاسم للمملكة العربية السعودية بالوقوف ضد إرهاب، وعودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري التي ادت الى كسر الجليد في العلاقة مع الرئيس نبيه بري.
وتبعاً لذلك لم تستبعد الأوساط نفسها ان يزهر خريف لبنان رئيساً جديداً للجمهورية في ضوء ما أفضى اليه الواقعان المحلي والاقليمي، وخصوصاً مع ضيق أفق المناورات الداخلية وتشابك الاستحقاقات والتعقيدات المرتبطة بالانتخابات الرئاسية والنيابية والعمل التشريعي، في شكل بدأ ينذر بتصدّعات مؤسساتية بالغة الخطورة لا يمكن تفاديها الا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية ما يتيح تشكيل عازل أكثر صلابة في مواجهة الأخطار الأمنية.
إلى ذلك، كشفت المصادر النيابية الوسطية، ان كل الحراك الداخلي الذي يسجل على مستوى المبادرات التي تقودها بكركي من جهة و«الوسطيون» من جهة اخرى، لم يرتقِ بعد الى مستوى إحداث تحول في الاصطفاف الحالي لتمكين مجلس النواب من انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الاسبوع المقبل، لكنها في الوقت نفسه لفتت الى ان اصداء تتردد في الكواليس السياسية عن مسعى فاتيكاني مدعوم اوروبياً وسعودياً للبحث في توافق فريقي 8 و14 آذار حول مرشح توافقي لا يكون محسوباً على اي من الطرفي
واذ وجدت المصادر انه من الصعب اقناع الرافضين بوصول مرشح توافقي الى رئاسة الجمهورية، اكدت ان اعادة فتح قنوات الحوار بين القيادات السياسية قد يساهم في تحضير المناخ الداخلي، المحتقن حتى الساعة، للتسوية المرتقبة.
وأضافت: “ان استمرار التشنج وفشل المبادرة الفاتيكانية سيؤدي الى مزيد من التدهور والانهيار خاصة وان عناصر عدة قد دخلت على خط الوضع الداخلي ومنها ما هو متصل بالارهاب ومنها ما هو متصل بالخطر الاسرائيلي الداهم مع تكرار عمليات قصف الصواريخ المجهولة من الجنوب، لتوسيع رقعة العدوان الاسرائيلي من غزة الى جنوب لبنان.
وفي مجال السعي المحلي والاوروبي الذي يبذل لانهاء الفراغ الرئاسي، تقول المصادر تأتي زيارة البطريرك بشارة الراعي الى الفاتيكان والتي تحمل الاستحقاق الرئاسي عنواناً بارزاً على جدول لقاءاته وتحركاته على ان تواكبها محلياً جولات يقوم بها النائب وليد جنبلاط على مرجعيات وقيادات داخلية فيما تنشط اتصالات ديبلوماسية مع القوى السياسية الفاعلة المعنية بهذا الاستحقاق وفي مقدمها الاقطاب الاربعة على الساحة المسيحية.
واكدت المصادر نفسها انه لم ترشح ايّ ملامح ايجابية او سلبية عن هذا الحراك المتعدد الأوجه، لافتة الى ان ترتيب التسوية الرئاسية يتطلب تفاهماً يتخطى الاطراف الساعية الى انجاز الانتخابات الرئاسية الى قوى اقليمية ودولية فاعلة اي الى عواصم القرار في المنطقة وفي الغرب، وذلك على غرار التفاهم الذي حصل عشية اتفاق الطائف او اتفاق الدوحة، عندما أتت التسوية بعد تطور امني او حدث كبير في المنطقة.
واضافت ان استعجال القوى المحلية الى انجاز التفاهم الداخلي بين فريقي 8 و14 اذار ومن خلال حوار مباشر بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، يهدف الى تفادي اي امتحان أمني وهو ما تتخوف منه اكثر من عاصمة متابعة للوضع اللبناني وللتطورات الامنية في العراق وسوريا.