كتب طوني أبي نجم
فجأة تمّ توزيع صورة لعدد من الشبّان يحرقون علم “داعش” في ساحة ساسين.
لم يرهم أحد، ولم يعرف أحد متى؟ وكيف؟
المهم أن طرابلس اشتعلت لأن علم “داعش” عليه أهم شعار إسلامي وهو شعار التوحيد: “لا إله إلا الله”. اشتعلت طرابلس. حاولت بعض الجهات جرّ شبّان الى إحراق صلبان في عاصمة الشمال لتنطلق الشرارة!
حاول وزير العدل اللواء أشرف ريفي أن يضرب الفتنة في مهدها. فطلب توقيف كل من يسعى للمسّ بأي صليب في طرابلس وطلب من النيابة العامة التمييزية التحقيق في إحراق علم “داعش” الذي يحمل شعار “لا إله إلا الله” باعتباره مسّا بأهم شعار ديني إسلامي، مع تأكيده على أن “داعش” إرهابية.
ولكن، وكما يُقال، “الجمل بنيّة والجمّال بنيّة”. ونيّة من وزّع الصورة واضحة. بسرعة البرق توكل أمين سرّ تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ابراهيم كنعان عن الشبّان الذين أحرقوا العلم، مع ان احداً لم يطلبهم بعد ومع أن المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمّود لم يكن كلف بعد أي جهة بدء التحقيقات!
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في حملة محضّرة ومبرمجة، والمطلوب واضح: تخفيف الضغط عن “حزب الله” في ظل الاحتقان السني- الشيعي ونقل الفتنة الى الساحة السنية- المسيحية!
أصبح أشرف ريفي الذي يعتبر أن “داعش” و”حزب الله” وجهان لعملة واحدة داعماً لـ”داعش”!
وهل ريفي الذي أصدر بياناً رفض فيه قرار رئيس بلدية طرابلس نادر الغزال حول منع الإشهار بالإفطار خلال رمضان يؤيد “داعش”؟
وهل ريفي الذي أضاء شجرة الميلاد مع مطارنة طرابلس داعم لـ”داعش”؟
في الواقع أن أشرف ريفي هو مصدر الإزعاج الأول لـ”حزب الله” الذي قد يكون نصب فخ إحراق علم “داعش” بلعبة استخباراتية محكمة بعدما تبيّن أن الصورة الموزعّة عن إحراق العلم قديمة ويعود تاريخها الفعلي لأسابيع مضت وليست أبدا بتاريخ السبت 30 آب 2014، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الجهة التي تقف وراء العملية الكاملة من إحراق العلم المطبوع على ورق بتاريخ مجهول ومن ثم توزيع الصورة من مصدر مجهول وبشكل مشبوه صباح السبت من أجل أهداف محددة.
ومن الأسئلة اللافتة حول توقيت توزيع الصورة ما يتعلّق بموضوع المفاوضات حول إطلاق العسكريين المحتجزين لدى “داعش” و”جبهة النصرة”. فهل من وزّع الصورة يسعى الى ردّ فعل من “داعش” يؤدي لا سمح الله الى إعدام العسكريين كردّ فعل وبالتالي يورطون الجيش مجددا في معركة انتقامية للعسكريين من “داعش” في جرود عرسال، ليكمل الجيش بالتالي ما رفض أن ينجزه في المرحلة الأولى من معركة عرسال، وهو ما تخوّف منه قائد الجيش العماد جان قهوجي حين سأل “هل كان يريد البعض من الجيش أن يدمّر عرسال على أهلها؟”
هل يسعى “حزب الله” بهذه اللعبة الاستخباراتية السخيفة الى أن يفرض على الجيش معركة “إنهاء” عرسال ببحر من الدماء تبدأ بدماء العسكريين المختطفين؟ وهل في المقابل سيبقى الشارع المسيحي أسير عواطف غبية على الطريقة العونية؟ وهل ستبقى بعض الأجهزة المخابراتية أسيرة مخططات “حزب الله” لجرّ البلد الى الفتنة؟
الأسئلة كلها مشروعة، ولعل اللعبة الاستخباراتية المحكمة أرادت من حادثة إحراق أولاد لعلم “داعش” على ساحة ساسين في الأشرفية ان تكون كمثل حادثة “لعبة الكلّة” بين الأولاد في العام 1840 التي نتداولها من تاريخنا والتي كانت الشرارة التي أشعلت الفتنة الأولى في الجبل يومها…
عندما تطلّ الفتنة برأسها ابحثوا دائما عن “حزب الله” وعن بعض الأجهزة الأمنية التي لا تزال تنفذ له المخططات التي يرسمها…