IMLebanon

عرب 48 يدفعون ثمناً اقتصادياً لتعاطفهم مع غزة

Haifamarket

بدا سوق وادي النسناس في مدينة حيفا شبه خال السبت من المتسوقين اليهود الذين يعج بهم عادة بالزوار ردا على مقاطعة المتاجر العربية بسبب موقف عرب 1948 من الحرب على غزة.

ووادي النسناس هو السوق العربي الوحيد الذي تبقى في حيفا القديمة ويرتاده اليهود للتسوق والتنزه في المطاعم والمقاهي العربية وشراء حاجياتهم خصوصا أن عطلتهم الدينية تقع السبت.

وتأثر العرب في مطاعمهم في الحي الألماني وفي شارع اللنبي القريب من الوادي بهذه المقاطعة.
وقال وليم رحيل (51 عاما) صاحب محل “ماما بيتا” الذي يقدم فطائر الجبنة ومناقيش بالزعتر والفليفلة “تأثرت بالمقاطعة اليهودية بنسبة مئة بالمئة. لقد حرضوا علي على فيسبوك وتهجموا علي وقالوا ماما بيتا مع حماس”.

وتابع لوكالة فرانس برس ان أحد تعليقاتهم يقول “سيأتي جيش الدفاع لتفجير المحل ويرد آخر يجب أن نفجر المحل (…) تلقيت مكالمات شتائم وتقدمت بشكوى للشرطة”

تبرعات إلى غزة
وأوضح “وضعت صاحبة المحل سلما في الخارج عليه كوفيات وكتبت إنها تجمع تبرعات أدوية لأطفال غزة. وعندما مر أحد متطرفي اليمين صور إعلان التبرع وقال إن محلي يجمع تبرعات لحماس وبدأت حملة المقاطعة ضدي”.

وقال إن “هذا الإعلان لا يتضارب مع موقفي كعربي وهو قانوني لقد جاءت الشرطة ولم تفعل شيئا”.
وتابع “مع أنني أوضحت أنني لم أضع هذا الإعلان إلا أن الحملة انتشرت مثل النار في الهشيم ضدي. كنت أزود مستشفيات، الكرمل وروتشيلد ورمبام ومؤسسات أخرى بالفطائر والآن توقفوا عن طلبها. تحسن الوضع قليلا عندما آزرني العرب في عيد الفطر لكن المقاطعة كبيرة وبلغت أكثر من 70%”.

ويعتمد العرب في مدن حيفا وعكا والناصرة والبلدات العربية القريبة من المدن الإسرائيلية بنسبة كبيرة على تسوق اليهود يوم السبت.

والعرب الإسرائيليون مواطنون يحملون الجنسية الإسرائيلية وتبلغ نسبة الفقر بينهم 50%. ويصل عددهم الى 1،4 مليون شخص يشكلون 20 بالمئة من سكان إسرائيل وهم يتحدرون من نحو 160 ألف فلسطيني بقوا في أراضيهم بعيد إعلان إسرائيل في 1948.

ويقول فوزي هنادي صاحب مطعم ومسمكة في وادي النسناس وهو يدخن سيجارته ويشرب قهوة على إحدى طاولاته الخالية من الزبائن “تأثر الناس والزبائن من الحرب وانخفض الشغل في هذين الشهرين أكثر من 50%”.
الزبائن يحجمون
ويضيف لفرانس برس “لم نتأثر من عدم قدوم الزبائن اليهود فقط بل أيضا من عدم وجود سياحة”، مشيرا الى أن “سوق السبت يعوض عن ركود أيام الأسبوع”.
ويتابع هنادي “أعتقد أن اليهود غاضبون لكن لن يلبثوا أن يعودوا الى أسواقنا لأنهم لن يجدوا أطيب من أكلنا. ولن تلبث المقاطعة التي يطالب بها ليبرمان أن تذهب أدراج الرياح بعد الحرب، وهذا ما نأمله”.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان طالب بمقاطعة العرب في إسرائيل والامتناع عن شراء بضائعهم عقابا لهم لأنهم أضربوا يوما واحدا تضامنا مع غزة.

وتساءل فوزي هنادي “إذا قاطعنا اليهود فأين العرب في حيفا؟ لماذا لا يأتون الى الوادي. إنهم يشترون بضائعهم من المحلات التجارية الضخمة وخضرواتهم ولحومهم من سوق تل بيوت في حيفا”.

وفي السوق تفترش أم محمد بسطتها على الأرض لتبيع الصبر والميرمية وورق الغار والريحان. وتقول “أنا أحضر كل يوم سبت لأبيع للعرب واليهود. لكن اليهود يشترون أكثر خصوصا الأعشاب البرية ولم يعد يحضر منهم سوى أفراد بعدد أصابع اليد”.

مقاطعة يهودية
وقال عضو الكنيست الدكتور في الاقتصاد باسل غطاس إن “مناطق المثلث مثل الطيبة وام الفحم وباقة الغربية وغيرها تأثرت بالمقاطعة اليهودية بنسبة 90%”.

وتساءل “لا نعرف إذا كنا أمام مقاطعة واعية تريد معاقبتنا لوقوفنا العاطفي والسياسي لدعم الناس في غزة أم هو خوف وهل سيعود اليهود الى التسوق من عند العرب أم لا. أنا لست متأكدا”.

وأضاف “نحن مجتمع استهلاكي نصرف ما قيمته أربعة ملايين شاقل شهريا في الأسواق الإسرائيلية أي نحو 14 مليون دولار سنويا. علينا أن نستغل كيف تتحول أزمة المقاطعة الى فرصة والتفكير بخطوات عملية للسير بالاقتصاد العربي حتى يصبح أكثر مقدرة على مواجهة الظروف الصعبة”.

ودعا الى السعي لطلب استثمارات أجنبية لدى العرب في إسرائيل مباشرة من دول الخليج. وقال “نحتاج من أجل تأسيس قاعدة اقتصادية، لما بين 10 الى 15 مليار دولار”.

أما مدير أبحاث معهد يافا في مدينة الناصرة الدكتور عاصي الاطرش فقال لفرانس برس: “حتى الآن لا توجد أي أرقام أو معطيات بحجم الخسائر التي تكبدها العرب نتيجة الدعوات لمقاطعة العرب ولا يوجد عندنا أصلا حجم المبيعات السابقة لليهود أيام السبت لا توجد عند أحد”.

وشدد “نحن لا يوجد عندنا اقتصاد. عندنا نشاط وفعاليات اقتصادية نحن تابعون للاقتصاد الإسرائيلي ولا يوجد لدينا ناتج قومي ولا أدوات لعمل ناتج قومي”.

وقال “في الحرب عادة الناس لا تشتري وتخاف ولا أعرف إذ كان انخفاض البيع عند العرب بسبب التحريضات على المقاطعة أو بتأثير الحرب نفسها”.

وأكد “أنه ليس بإمكاننا مقاطعة البضائع الإسرائيلية لأن كل بضائعنا إسرائيلية ولا يوجد عندنا اقتصاد بديل”.