كامل عبدالله الحرمي
يتخوف العالم من أزمة نفطية ان لم تتحسن الأوضاع الأمنية في بلدان منتجة خصوصاً العراق وليبيا وهما من البلدان المنتجة البارزة. ويترقب الجميع بقلق انقطاع الإمدادات النفطية العراقية في أي وقت. وإن وقعت الكارثة النفطية العراقية، خصوصاً توقف الإنتاج المخصص للتصدير، ستلامس أسعار النفط بكل سهولة ما متوسطه 130 دولاراً للبرميل. ولن تستقر أسعار النفط إلا برجوع الهدوء والاستقرار في العراق.
ان النفط العراقي مطلوب في المديين القريب والبعيد. فهناك توقف بمقدار مليون برميل يومياً في الإمدادات النفطية الليبية وبنحو 3.3 مليون برميل يومياً من العراق، إضافة إلى توقف الصادرات النفطية أو ضعفها في اليمن وسورية ومصر. وهكذا ثمة نقص في الإمدادات النفطية بمقدار 5.4 مليون برميل يومياً أي تقريباً إجمالي الطاقة النفطية الفائضة لدى دول منظمة «أوبك».
في هذا الوقت تحديداً يكون الطلب العالمي على النفط عند أعلى مستوياته، خصوصاً في الدول النفطية الخليجية بسبب فترة الصيف حيث يصل معدل الاستهلاك إلى أكثر من 10 ملايين برميل يومياً والسبب ضغط مكيفات الهواء والبرادات على شبكات الكهرباء، كما زاد الاستهلاك في هذه البلدان إضافة إلى إيران والعراق ومصر وإندونيسيا خلال رمضان المبارك بسبب الاستهلاك الأعلى على الكهرباء.
وفي المدى البعيد تعتمد غالبية الدول الكبرى المستهلكة للنفط على زيادة العراق إنتاجه من النفط الخام ليصل إلى أكثر من ثمانية ملايين برميل يومياً بحلول عام 2018، خصوصاً ان المملكة العربية السعودية اتخذت قراراً بعدم زيادة طاقتها الإنتاجية إلى أكثر من 12 مليون برميل يومياً حتى 2030.
كل هذا يبرر الحال المربكة للدول المنتجة والمستهلكة للنفط، خصوصاً بعد قرار الشركات النفطية العالمية العاملة في حقول النفط العراقية سحب موظفيها وخبرائها حتى إشعار آخر بعد خروج مناطق شمالية عن سيطرة بغداد، فالخطوة تعني تأخيراً حقيقياً في مواصلة زيادة إنتاج النفط الخام. وهذا سيساعد في اشتعال أسعار النفط إلى معدل قد يبلغ 150 دولاراً في حال توقف التصدير العراقي مع دخول الربع الرابع من العام.
مما لا شك فيه ان إنتاج أميركا من النفط الصخري ساعد في منع حصول زيادة في سعر النفط وكذلك الأمر بالنسبة إلى تخفيف العقوبات الأميركية على الصادرات الإيرانية من النفط، وسيساعد الأمران في منع حصول قفزة في أسعار النفط في حال توقفت الصادرات العراقية. لكن العالم سيفقد أكبر مصدر رخيص للطاقة من نواح كثيرة، منها سهولة الإنتاج وانخفاض الكلفة، مقارنة بالمصادر الأخرى من الطاقة.
قد يتوقف كل هذا الإنتاج الواعد ليدخل العالم في تحد آخر وتزداد الضغوط على الدول النفطية للاستثمار في شكل متواصل لتوفير النفط في شكل مستمر ولزيادة الطاقة الإنتاجية الفائضة. لكن الضغط هذه المرة سيأتي من دول مستهلكة أخرى غير الولايات المتحدة لأن هذه الأخيرة ستواصل استثمارها في النفط الصخري ومن دون انقطاع طالما ان سعر البرميل أعلى من 90 – 100 دولار للبرميل. فعند هذا المستوى سيشعر المستثمر الأميركي بالاطمئنان إلى أنه سيحقق عائداً مالياً مناسباً ومتواصلاً طالما استمر العجز في الدول النفطية المنتجة للنفط التقليدي.
العالم سيكون عاجزاً عن وقف تصاعد أسعار النفط إذا توقفت الإمدادات العراقية من النفط الخام إلى الخارج. والحل لن يكون سهلاً إلا بزيادة البحث والتنقيب عن حقول وآبار جديدة للنفط إلى ان تستقر الأمور في العراق. وقد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً على ما يبدو.