كامل صالح
بعد 18 يوما على اعتصام المياومين وجباة الاكراء في «مؤسسة كهرباء لبنان» احتجاجا على ما يعتبرونه تلاعبا بقانون تثبيتهم في ملاك المؤسسة وفق مباراة محصورة، لا سيما تحديد عدد المراكز الشاغرة، لم يشأ وزير العمل سجعان قزي أن يضع تحركه أمس، لمعالجة ملف المياومين في خانة «الوسيط»، بل في خانة «مسؤوليته كوزير للعمل تفرض عليه رفض أي تهديد للعمال، بغض النظر عن أحقية مطالب هؤلاء أو عدم أحقيتها».
ودعا قزي المياومين خلال لقائه وفدا منهم إلى «تقييم مسيرتهم واتخاذ القرار المناسب الذي يوائم بين حقوقهم وحاجات المؤسسة الموضوعية والطبيعية»، متمنيا في الوقت نفسه، على «كل المعنيين بهذا الملف التصرف بحكمة وروية، بعيدا من المصالح الطائفية والخلافات السياسية لمصلحة هذه المؤسسة الأساسية في حياة اللبنانيين ولمصلحة المياومين الذين يستحقون التقدم إلى مباراة مجلس الخدمة المدنية».
وكشف قزي أن المدير العام لـ«مؤسسة كهرباء لبنان» كمال الحايك «أبدى استعداده للحوار مع المياومين لحل هذا الملف، بما يحفظ كرامة الجميع ومصلحة المؤسسة».
لكن ما لم يقله قزي، هو أن المياومين رفضوا السير بالملف الذي رفعته إدارة المؤسسة إلى مجلس الخدمة المدنية، والتي حددت فيه الشواغر بـ897 مركزا بدلا من 1817 مركزا شاغرا كما يطالبون، استنادا إلى ما نص عليه قانون تثبيتهم، لا سيما اعتماد الــلوائح الاسمية في حزيران 2012.
وعلمت «السفير» بأن «المياومين وافقوا على تعليق اعتصامهم فورا، مقابل سحب المؤسسة الملف من مجلس الخدمة، وسحب الدعاوى في حق زملائهم، باعتبار أن كل ما قاموا به خلال اعتصامهم هو بهدف الدفاع عن لقمة عيشهم وحقوقهم». لكن ادارة المؤسسة أصرّت على موقفها السابق، بعدم التفاوض مع المياومين إلا من مكاتبها في مقر المؤسسة المركزي في كورنيش النهر.
وساطة «العمّالي»
في هذا السياق، علمت «السفير» بأن وساطة كان قد بدأ بها «الاتحاد العمالي العام» أيضاً، بين «لجنة المياومين وجباة الاكراء» والحايك، إلا ان هذه الوساطة وصلت إلى حائط مسدود، بسبب إصرار إدارة المؤسسة على عدم سحب الملف من مجلس الخدمة المدنية.
وتنقل لـ«السفير» عن مصادر متابعة للوساطة، عن الحايك «تأكيده حرية تحرك المياومين واعتصامهم أمام المؤسسة، من دون التعرض لمستخدمي المؤسسة وعمالها، ومن دون اقفال أبوابها، لكن حين اشترط المياومون استعادة الملف، توقفت الوساطة عند هذا الحد».
على الرغم من ذلك، يؤكد مياومون وجباة لـ«السفير» أنهم «تحت سقف القانون»، وأنهم «مستعدون للتحاور بهدف التوصل إلى حل عادل لقضيتهم»، مشيرين إلى أنه «ليس في يدهم أي ورقة ضغط لتحصيل حقوقهم إلا عبر الإضراب والاعتصام».
في المقابل، وتعليقاً على ما قاله وزير العمل السابق سليم جريصاتي في وزارة الطاقة، يقول رئيس «الاتحاد الوطني لنقابات العمّال والمستخدمين» كاسترو عبد الله: «صدق القول: أعذر من أنذر. هذا إنذار جاء منا في تاريخ سابق، يوم أنذرنا من يتوعد ويطلق اليوم التهديدات للمياومين والجباة. يوم كان عليه القيام بواجبه في تطبيق القانون، وليس ترك العمال فريسة للشركات والسماسرة، يوم كان عليه الأخذ في الشكاوى المقدمة من العمال في مؤسسة الكهرباء والاتحاد الوطني، وليس الاقفال عليها في أدراجه وحجزها وحفظها لعدم الاختصاص».
ويصف عبد الله تصريح جريصاتي بتصريح «غب الطلب»، خصوصا ما تضمنه من «تهديد العمال واطلاق شعارات تثير النعرات على نسق التهديدات الداعشية الجديدة»، مؤكدا أن «هذا التهديد برسم القضاء وعليه التحرك حفاظا على السلم الأهلي».
طلب إخلاء المبنى
وبينما يستمر المياومون والجباة في اعتصامهم، حتى تنفيذ ما تضمنه قانون تثبيتهم في ملاك المؤسسة من دون التلاعب بعدد الشواغر، اعتبرت «مؤسسة كهرباء لبنان» إثر اجتماع عقده مجلس إدارتها مساء الاثنين في معمل الذوق الحراري، «مبنى المؤسسة الرئيسي في كورنيش النهر، ودوائر المؤسسة التي تواجه الوضع نفسه، بصفة محتلة»، طالبة من المديريات والوحدات كافة العاملة في المؤسسة «إخلاء المبنى المركزي فورا من المستخدمين الذين تمكنوا شخصيا وبشكل غير طبيعي من الدخول إليه حفاظا على أمنهم وسلامتهم الشخصية»، كما طالبت «القوى الأمنية باستلام الأمن في المبنى المركزي، والحفاظ على موجوداته كافة من أموال عامة وفواتير ومستندات ومواد ومعدات في المخازن».
كذلك طالبت «المستخدمين وعمال مؤسسة لينا متى للتعهدات والتجارة العامة الذين يعملون في المبنى المركزي، بالالتحاق بأقرب مركز كل وفق مديريته وبالتنسيق مع المدير المعني».
أما «نقابة عمال ومستخدمي المؤسسة» فأوضحت بعد اجتماع عقدته أمس، أنها «ارتأت اعطاء مهلة لمجلس الوزراء لحل هذه المعضلة، وإلا فانها تجد نفسها مضطرة لعقد اجتماع طارئ نهار الجمعة، واعلان خطوات لاحقة ومنها الإضراب للأسباب الآتية منها: دفع الرواتب وملحقاتها، وترفيع ملاك المؤسسة من الفئات الخامسة وما فوق انطلاقا من قانون تثبيت المياومين وجباة الاكراء».