تفيد معطيات توافرت لـ«السفير» بأن «وضع التيار الكهربائي في بيروت والمناطق حالياً، دخل في مرحلة شديدة الخطورة، إذ من جهة هناك الأزمة البنيوية التقليدية لوضع انتاج المعامل لا سيما معملي الذوق والجية، والهدر على الشبكات، ومن جهة أخرى وضع الإدارة وكيفية تعاطيها مع مطالب موظفيها ومستخدميها عموما، ومطالب المياومين وجباة الاكراء الذي يعملون لمصلحتها خصوصاً».
يلحظ في هذا الخصوص أن «معملي الذوق والجية باتا يعتمدان اعتمادا أساسيا على الباخرتين التركيتين لانتاج الطاقة، بعدما كانت الغاية منهما مساعدة المعملين موقتا ريثما يتم ترميمهما وتجهيزهما بالمعدات اللازمة لزيادة الانتاج، وبناء معملين جديدين إلى جانبهما».
وإذ لا تستبعد مصادر متابعة لملف الكهرباء أن يكون «تفاقم التقنين حالياً مفتعلا، بهدف الإيحاء أن المشكلة تكمن في اعتصام المياومين والجباة الذي دخل يومه التاسع عشر أمس»، تفيد إدارة «مؤسسة كهرباء لبنان» في بيان أمس، بأن «مهندسين من مديرية النقل في المؤسسة توجّهوا اليوم (أمس) إلى المبنى المركزي بغية الاستحصال على الزيوت والعلب وسائر المعدات اللازمة لتصليح الأعطال الطارئة على الشبكة، لا سيما كابلي التوتر العالي 66 ك.ف. بسطا – أونسكو، وبسطا – مطار، فلم يتمكنوا من الدخول بسبب اقفال البوابات بالسلاسل المعدنية والدواليب المكدّسة خلفها بكثافة، وعدم وجود أحد من المعتصمين للتواصل معه حول إمكانية الدخول». وتجدد المؤسسة «اعتذارها من المواطنين في المناطق التي توجد فيها هذه الأعطال، والتي تعاني من تقنين مضاعف بالتيار الكهربائي، لتعذر انجاز التصليحات لأسباب خارجة عن إرادتها، وذلك بانتظار انتهاء الوضع الشاذ القائم في المؤسسة، ووضع حد له من قبل الجهات المعنية».
غرفة التحكم
لكن مصادر «لجنة المياومين وجباة الاكراء في مؤسسة كهرباء لبنان» تؤكد لـ«السفير» أنه على «الرغم من اعتصامنا في مبنى المؤسسة المركزي في كورنيش النهر، إلا اننا نقدم كل التسهيلات لموظفي التنسيق والعمليات لإصلاح الأعطال التي تطرأ»، كاشفة أن «الاعتصام لم يشمل هؤلاء الموظفين، بل ان المياومين يقومون بمساعدتهم وتسهيل عملهم».
في الوقت نفسه، تبدي هذه المصادر استغرابها من «عدم تشغيل غرفة التحكم في حركة الطاقة البديلة في محطة الحرج، والتي بلغت كلفة تجهيزها حوالي 80 مليون دولار»، كاشفة أن «موظفي إدارة حركة الطاقة بدلا من العمل في الحرج، طلبت منهم إدارة الكهرباء الانتقال إلى محطة الجمهور غير المجهزة بالمعدات اللازمة، بينما طلبت من بقية الموظفين الذهاب إلى الحرج للتوقيع على جداول الحضور».
أين الـ850 مليون دولار؟
أمام تفاقم التقنين في الأيام الأخيرة الذي بلغ ذروته في بيروت والمناطق، يؤكد النائب عمّار حوري أنه «لم تعد مقبولة الحجج التي تحاول أن تبرر التدهور الخطير في مستوى تغذية بيروت بالتيار الكهربائي»، سائلا «أين وعود الـ24 على 24 ساعة، والمحاضرات والمطولات حول وعود تحسين التغذية بالتيار؟ وأين الـ850 مليون دولار التي أقرها المجلس النيابي للكهرباء؟ ومن يعوض على الناس إتلاف ممتلكاتهم الكهربائية؟ ومن يمنع ورش الصيانة من عملها؟»، مشيرا إلى أن هذه الأسئلة «لن تنتظر بيروت الكثير قبل الإجابة عنها وحلها، وسيبنى على الشيء مقتضاه».
الاعتصام مستمر
عودةً إلى الاعتصام، يؤكد مياومون لـ«السفير» أنهم «ماضون في اعتصامهم حتى يعدّل مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان عدد المراكز الشاغرة في ملاك المؤسسة التي أرسلها إلى مجلس الخدمة المدنية، ويسحب مذكرات التوقيف في حق مياومين اعتصموا بهدف الدفاع عن لقمة عيشهم وحقوقهم»، مؤكدين أنه «على الرغم من الضغوط التي يتعرضون لها، لن يساوموا على أي بند نص عليه قانون تثبيتهم في ملاك المؤسسة وفق مباراة محصورة، فالمراكز الشاغرة في ملاك المؤسسة هي 1817 مركزا اعتمادا على اللوائح الاسمية في حزيران 2012، وليست 897 مركزا كما حددت ذلك المؤسسة في ملفها الذي رفعته إلى مجلس الخدمة».
في هذا الجانب، توضح مصادر قانونية متابعة لملف المياومين لـ«السفير» أن «القانون الذي أقرّه مجلس النواب في نيسان الماضي، المعني الأول في تفسيره هو مجلس النواب نفسه، وليس مستشار وزير من هنا، ومستشار مدير مؤسسة من هناك»، مطالبة «بتشكيل لجنة نيابية عاجلة لتفسير بنود القانون، وبت هذا الموضوع لاعطاء كل صاحب حق حقه».
من جهة ثانية، أكد رئيس «تجمع شباب الغد صور» اياد علي الخليل في بيان، أن «الكلام الصادر عن وزير العمل السابق سليم جريصاتي بحق أصحاب الحقوق من المياومين وجباة الاكراء، مدان بشدة ومستهجن، خصوصا أنه صادر عن رجل قانون، وقاض عضو في المجلس الدستوري سابقا». وإذ اعتبر أن كلام جريصاتي «أقرب إلى الكلام التحريضي»، رأى أنه «تهديد واضح للمياومين، ويشتم من ورائه رائحة كريهة للفتنة والمذهبية».