Site icon IMLebanon

أزمة الكهرباء: تصاعد النقمة الشعبية


فراس أبو مصلح

تصاعدت في الأيام القليلة الماضية الاحتجاجات الشعبية على زيادة التقنين الكهربائي نتيجة تراكم أعطال الشبكة، فيما تستمر سيطرة عمال «الكهرباء» (المياومين السابقين) على المركز الرئيسي للمؤسسة والعديد من دوائرها في المناطق وتعطيلها بإقفالها في وجه الموظفين والمواطنين. تتمسك إدارة مؤسسة كهرباء لبنان بإعلانها «رفع مسؤوليتها» عن تداعيات استمرار احتلال مبانيها، بعد عدم الاستجابة لطلباتها المتكررة من النيابة العامة والقوى الأمنية بـ«إنهاء الوضع الشاذ» القائم في مراكزها.

ترفض الإدارة بإصرار جميع المبادرات التي تطرح «تعاون» المياومين لتمكين المؤسسة من إصلاح أعطال شبكة التوتر العالي التي باتت تسبب معاناة متزايدة لأحياء واسعة من العاصمة بيروت، وتهدد مطارها بانقطاع التيار؛ تقول الإدارة بوضوح: على أي مبادرة لحل الأزمة أن تبدأ باستعادة السيطرة على مركزها الرئيسي ودوائرها.
العديد من أهالي مناطق البسطة والنويري والضناوي والمصيطبة ومار الياس والبطريركية ورأس النبع وبشارة الخوري و«الرينغ» وزقاق البلاط، لم يثنهم الوضع الأمني والسياسي المتأزم عن قطع الطرقات ليلتي الجمعة والسبت الفائتتين، احتجاجاً على انقطاع الكهرباء لساعات طوال، والمعاناة الناتجة من ذلك، والتي يفاقمها شبه انعدام المولدات الكهربائية في معظم هذه المناطق، حيث استمر قطع الطرقات في بعضها حتى ساعات الفجر الأولى من يوم السبت، الذي شهد بدوره قطع عدد من أبناء باب التبانة في طرابلس لشارع سوريا والأوتوستراد الدولي، احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي أيضاً. كذلك شهد منتصف ليل يوم أمس قيام عدد من الشبان بقطع شارع الحمرا الرئيسي بافتراش أرضه، للسبب نفسه.
فتح المياومون السابقون يوم أول من أمس البوابة البحرية للمركز الرئيسي لمؤسسة كهرباء لبنان، بهدف تسليم المعدات اللازمة لتصليح عطل محطة الاونيسكو (التي تغذي القسم الاكبر من مدينة بيروت) لفريق من موظفي المؤسسة، وذلك بناءً على طلب من رئيس لجنة الأشغال والطاقة والمياه النائب محمد قباني، الذي أرسل مندوباً عنه لمواكبة العملية التي لم تحصل، إذ لم يحضر أي فريق من المؤسسة. كانت الأخيرة قد حسمت موقفها بعدم التجاوب مع مبادرات «مجتزأة» لا تسمح بمعاودة العمل طبيعياً في المؤسسة، مجددة دعوتها القوى الأمنية والمراجع القضائية الى «تطبيق القوانين وإزالة الاحتلال القائم فيها، تأميناً لحسن سير المرفق العام، وتأميناً لتغذية مستقرة بالتيار الكهربائي»، وذلك بحسب بيان أصدرته يوم أمس، قدمت فيه «اعتذارها من المواطنين لعدم تمكنها من خدمتهم بشكل كامل وسليم، في ظل الوضع الشاذ القائم فيها»، مذكرة بقرارها «وضع المبنى المركزي في عهدة القوى الأمنية بجميع محتوياته من أموال عامة وفواتير ومستندات ومواد ومعدات في المخازن»، والذي جعلها بالتالي «غير مسؤولة عن المبنى، لحين إزالة الوضع الشاذ القائم فيها وإعادة الأمور الى طبيعتها».
أكدت المؤسسة في بيانها أن العمل فيها «لا يمكن ان ينتظم من خلال الدخول الانتقائي إلى المبنى المركزي، وبإذن مسبق من أشخاص يقومون باحتلاله، بما يذكر بأيام الحرب البغيضة ونصب الحواجز». وضع البيان مساعي الوساطات لحل الأزمة القائمة أمام خيارات واضحة، «فإما أن تُفتح جميع الأبواب ويتأمن الدخول والخروج للمواطنين ولمجلس الإدارة ولجميع الموظفين، بكرامتهم وبطريقة طبيعية، ليقوموا بواجباتهم بصورة كاملة وسليمة، أو لا قيمة لدخول مجتزأ وانتقائي لا يحفظ كرامة الموظفين من جهة، ولا يؤدي الى خدمة المواطنين بصورة سليمة من جهة أخرى». وحذرت المؤسسة من تفاقم تداعيات استمرار الوضع القائم، على صعيد تزايد الأعطال وانخفاض ساعات التغذية بالتيار الكهربائي «أكثر فأكثر إذا لم تعمد المراجع المعنية إلى وضع حد لاحتلال المرفق العام الحيوي».
بالمقابل، قال المياومون السابقون في بيان إنهم «يقومون بتصليح كل الاعطال (على شبكتَي التوتر المتوسط والمنخفض)، وانهم مستعدون لتصليح خطوط التوتر العالي، علماً انها ليست من اختصاصهم». تحميل إدارة المؤسسة للمياومين السابقين لمشكلة زيادة تقنين الكهرباء وأعطال الشبكة هو «حجة واهية للهروب من الفشل الذريع والسياسات الخاطئة المتبعة في ادارة القطاع منذ ما يقارب عقداً من الزمن»، بحسب البيان الذي أكد أن «لا علاقة للعمال المياومين بمعامل الإنتاج وعملية التغذية (بالتيار الكهربائي)»، ودعا مديرية النقل في المؤسسة لتسلّم البضائع اللازمة لتصليح عطل محطة الأونيسكو.
بعد فشل وساطته، صرّح قباني يوم أمس بأن «بعض المسؤولين عن الصيانة (أبلغوه) أنهم على استعداد للقيام بالصيانة المطلوبة، لكن مجلس إدارة المؤسسة يمنعهم من ذلك». وفي السياق، يعقد رئيس مجلس الوزراء تمام سلام اجتماعات مع عدد من المعنيين بحل الازمة، وسط تهديدات بتحرّكات تصعيدية من قبل نواب وفعاليات الأحياء في بيروت.