فيليكس سالمون
إنه موسم الاندماج في وادي السيليكون، الدليل هو أنه قد تم إجراء صفقات تكنولوجيا بقيمة أكثر من 100 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام وحده، وذلك وفقاً لشركة ميرجرماركيت. ومن المحتمل أن تكون الأرقام أكبر في النصف الثاني. وسوف تشمل حصيلة نهاية العام استحواذ شركة فيسبوك على تطبيق الواتس آب مقابل 19 مليار دولار، وشراء شركة أوراكل لأنظمة مايكروس مقابل 5.3 مليار دولار، والدخول القوي لشركة أبل، الخجولة من الصفقات في العادة، التي وافقت على شراء الشركة الصانعة لسماعات الرأس “بيتس” بمبلغ ثلاثة مليارات دولار.
وسط كل هذا، عنصر واحد مفقود: المصرفيون، حيث تستخدم المصارف الاستثمارية لكسب رسوم كبيرة، عندما يمتص عملاؤها من الشركات شركات أخرى، ولكن يتم استكمال العديد من الصفقات الكبرى دون استخدام المشتري لأي بنك استثماري على الإطلاق.
هذه أخبار تثلج الصدر بالنسبة لنا جميعاً، نحن الذين نعتقد أن شركات الخدمات المالية عموماً، والمصارف الاستثمارية على وجه الخصوص، كبيرة فوق الحد ومهمة فوق الحد. لم يعد يجري النظر إلى المصرفي الاستثماري على أنه أفضل طريق يمكن أن يسلكه الشباب والخريجون الموهوبون، لكسب الكثير من المال وتحقيق النجاح الدنيوي الكبير. الأطفال الأذكياء يتجهون إلى سان فرانسيسكو بدلاً من نيويورك أو لندن، حيث يمولون شركاتهم الناشئة بمال الساحل الغربي، ويبنون شركاتهم مع مواهب الساحل الغربي ويرون صفقات بمليارات الدولارات تجري بين أعضاء مجموعة أقران الساحل الغربي التابعة لهم.
لا يوجد معنى للتحول إلى مصرفي استثماري على الساحل الشرقي للحصول على مشورة “خبير”، حول القرارات الاستراتيجية لتحديد مهنة ما عندما لا يكون هناك سبب ما للاعتقاد بأن الخبير لديه فهم أعمق لصناعتك أكثر منك.
وليس من قبيل المصادفة أن صعود الاندماج الضخم الحجم بناء على الوعي الداخلي، يتزامن مع صعود صناعة رأس المال المغامر ومقرها كاليفورنيا، كمصدر التمويل الوحيد الأكثر أهمية لشركات التكنولوجيا.
وبطبيعة الحال، لا يزال هناك طرح عام أولي وشركات عامة عملاقة: يوجد لدى كل من شركتي جوجل وأبل مجتمعتين قيمة سوقية تبلغ تريليون دولار. وادي السيليكون، كقاعدة عامة، لا يمول نفسه في سوق الأسهم أكثر من ذلك. وجاء تعويم شركة أبل في عام 1980 ومايكروسوفت في عام 1986، في الوقت الذي كانت فيه تلك الشركات تستثمر بكثافة في تطوير أنظمة ماكنتوش وويندوز.
الاكتتابات العامة لشركتي جوجل وفيسبوك لعام 2004 و2012 لم تعط تلك الشركات المال الذي يحتاجون إليه من أجل أي شيء. كان لديهم بالفعل أكوام نقدية كبيرة، وقد كسبوا مالاً أكبر بكثير منذ ذلك الحين.
كان تحوُّل الشركة الخاصة إلى شركة مساهمة عامة، وسيلة للسماح للمساهمين من تحويل الأصول الثابتة إلى نقد من أجل الربح، وليس وسيلة للاستثمار في المستقبل.
في هذه الأيام، إذا كانت ترغب شركة التكنولوجيا في جمع الأموال للاستثمار في توليد النمو، سوف تدعو أصحاب رأي المال المغامر المرتبطين جيداً، والذين يقدمون أكثر من مجرد المال. لدى وادي السيليكون ما هو أكثر من المال الذي يكفي لتمويل نفسه داخلياً. المصارف وأسواق رأس المال ليست هي اللعبة الوحيدة في تلك المدينة.
في الواقع، كثير من شركات التكنولوجيا تجد أن المصارف ليست ضرورية حتى، وذلك بناءً على ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز هذا الاسبوع. ولن يقدّم محلل بنك مورجان ستانلي المسلح بتوقعات التدفقات النقدية المنخفضة الأسعار والمنسقة بشكل جميل، قادر على مساعدة مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، ومعرفة ما إذا كانت قيمة “سناب تشات” مليار دولار أو 10 مليارات دولار، أو ما إذا كانت قيمة “واتس آب” ملياري دولار أو 20 مليار دولار. بعد كل شيء، زوكربيرج يعرف أفضل من غيره كيف أن التعامل الذي يبدو متفائلاً اليوم، يمكن أن يبدو يوم غد مثل صفقة القرن الرخيصة.
لا تستند الصفقات الكبيرة في وادي السيليكون اليوم على تآزر الشركات، أو على المبلغ الذي سترتفع إليه أرباح كل سهم بعد إبرام الصفقة، وبالتالي، فهم لا يستندون إلى ذلك النوع من الأشياء الذي يمكن أن يشكل نموذجاً للمصرفيين. (عدد قليل جداً من الشركات المستحوذ عليها، تحقق أي أرباح أصلاً؛ وبعضها يفتقر حتى إلى العائدات).
بدلاً من ذلك، يستندون إلى الصفات التي يعتبر من الأصعب بكثير تحديد حجمها. هل سيغير هذا المنتج التابع للشركة الطريقة التي يتفاعل فيها المليارات من الناس؟ هل تتم إدارته من قبل شخص صاحب رؤية من النوع الذي يمكن أن يتبين أنه منافس قاتل إذا أتى إلى الحظيرة اليوم؟
في مواقف من هذا القبيل، لا يهم إذا بالغت الشركة المستحوذة بدفع المال. لاحظ أنه لم يكن لدى شركات التكنولوجيا الكبيرة أبداً أموال أكثر مما لديها اليوم، وتجد أنه من الصعوبة أن تشغِّل أموالها كما يفعل الجميع.
المنطق وراء اقتناء شركة فيسبوك لتطبيق الواتس آب، منصة الرسائل على الهاتف الذكي والذي يتم استخدامه مجاناً، يعتبر بسيطاً: الاستيلاء على شريحة من الوقت الذي يمضيه الناس على هواتفهم النقالة والذي يعتبر أكثر أهمية من المال.
إنها تريد أن تصبح شركة التكنولوجيا السائدة في عصر الجوال، وذلك ليس المجال الذي تستطيع المصارف المساعدة فيه. في الواقع، قد تكون المصارف ضارة، حيث إنها تضيف طبقة إضافية من الاجتماعات وجداول البيانات التي تعمل على تثبيط مهمة الهدف المحتمل. المؤسسون لا يريدون التفاوض مع المصرفيين، إنهم يريدون التفاوض مع زملائهم المؤسسين، مثل لاري بيج أو زوكربيرج.
المصرفي ذو أزرار الأكمام الذهبية، والبدلة الغالية قد يكون مفيداً إذا كنت ترغب في شراء شركة عامة يديرها مجلس إدارة من علية القوم، أو رئيس تنفيذي معين. مثل هذه الصفقات هي الآن قليلة ومتباعدة. في وادي السيليكون المخصص لتحويل الطريقة التي نعيش بها، تعطل المصرفيون، لقد تحولوا من كونهم شرا لا بد منه إلى شر لا لزوم له، وليس هناك من أحد يبكي عليهم.