نعمت أبو الصوف
لقد أدى ارتفاع الإمدادات من موارد الصخر الزيتي إلى ظهور فائض من المكثفات النفطية والنفثا في الأسواق الأمريكية، حيث تسعى شركات التكرير إلى إيجاد منافذ تصديرية لها، ذلك أن نمو الطلب المحلي على هذه المنتجات محدود. بالطبع سوف تكون آسيا السوق الرئيس لها، مع توغل بعض شحنات المكثفات النفطية والنفثا بالفعل إلى هذه الأسواق. ويعتقد المحللون أن هذا الاتجاه سينمو في السنوات المقبلة.
لكن، ظهرت خلال الأسابيع الماضية بعض العقبات، مع قيام وزارة التجارة الأمريكية بتعليق العديد من طلبات الشركات للحصول على موافقات تصدير المكثفات النفطية، من شأن هذا الإجراء أن يبطئ من تدفق المكثفات إلى المنافذ التصديرية على المدى القريب. في وقت سابق قالت وزارة التجارة الأمريكية، إن إنتاج المكثفات النفطية من خلال وحدات التركيز البسيطة بدلا من مصافي المكثفات النفطية Condensate Splitter أو أبراج التقطير يجعل من هذه المكثفات منتجات مكررة يسمح بتصديرها. بالفعل سمحت وزارة التجارة الأمريكية، من خلال مكتب الصناعة والحماية لشركتين بتصدير كميات من المكثفات المركزة من حقل الصخر الزيتي النسر فورد Eagle Ford في تكساس، كما أشرت في مقال سابق.
بالفعل اشترت بعض المصافي الآسيوية شحنتين من المكثفات النفطية من الولايات المتحدة، حيث اشترى مصفى كالتكس في كوريا الجنوبية نحو 300 إلى 400 ألف برميل، واشترى مصفى كوزمو الياباني نحو 300 ألف برميل من المتوقع أن تصل في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
عادة ما تشتري المصافي الآسيوية المكثفات من المنتجين في الشرق الأوسط، لكن الشحنات المقبلة من الولايات المتحدة يتم تسعيرها بأسعار أرخص نسبيا، نحو ثلاثة دولارات للبرميل أقل من المكثفات القادمة من الشرق الأوسط، مما يسمح لها باختراق الأسواق الآسيوية. في هذا الجانب يتوقع المحللون في مصرف باركليز تقلص الفجوة بين نفط بحر الشمال مزيج برنت وخام غرب تكساس الوسيط نايمكس من ثمانية دولارات للبرميل هذا العام إلى ستة دولارات للبرميل في عام 2015، يعود السبب في ذلك جزئيا إلى قيام الولايات المتحدة بالسماح بتصدير المكثفات النفطية، الذي بدوره يعمل على تقليل فائض السوائل الخفيفة جدا في الأسواق الأمريكية. نظرا للحساسية السياسية للسماح بتصدير النفط الخام من الولايات المتحدة، فإن قرارات وزارة التجارة ستكون دائما عرضة للتدقيق والمراجعة. لكن المحللين يتوقعون أن تتخذ حكومة الولايات المتحدة في نهاية المطاف نهجا أكثر مرونة في التعامل مع صادرات المكثفات النفطية نظرا لقلة الطلب من قبل شركات التكرير المحلية التي تتطلع أكثر إلى معالجة النفط الخام الثقيل. تجدر الإشارة هنا إلى أن طاقات تركيز المكثفات في الولايات المتحدة حاليا لا تتجاوز 200 ألف برميل، لكن إنتاج المكثفات يبلغ في الوقت الحاضر نحو 1.2 مليون برميل في اليوم، ومن المتوقع أن يصل إلى 1.9 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2020. هذا المعدل في نمو إنتاج المكثفات النفطية يوحي بأن الحكومة الأمريكية لا بد أن تسمح أيضا ببيع المكثفات غير المركزة خارج الولايات المتحدة، خلاف ذلك ستواجه وفرة في الأسواق المحلية، التي من شأنها أن تحد من نمو الإنتاج. يتوقع المحللون أن تدفق شحنات المكثفات من الولايات المتحدة إلى آسيا سيكون جزءا من الاتجاه العام على المدى الطويل، ولا سيما أن إنتاج المكثفات من منطقة الشرق الأوسط من المتوقع أن يستقر في السنوات المقبلة، حيث إن الطاقات الإنتاجية الآسيوية الجديدة لوحدات التجزئة بلغت في العام الماضي 450 ألف برميل في اليوم، هذه الطاقات تعمل على تجزئة المكثفات أكثر لاستخدامها في صناعة البتروكيماويات. إن إزالة المكثفات النفطية من النفوط الخام المحلية يمكن أن يكون ذا فائدة لمصافي التكرير، حيث إن المكثفات تخفف مزيج اللقيم. بالطبع بإمكان المصافي استيعاب كميات أكبر من المكثفات عن طريق خفض الإنتاجية، لكن معدلات التشغيل الحالية فوق 93 في المائة يشير إلى أن قطاع التكرير لا يرغب في خفض الإنتاجية.
إن ارتفاع إنتاج النفط الخفيف والمكثفات في الولايات المتحدة سيؤدي أيضا إلى نمو حاد في معروض المنتجات الخفيفة مثل البنزين والنفثا، التي مثل المكثفات يمكن تصديرها أيضا. في هذا الجانب، تشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن الولايات المتحدة سيكون لديها فائض من البنزين والمكثفات يبلغ 1.3 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2019. كميات البنزين الفائضة من المحتمل أن تصدر إلى أمريكا اللاتينية وغرب إفريقيا، ولكن النفثا مثل المكثفات سيتم شحنها إلى آسيا لتغذية قطاع البتروكيماويات النامي. وتشير توقعات وكالة الطاقة الدولية أيضا إلى أن عجز وقود البنزين في آسيا سيرتفع بصورة كبيرة من 974 ألف برميل في اليوم في عام 2013 إلى 1.5 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2019، مما يعزز الحاجة إلى زيادة الواردات.
في الوقت الراهن، صادرات النفثا من الولايات المتحدة إلى آسيا للاستخدامات البتروكيماوية لا تزال صغيرة جدا، على سبيل المثال، في شباط (فبراير) الماضي بلغت شحنات النفثا إلى الصين 11 ألف برميل في اليوم فقط وإلى كوريا الجنوبية ستة آلاف برميل في اليوم. قبل ذلك، المرة الأخيرة التي صدرت فيها الولايات المتحدة النفثا للاستخدام لأغراض البتروكيماويات كان في نهاية عام 1990.