IMLebanon

تحولات في سوق النفط اليابانية

JapanOil
محمد الشطي
لا يختلف أحد على أن المستقبل يحمل بين جنباته تحديات كبيره ، إلا أنه من الضرورة دعم التحديات بأرقام وحقائق علمية حتى يسهل التعامل معها من دون مبالغة أو إفراط قد يعني التضحية وتقديم خسائر من دون مردود.
إن استراتيجية المحافظة على السوق، أو الخروج منها، أو التوسع في التواجد فيها يخضع لعدة اعتبارات تعتمد على متابعه التحولات والمستجدات في السوق لاعتماد الاستراتيجيه المثلى في التعامل مع تلك السوق.
تعتبر اليابان من الاسواق التي لا تمتلك تقريبا أيا من مصادر للطاقة ، وهي ثالث اكبر مستهلك للنفط بعد الولايات المتحدة الامريكيه والصين ، ولذلك فهي تعتمد بشكل رئيسي على الواردات من الخارج ، وهي ايضاً ثالث مستورد للنفط الخام في العالم.
لقد شهد إجمالي الطلب على المنتجات البترولية في اليابان تنامياً من معدل 3.9 مليون برميل يومياً في عام 1970 إلى 5.5 مليون برميل يوميا في عام 2000، أي زياده سنوية تفوق 50 ألف برميل يوميا على مدار 30 عاما، ثم ما لبث أن اتخذ اتجاهاً تنازلياً منذ ذلك التاريخ، حسب تقديرات البيت الاستشاري “فاكتس”.
وقد انخفض استهلاك اليابان من النفط من معدل 4.9 مليون برميل يوميا في 2003 ليصل إلى 4.6 مليون برميل يوميا في 2006، ثم 4.4 مليون برميل يوميا في 2007، ثم 4.2 مليون برميل يوميا في 2008، ثم إلى 3.9 مليون برميل يوميا في 2009.
منذ عام 2011 ومع بداية كارثة فوكوشيما وحتى مايو 2012 خسرت تقريبا طاقتها النووية، ومع بناء اليابان عدداً من المحطات النووية وتحولها لاستخدام الغاز الطبيعي، النفط الخام الفائق النوعية، وزيت الوقود في توليد الكهرباء، فقد أسهم ذلك في دعم الاستهلاك الياباني من النفط.
وقد بلغ إجمالي استهلاك اليابان 4.5 مليون برميل يومياً في عام 2011، ولكن الاتجاه التنازلي في استهلاك النفط مستمر وإن كان بوتيرة ربما أقل، ويقدر الكثير من بيوت الاستشارة في العالم أن الاستهلاك الياباني من النفط قد يصل إلى فقط 3 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2030، وهذا النمط الاستهلاكي هو يسهم في قرار حجم الواردات ونوعيتها من النفط الخام في المستقبل، ويصبح الهدف هو أن تكون مخرجات التكرير من المنتجات هي منتجات نظيفة تتماشى مع توقعات الطلب في المستقبل، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار حالة الترشيد في طاقه التكرير وإغلاق وحدات وقدرات تكسيرية، وهو ما يعني الحاجه إلى نفوط خفيفة لطاقه التكرير، وهو أمر يمكن اختباره بالنظر إلى واردات النفط الخام وتطورها عبر السنوات واستلهام الدروس منها.
تشير التقديرات إلى أن إجمالي طاقة التكرير في اليابان عند 4.2 مليون برميل يومياً في شهر يوليو 2012، ثم إلى 4 ملايين برميل يومياً في نهاية عام 2013، ثم إلى 3.3 مليون برميل يومياً مع نهاية عام 2015.
الأمر مهم جدا للبلدان المنتجة عموما، وذلك لأن اليابان تمثل سوقا لاستهلاك النفط الخام ومنتج النافثا ومنتج الغاز المسال، وفي العادة تقوم الشركات النفطية بمتابعة ودراسة تلك المتغيرات بشكل دقيق لضمان سرعة التأقلم مع المتغيرات في السوق النفطية بشكل يحفظ إيراداتها النفطية عند مستويات ثابتة وعالية، ومعه تتبنى آليات معينة تعينها على التعامل مع تلك المتغيرات بشكل أفضل، وسط تنافس بين الشركات النفطية في مختلف الأسواق، خصوصاً في أسواق الشرق التي تضمن أسعار بيع عالية مقارنة مع الأسواق الأخرى.
ويعزو المراقبون الهبوط التدريجي في استهلاك النفط في اليابان وتوقعات استمراره لسنوات قادمة لعدة أمور وتغيرات هيكلية من أبرزها : (1) التوسع في استخدام بدائل الوقود (2) لقد شهد عدد سكان اليابان تنامياً، حيث ارتفع عدد سكان اليابان قبل الحرب العالمية الثانية، وبلغ قريبا من 93 مليون نسمة في عام 1960 إلى ما يقارب 128 مليون نسمة في 2010، ثم بدأت مرحلة التناقص منذ ذلك التاريخ ووصل عدد السكان إلى 127 مليون نسمة بحلول 2012، ويبدو أن هذا الاتجاه مستمر، (4) شيخوخة الهرم السكاني والأيدي العاملة وضعف وتيرة النمو الديمغرافي بصفة عامة، (5) اختلاف وتغير في نمط المعيشة بشكل يتناسب مع استهلاك أقل من خلال استخدام أمثل لوسائل النقل، وهو ما يعني ضعفا في استخدامات النفط في النقل، (6) تتبع الحكومة اليابانية سياسات هدفها الأرقام المستهدفة لتحسين البيئة مثل 25% خفض في انبعاثات الكربون بحلول 2020 على أساس مستويات المتحققة في 1990 وهو ما يعني بالضرورة رفع استخدامات الطاقات المتجددة والبديلة بشكل أوسع للإيفاء باحتياجات النمو في استهلاك الطاقة، (7) التوسع في استخدام الغاز الطبيعي، (8) برامج وسياسات حكومية تفرض التوسع في رفع كفاءة استخدام الطاقة.
واردات اليابان من النفط الخام في انخفاض تدريجي مستمر من متوسط 4.27 مليون برميل يومياً في عام 2003 إلى 3.6 مليون برميل يومياً في النصف الأول من عام 2014، وتعتبر السعودية أكبر مصدر للنفط الخام الي اليابان، تليها الإمارات المتحدة، ثم قطر، ثم الكويت، ثم روسيا، ثم إيران، ثم إندونيسيا، ثم العراق.
تحرص اليابان كذلك على تنويع مصادرها من النفط الخام، وهو أمر واضح في زيادة الواردات من خارج بلدان الخليج العربي مثل روسيا، فيتنام، الغابون، ماليزيا، وإندونيسيا وهي نفوط في مجملها نفوط خفيفة.
تقوم السعودية بتخزين ما يقارب 3.8 مليون برميل من النفط السعودي في أوكيناوا اليابانية، وقد بدأت المفاوضات مع الجانب الياباني منذ شهر أبريل من عام 2007 ، وتم إنجاز الاتفاق في يوليو 2010، وتم البدء في التخزين في الربع الأول من عام 2011 على أن يتم رفع متوسط التخزين لاحقاً، وهي تسهم بتأمين الإمدادات من النفط الخام قريبا من الأسواق المستهلكة للنفط في آسيا.