باسكال صوما
ينتظر اللبنانيون الافراج عن مشروع قانون التغطية الصحية بعد التقاعد، وان يصار الى تنفيذ فرع نظام التقاعد والحماية الاجتماعية، لضمان الحياة الكريمة والمستقرة. لكن لبنان الذي كان سبّاقاً مقارنة بالبلدان العربية، إذ كان أوّل من أنشأ «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي» في العام 1963، ما زال يتخبّط يميناً وشمالاً لجهة توسيع التقديمات وشمولها سائر العاملين بأجر. ويمكن القول إنّ العديد من الدول العربيّة التي تأخّرت في اعتماد نظام الضمان لديها، قد سبقته بأشواط بعيدة.
شهد افتتاح ورشة عمل «الإدارة الحديثة لمؤسسات الضمان الاجتماعي» التي تنظمها «الجمعية العربية للضمان الاجتماعي»، برعاية وزير العمل سجعان قزي في «فندق الكورال بيتش»، الكثير من الكلام المعسول، حتّى يكاد السامع يقتنع بأنّ الضمان في لبنان بألف خير، ولا شوائب ولا مشكلات ولا حتّى نواقص.
فبينما يرى قزي أن «صندوق الضمان يعمل لخدمة المواطن وتأمين الضمانات بقدر إمكاناته»، مشيراً إلى أن «توصيات خلوة الضمان التي عقدت قبل أسابيع بدأت البسيطة منها بالتطبيق، بينما ينتظر أن تنفّذ كلّها لاحقاً»، يعلن رئيس «الاتحاد العمالي العام» غسان غصن عبر «السفير» أنّ «يوم غد الأربعاء سيجتمع الاتحاد في المجلس النيابي مع أصحاب العمل واللجنة النيابية المختصة لبحث موضوع التغطية الصحية لكل المضمونين بعد بلوغهم السن القانونية». ويضيف: «كنّا أعلنّا أنّ سنة 2013 ـــ 2014 سنة الضمان الاجتماعي، ولذلك أنجزنا كامل المشروع المتعلق بالتغطية الصحية للمضمونين».
العقبات
ويرى غصن أن «أولى العقبات أمام مؤسسة الضمان هي القصور في التعجيل بتطوير الإدارة، خلافا للعمل الذي تقوم به بعض المؤسسات الخاصة، وبالتالي فإنّ بلادة العقل الإداري العام والروتين الذي يحكم القرارات، يشكّلان أزمة حقيقيّة للصندوق».
ويلفت الانتباه إلى أن «بعض الإجراءات البسيطة لتطوير الإدارة، بدأت تطبّق لا سيما لناحية تبسيط المعاملات، إلاّ انه من الضروري تحديث أنظمة المكننة التي لا نقصد بها استخدام الحاسوب، إنما تطوير النظام الإداري والتقني داخل المؤسسة». ولا يخفي غصن تأثير الفساد الإداري وما يرافقه من رشى وفوضى، مشيراً إلى أن «الفساد الإداري ليس في مؤسسة الضمان فقط، بل في كلّ الإدارات والمؤسسات العامّة، وهو نتيجة الفساد السياسي، الذي يحتاج إلى محاسبة من الشعب».
تأخير ساعة
وصل قزّي إلى حفل الافتتاح بعد تأخر أكثر من ساعة، وبدأ كلمته مرحّباً بالحضور العربيّ، ثمّ مرحّباً بالحضور المحلّي، «لأنّ مشقّة التنقّل في لبنان أصعب من السفر، بسبب زحمة السير الكثيفة على الطرق».
وبابتسامته المعهودة قال قزّي: «بيّنت الإحصاءات أن 87 في المئة من المشاركين في استطلاع رأي في الولايات المتحدة الأميركية، أكّدوا أن الضمانات الاجتماعية هي المعيار الأوّل لانتخاب رئيس للجمهورية، بينما نحن في لبنان ننتظر الضمانات الخارجية لانتخاب رئيس».
ورأى أنّ «العديد من الثورات والحروب والتوتّرات في عالمنا العربيّ كان يمكن تلافيها، لو كانت الدول تأخذ المنحى الاجتماعي بعين الاعتبار وتعطي الإنسان الضمانات الاجتماعية كما يجب».
من جهته، شدد رئيس المكتب التنفيذي لـ«الجمعية العربية للضمان الاجتماعي» المدير العام للصندوق الوطني للضمان محمد كركي على أهمية الورشة التي تهدف إلى التعرف الى الأساليب الحديثة في الإدارة لتطوير مؤسسات الضمان في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه البلدان العربية». وأوضح أن «دور الجمعية يتمحور حول تعزيز وتطوير أنظمة الضمان الاجتماعي في الدول العربية من خلال التطور التشريعي والفني والاداري وتبادل الخبرات والمعلومات بين الأعضاء، وإعداد الدراسات والأبحاث اللازمة».
وكانت افتتحت الورشة بكلمة «منظمة العمل العربية، ألقاها مدير المركز العربي للتأمينات الاجتماعية الدكتور خالد يس، بحيث تطرّق إلى «دور المنظّمة في العمل على تطوير أنظمة الضمان في البلدان العربية، عبر تنظيم الندوات والاجتماعات»، مشيراً إلى أن «على مؤسسة الضمان أن تتمتّع بالحوكمة والشفافية كونها تتعاطى مع ملايين الفقراء وأصحاب الدخل المحدود».
جلسات عمل
ورأس جلسة العمل الأولى رئيس «المجلس الاقتصادي والاجتماعي في لبنان» روجيه نسناس، داعياً إلى «تعميم فكرة المجلس في البلدان العربية، كونه يمثّل في الظروف العادية حاجةً في الدول الساعية إلى التعافي الاقتصادي والاجتماعي، وإلى تنمية مستديمة». ثمّ استدرك قائلاً: «أما في الأوضاع الدقيقة التي يشهدها بلدنا وبعض البلدان العربية، فيشكل المجلس الاقتصادي والاجتماعي حاجة وضرورة». ورأى أنه «حتى يؤدي الضمان دوره بشكلٍ أفعل، لا بد من تحديث تنظيمه الاداري وتطوير قانونه، فالبلد يحتاج إلى ارساء مفهوم تضامني يهدف في الوقت نفسه إلى تفعيل الحركة الاقتصادية، توطيد العدالة الاجتماعية، وتأمين التنمية المستدامة»، مؤكدا ان»رسالة الضمان الاجتماعي تتحقق اكثر حين يشكل الضمان حافزا للتنمية، ولا ندفع به ليكون عبئا»، وقال «لقد سبق للمجلس الاقتصادي ان وضع في العام 2000 دراسة تناولت الخطوط العريضة للتعديلات المقترحة من الدولة للنظام الاداري، والى استكمال المشروع المحال لجهة نظام التقاعد والحماية الاجتماعية».
أما الجلسة الثانية فرأسها المدير العام لـ«الضمان الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية» منصف السيالة. وتستمرّ ورشة العمل لثلاثة أيام، تتضمّن جلسات عمل متنوّعة.