Site icon IMLebanon

أوقفوا شرّ الفتنة عن لبنان قبل فوات الأوان! (بقلم رولا حداد)

 

 

ما يجري في لبنان ليس أمراً عابراً أو أزمة نجتازها بسهولة.

ما يجري في لبنان في هذه المرحلة هو من الخطورة بمكان بحيث يمكن أن يشعل البلد بما فيه.

لا يتعلق الموضوع بالإرهاب، وكل ما يتّصل بـ”داعش” وأخواتها. والموضوع لا يتعلّق بسلاح “حزب الله”. والموضوع لا يتعلّق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية ولا بالانتخابات النيابية…

الموضوع يتعلّق بمبدأ وجود الدولة في لبنان وما إذا كان اللبنانيون بكل أطيافهم يريدون الدولة اللبنانية أم استعاضوا عنها بدويلاتهم، أم أن طرفاً لبنانياً يريد دولة يهيمن عليها ويسيّرها وفق مصالح دويلته.

كنّا نعاني من سلاح “حزب الله” غير الشرعي. صرنا نعاني من “داعش” واخواتها والسلاح المتفلت بين المتشددين في الطائفة السنية. وبالأمس أطل علينا رئيس مجلس النواب نبيه برّي ليدعونا الى تعميم “المقاومة” الى جانب الجيش، ما يعني عمليا تعميم منطق التسلّح والسلاح خارج الجيش والقوى الشرعية!

وهنا لا بدّ من سلسلة أسئلة كي لا نسيء الفهم:

ـ ما المقصود بتعميم فكرة المقاومة الى جانب الجيش عوض الدعوة الى الالتحاق بالجيش والمؤسسات الأمنية الشرعية؟

ـ وهل المطلوب تعميم ثقافة “المقاومة” بمعنى إطلاق النار عشوائياً في العاصمة بيروت وعدد من المناطق كلما أطل رئيس المجلس أو السيد حسن نصرالله؟!

ـ هل ثمة دعوة مبطنة في كلام دولته الى تأسيس ميليشيات جديدة على مساحة لبنان على حساب الأجهزة الرسمية أم المطلوب هو حلّ الميليشيات الباقية لمصلحة الأجهزة العسكرية والأمنية الرسمية؟

ـ وكيف يمكن تفسير دعوته الى تجنّد جميع اللبنانين لمحاربة الإرهاب؟ وهل تشمل الدعوة إرهاب الإغتيالات التي طالت الرئيس الشهيد رفيق الحريري وجميع شهداء “ثورة الأرز”؟ وهل تشمل الدعوة إرهاب 7 أيار؟ أو حتى إرهاب النظام السوري الذي خلق “داعش” لتبرير بقائه؟

ـ وماذا يعني الكلام في هذا التوقيت تحديدا حيث البلد “على كف عفريت” ويشبه برميل بارود؟

لا حلّ ولا خلاص للجميع وللبنان إلا بالعودة الى منطق الدولة وحدها دون سواها، ولبنان في مرحلة مخاض المنطقة مهدد فعليا كما بقية دول المنطقة، وكل العنتريات والعناد على انتماءات الى دولة ولاية من هنا ودولة خلافة من هناك ستؤدي بلبنان الى الخراب.

من غير المقبول أن يتعنّت الوكيل الشرعي العام للسيد علي خامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك بالتأكيد أن “ولاية الفيقة سرّ وجودنا وحياتنا ولن نزيح عنها”، وطبعاً لست أناقش الجانب الديني من الموضوع بل الانعكاس السياسي لهذه التبعية على لبنان. وهذه التبعية تأتي أولا على حساب الانتماء الى لبنان ومصالحه وتذكرنا بقول السيد حسن نصرالله شخصياً إنه يفتخر بكونه جندياً في جيش الولي الفقيه!

ومن غير المقبول أيضا أن يبايع أي لبناني أبو بكر البغدادي أو غيره وهذا يستوجب على الأقل سحب الجنسية من كل من يوالي أي دولة غير لبنان، سواء كانت دولة دينية أم غير دينية، وتحديدا حين تكون هذه الدولة تسعى الى الإطاحة بالدولة اللبنانية والانقلاب عليها. لذلك فإن كل الدعوات لمبايعة البغدادي أو الانشقاق عن الجيش اللبناني تشكل خيانة موصوفة.

إن لبنان اليوم بأمس الحاجة الى التفاف جميع أبنائه حول دولته لتجنّب الكوارث التي تعصف بالمنطقة، كما أن الانجرار وراء العصبيات الطائفية والمذهبية، وخلف الكثير من الإشاعات وألاعيب الأجهزة المعروفة سيودي بالبلد الى فتنة تحرق الأخضر واليابس وتؤدي الى تدمير الهيكل اللبناني على رؤوسنا جميعنا. وصدقوني عندها لن ينفع أي ندم لأنه سيكون فات الأوان!